6 أبريل، 2024 8:34 م
Search
Close this search box.

( عكالك )عنوان عفافك!والتزامك بالتكليف الشرعي

Facebook
Twitter
LinkedIn

كل الكوارث التي حلت بالعراق في القرن الماضي وبداية هذا القرن والتي ذهب ضحيتها الملايين من العراقيين مع هدر ثروات خيالية كان سببها الاول والاخير هو البنية التحتية الاجتماعية الرثة للشعب العراقي التي لاتصلح الا لمجتمع يعيش في القرون الوسطى . هذه البنية الاجتماعية الرثة شيدها شيوخ الدين وشيوخ العشائر قبل ظهور الدول الحديثة من اجل حماية مجموعة صغيرة من الناس تسمى( العشيرة ) من خطرالمجموعات الاخرى ( العشائر ) نتيجة انعدام القانون وشيوع شريعة الغاب . عند تاسيس الدولة العراقية الحديثة بداية القرن الماضي كان من المفروض ان تتفكك هذه العشائر وتذوب بالدولة التي وجدت بالاساس من اجل حماية الناس ورعاية مصالحهم . لكن الذي حدث هو العكس تماما فالدولة اصبحت تتقوى وتداهن العشائر من اجل حماية نفسها من التمرد والعصيان العشائري . ولم تنتهي هذه العلاقة بين العشائر القديمة والدولة الحديثة الا بعقد السبعينات من القرن الماضي الذي كان يمثل العصر الذهبي للعراق وفيه تم استخدام قوى الدولة المادية والمعنوية لتصفيةالمؤسسة العشائرية التي كانت تمثل قوى متنفذة متخلفة داخل الدولة الحديثة واصبح يعاقب كل مواطن يجاهر بانتمائه العشائري ومنع ذكر اسم العشيرة بدوائر الدولة . ولكن عندما اختطف الجناح البعثي الصدامي العراق نهاية عام ١٩٧٩ وكان ذو ميول عشائرية ريفية عاد كل شيء الى حاله الشاذ السابق بل اسوء فمثلا كان لي صديق انذاك اسمه(عباس الجبوري) يعمل موظفا عندما سالت عندما سالت عنه بمقر عمله قالوالايوجد هذا ولكن يوجد موظف اخر اسمه ( عباس التكريتي ) عندما التقيت به وكان معلق بطاقة التعريف على صدره سالته( عباس لماذا زورت لقبك الى التكريتي ) اجابني مبتسما(عمي اسكت ترى ضرطت ) ومن السخرية نفس الشخص بعد ٢٠٠٣ انتقل الى محافظة اخرى وزور لقبه الى ( عباس الموسوي ) وكان يقول ساخرا امريكا نقلت السلطة بالعراق من الصحابة الى ال البيت . ان فترة الحصار الطويل بتسعينات القرن الماضي كان العصر الذهبي للعشائرية بالعراق نتيجة ضعف الدولة الكبير وظهرت بعد السقوط ٢٠٠٣ بابشع صورهاالبدائية الهمجية عندما غذتها ( القوى الخفية ) ماديا ومعنويا حتى يبقى المجتمع العراقي متخلف يعيش بعصر ( الادولة ) ولهذا دمرت المنظومة الامنية والقضائية والاكاديمية للدولة العراقية لدرجة ان الضابط والقاضي والاستاذ الجامعي اصبح يقبل يد شيخ العشيرة او شيخ الدين من اجل حمايته وحماية اسرته . وثمن هذه الحماية طبعا هو ابتلاع الدولة الشكلية التي يعمل عندها هؤلاء كموظفون . حتى اصبح الكثير من شيوخ العشائر والدين المرتبطون بالقوى الخفية يرشحون او يتوسطون للحقوقيين والطلبة والخريجين ليقبلوا بالمعهد القضائي او الدراسات العليا او الكليات العسكرية لكي يصنعوا لهم اتباع في الدولة الشكلية من القضاة والاكادميين وضباط الجيش والامن يشكلون بهم دولة موازية للدولة الشكلية يتحكون بها من دواوينهم العشائرية وحسينياتهم وجوامعهم وهذا هو تفسير لماذا لايمكن مكافحة الفساد بالعراق . بلا شك ان مشيخة العشيرة ومشيخة الدين هي وجاهة مالية واعتبارية لهذا هي تنشب اطافرها بقوة داخل المجتمع العراقي وتجره جرا الى الحضيض لكي يبقى متخلف يجتر ( يستهلك – يستورد ) كل ماديات الحضارة الحديثة بواسطة البترودولار بدون روحها (ثقافتها وتقاليدها وطريقة تفكيرها ) بحجة انهاتهدد القيم والتقاليد الاجتماعية والهوية الوطنية والدينية . وبهذا صنعوا مجتمعا انسانيا مصاب بانفصام الشخصية والضعف والشعور بالدونية لكي يسهل السيطرة عليه واستعباده . ان مايحز بالنفس ان نشاهد اعدادا هائلة من شباب العراق ( محجبون – معكلون ) ويفتخرون بهذا وكثير منهم مظللون ويعتبرون هذا رمزا للشرف والرفعة بينما هو في الواقع رمزا للعار والتخلف والهمجية . يمكن ان نتفهم تحجب النساء بالجملة في العراق في زمن الرجل لايستطيع فيه حماية نفسه .. ولكن لماذا ؟وكيف يمكن نتفهم ؟ ان (يتحجب – يتعكل ) الرجال بالجملة خاصة الشباب . هؤلاء يتحجبون بدل ان يعلموا على تحرير بنات بلدهم من العبودية والظلم والشكليات التافهة مثل (الحجاب ) بذريعة الحفاظ الشرف والعفة والتكليف الشرعي بالغابة .. ياترى كم مليون سنة يبقى المجتمع العراقي يعاني حتى ينجب رموزا عقلانية وانسانية حداثية مثل المرحوم ( الحبيب بو رقيبة او الباجي قائد السبسي ) . لماذا المجتمع العراقي عقيم لاينتج الا الرموز والنخب الطفيلية التافهة والانانية !! التي تجذر التخلف الاجتماعي والحضاري !!؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب