22 ديسمبر، 2024 7:49 م

عكال ثورة العشرين واعكال انتخابات 2018)

عكال ثورة العشرين واعكال انتخابات 2018)

شالعقال محترم فهو من أجج الثورات وطرد المحتلين وما تزال الأهازيج في ثورة العشرين ماثلة في أذهان الناس وقلوبهم ، لكنه للأسف انصاع لانهيار منظمومة القيم العراقية في الوقت الحاضر، حتى غدا للبعض أضحوكة ومجالاً للتندر، وهذا رجل عجوز ذهب الى الزيارة، وهو بعد تواً قد خرج من الصحن، فسمع احدهم ينادي: (اتفضل يزاير)، جلس للغداء وعندما شبع نهض يريد المغادرة، فاعترضه عامل المطعم يطالبه بثمن الغداء، احتج الرجل بأنه دخل متصوراً أن الأمر ثواب كما في المواكب، فقالوا له انه مطعم وعليه ان يدفع، فقال لهم انه لا يملك من المال شيئاً، فاخذوا عباءته ( الخاجيه)، ثم ذهب الى دورة المياه وخرج وهو يتصور ان الأمر مجاناً (بلاش)، فاعترضه احدهم: فلوس حجي، فقال: (عمي ما عدي)، فاخذ عقاله، وعاد الحجي الى البيت بلا عباءة ولاعقال، فاستقبلته زوجته: (ها زاير وين عباتك ووين عكالك)، فرد عليها: (العبايه اتغديت بيها والعكال زربت بي) ، يقولون ان النساء كنّ يلبسن العقال الى عهد قريب، وان كسرى ملك الفرس أراد إذلال العرب فألبسهم العقال ليتشبهوا بالنساء، هذه رواية، ورواية أخرى ان العقال ما تعقل به الناقة أثناء استراحتهم وعندما يرحلون يرفعونه فوق رؤوسهم خوفا عليه من الضياع، والرواية الأخرى ان العرب في الأندلس عندما انهزموا لبسوا العقال الأسود دليلاً على حزنهم لضياعها، وهناك من يقول انه السوط الذي تجمع به الإبل، والأغنام وعند الفراغ من جمعها يوضع على الرأس، ثم تطورت الحالة فصار يرمز الى كرامة العربي وعزته، وان الرجل حين يخلع عقاله فهو أمام أمر عظيم ربما يصل الى الدية او الحرب.

الآن تراه صباحاً يرتدي الجينز والتيشيرت الأحمر ومساء يضع العقال والعباءة ويجلس متربعاً، فيناديه من حوله بالشيخ، وربما حضرت مجلس فاتحة، الجميع ينادي الجميع بالشيخ، نظرت ملياً فلم أجد سواي لست شيخاً على احد، الجميع شيوخ والجميع منظرون والجميع سياسيون، فاختلط في النهاية الحابل بالنابل، واتى المهاويل ليضيفوا أمراً آخر، وهو التغني بأمجاد هؤلاء الشيوخ المحدثين ثم وضع نتاجاتهم على اليوتيوب، فاستغل السياسيون الأمر ورأوها دعاية انتخابية كبيرة، فصارت الأموال تدفع ليخلع الشيخ عقاله ويهوس أمام السياسي، أو ربما يخلعه استجابة لاستجواب سياسي او ديني، العشيرة الآن قوية كما لم تكن من قبل، لكنها تبقى تخاف رجال الدين، وحتى هذه اللحظة لا تقترب من كوم السيد، فقد درج إقطاعيو زمان على تقسيم الحاصل ، الى كوم الشيخ وكوم العشيرة وكوم السيد، كوم السيد لا يقترب منه احد بينما كوم العشيرة يذهب أيضا الى جيب الشيخ، وفي بعض الأحيان يصبح المهوال شيخاً، وربما صار الشيخ مهوالاً احتراما للسيد، فخرجت منه مفردة ما أدت الى احراجه وخلع عقاله في لحظات، انا رأيت في عام 91 رجالاً يقادون بالعقال إبان الانتفاضة، يضع جندي الحرس عقاله في رقبته ويسحبه سحبا، ذلك العقال كان نظيفاً ناصعاً، الآن نحن نستقي تعاليم حياتنا من مصدرين، الأول والمؤثر هو العمامة، ونلغي خلاله تحصيلنا العلمي وشهادات الدكتوراه والماجستير في علم الاجتماع وعلوم أخرى مهمة، والمصدر الآخر العقال، وتتراوح الأهمية والتأثير من زمن الى آخر، فمرة يصبح العقال هو السيد ومرات عديدة تكون العمامة هي السيد، حتى تقترب الانتخابات فيتوحد الاثنان في الحث على الخروج الى الانتخابات وانتخاب الأصلح، وكأن الناس لا يرون شيئاً وينتظرون الفتوى التي تجيز للفاسد الاستمرار بسرقة الوطن بصك غفران لا يمكن ان يكذبه احد او يمسه من قريب او بعيد، الانتخابات لن تأتي بجديد ان قال فلان او قال علان، وهي كسابقاتها ستأتي بنفس الوجوه انها مشكلة شعب انهارت لديه منظومة القيم ولا يمكن للفساد ان ينتهي الا بصرامة القانون وتفعيل وزارة العدل، لا فتوى تنفع ولا فريضة عشاير، فالقضية تشبه عكال الزاير .