18 ديسمبر، 2024 10:05 م

عقيل مهدي.. أول وزير مثقف يقود وزارة الثقافة في العراق    

عقيل مهدي.. أول وزير مثقف يقود وزارة الثقافة في العراق    

مهما كانت مخرجات الحراك الشعبي والجماهيري للشارع العراقي, فان المشهد السياسي قد تمخض عن موقف حاسم كشف فيه السيد العبادي جرأة كبيرة وانتماءا فذا وشجاعة عراقية, عكست مستوى تفاعله مع هذا الحراك, وبالتالي فان موقف السيد العبادي بقدر ما يمثل استجابة طبيعية ولد من رحم هذا الحراك, فانه كشف عن حقيقة انه لم يكن من سياسيي الصدفة بل انه سياسي واقعي فاعل ومتفاعل مع حاجات الشعب وما تستلزمه طبيعة التحولات السياسية وضرورات المرحلة الراهنة التي تستوجب تبني مشروع بناء دولة مؤسسات على أسس مهنية, وهذا المشروع يستدعي بالضرورة تكليف شخصيات من التكنوقراط من ذوي الخبرة العلمية والميدانية في مجالات تخصصاتهم وحقول عملهم, وهذا ما وقف عنده السيد العبادي بشجاعة وجرأة, يدعمه في هذا الموقف جميع العراقيين الشرفاء المهمومين بقضايا الوطن ومستقبله..           

واذا ما كان لنا أن نتوقف عند عديد الأسماء والشخصيات التي قدمها السيد العبادي الى مجلس النواب, فاننا كمعنيين في الميدان الثقافي نقف باعتزاز عند اختيار السيد العبادي لشخصية الدكتور (عقيل مهدي) لوزارة الثقافة, ليس فقط لأنه أول وزير ((مثقف)) سيقود وزارة الثقافة, منذ تأسيسها في العراق الى اليوم, وإنما فضلا عن ذلك فهو شخصية أكاديمية حققت حضورا لافتا في المشهد الثقافي العراقي الراهن سواء كان على مستوى الإنجاز الفكري والنظري الذي تمثل بانجازه عدد من المؤلفات التي أخذت مساحة مميزة في المكتبة العراقية والعربية وشكلت مصدرا علميا رصينا لطلبة الدراسات العليا, وهو مؤلف مسرحي كتب مجموعة من النصوص المسرحية التي تحمل بصمتها العراقية وتؤكد هويتها الوطنية وهو يقدم عبر نصوصه تلك العلامات التي منحت الحياة العراقية نكهتها وطابعها المميز من خلال تقديمه السيرة الممسرحة لشخصيات مثل (رحلة السياب) و(جواد سليم يرتقي برج بابل) و(علي الوردي وغريمه) و(جمهورية الجواهري) و(الحسين الآن), وغيرها من النصوص التي تحمل روحها العراقية المميزة, كما إنه مخرج مسرحي قدم للمسرح العراقي والعربي قراءات إخراجية متقدمة على المستوى الفني والجمالي لنصوص مسرحية عالمية, وما بين التأليف المسرحي والإخراج تختزن الذاكرة الثقافية العراقية جرأته العالية ومواقفه العراقية الوطنية الشجاعة عندما قدم مسرحية (طرزان آخر زمان) والتي كانت صرخة مدوية بوجه الدكتاتور عندما قدمه على إنه طرزان زمانه, مع تقديمه المميز للملحمة العراقية الخالدة كلكامش برؤية حداثوية.   ولم يكن حضوره على مستوى الإداء الإداري حضورا تقليديا أو عابرا عندما كان عميدا لكلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد, بل كان حضورا فاعلا ومتميزا من خلال تفانيه العالي وروحه المثقفة ووعيه التقدمي في دعم وإحتضان مشاريع وأعمال جميع الطلبة, مع تشجيعه لجميع زملاءه الأساتذة على التواصل العلمي والتميز الأكاديمي, فشهدت هذه الكلية خلال إدارته تميزأ وحضورا كشف عن شخصية المثقف والأكاديمي عندما يتصدى لموقع المسؤولية..   ولعلنا نقرأ في إختيار الدكتور عقيل مهدي لوزارة الثقافة, إن السيد العبادي كان يدرك أهمية اختيار شخصية تمتلك كل هذا الرصيد والحضور المميز والشخصية المتوازنة, ليحظى العبادي من خلال إختيار الدكتور عقيل مهدي بدعم شريحة كبيرة من المثقفين والإدباء والفنانين وأساتذة الجامعات الذين تختزل صورتهم الناصعة بالمفكر والمثقف والناقد والفنان والأكاديمي الدكتور عقيل مهدي..