23 نوفمبر، 2024 5:18 ص
Search
Close this search box.

عقيدة اليهودي “هلدبراند” في اثر اليهود في حركة الانشقاق الديني المسيحي

عقيدة اليهودي “هلدبراند” في اثر اليهود في حركة الانشقاق الديني المسيحي

قراءة وعرض
ظهرت عقيدة اليهودي التائه  في أورشليم ( القدس ) حيث  كانت محكمة قد عقدت فيها محاكمة السيد المسيح بطلب من اليهود. واصدر الحاكم الروماني ( بيلاطس البنطي Pontius Pilate) حكمه – دون رغبة منه – بصلب المسيح نزولا على إرادة اليهود و كانت العادة أن يحمل المحكوم صليبه على كتفيه من المحكمة حتى ساحة الصلب. فحملوا المسيح صليبه و كان ثقيلا فناء به و عندما وصل الى باب المحكمة تباطأ قليلا ليستريح و صادف وقوفه قرب رجل يهودي اسمه ( كارتافيلوس Cartaphilus ) يعمل بوابا في قاعة المحكمة. فما ان رآه متباطئا حتى ضربه على ظهره يستحثه على الإسراع و قال له (( اذهب لا تتأخر )) فنظر المسيح اليه و أجاب ( أنا ذاهب و اما انت فستنتظر حتى أعود)  Ency.Br.Vol.23 P.187) )
و ذهب المسيح فصلب في المكان المسمى بالجمجمة أو ( الجلجثة Gilgotha ). إما كارتافيلوس اليهودي فقد حل عليه دعاء المسيح بالخلود و بقى حيا ينتظر عودة السيد و موعدها يوم القيامة ( The Last Judgment ). و راح يجول في الآفاق كئيبا ذليلا رجيما كإبليس يتمنى الموت ليستريح فلا يدركه. و في كل مائة عام أو نحوها يصاب بمرض عضال و يروح في سبات عميق يفيق منه شابا قويا ليعاود التجوال مائة عام أخرى و هكذا دواليك. ( ديورانت/26/130)
عقيدة اليهودي التائه هذه توظفها الدكتورة ريا رياض حمود السعدون في أطروحتها الموسومة (اثر اليهود في حركة الانشقاق الديني المسيحي ) , لكنها تستشهد برواية موجزة وتفيد إن السيد المسيح وأثناء عملية صلبه ضربه يهودي فتنبأ له المسيح بأنه سيطول عمره حتى يظهر من جديد ويعلن توبته ويتحول إلى المسيحية وهي من ابرز علامات اليهود عند المسيحيين وقد استغلها اليهود فنشروا آنذاك فكرة ظهور ذلك الشخص في أديرة ايطاليا وألمانيا وفرنسا مما أثار ضجة كبيرة  خصوصا بعد أداء قساوسة تلك الأديرة القسم بأنهم رأوا وتناولوا معه العشاء.
وهذا يؤكد وكما تقول “د.ريا” على ان اليهود حرصوا على ترسيخ مفهوم الظهور ومزامنته مع تلك الحملة الصليبية وهيئوا لذلك بواسطة عقيدة اليهودي التائه  المذكورة في الإنجيل والتي تعني قرب الظهور.
في العصور الوسطى ظهرت في أوربا قوة إقطاعية ذات ايديولوجيا كنسية وترتكز على ركيزتين هما الكنيسة الكاثوليكية والإمبراطورية الرومانية المقدسة نبذت اليهود ومارست معهم جميع أشكال الاضطهاد والاستلاب لأنها تعد فرض العيش المهين على اليهود وسقوط أورشليم وشتات اليهود عقاب من الله لليهود على صلبهم المسيح .
فاختارت هذه القوة الإقطاعية الكنسية عائلة البيرليوني ,وهي أسرة يهودية تعد من أشهر العوائل في روما للتغلغل في المسيحية لإيجاد فجوة في جدارها الديني وتوظيف الأصولية اليهودية في البناء المسيحي  وغوص الفلسفة العبرانية في الدين المسيحي .
سيطر أفراد البيرليوني على كنيسة روما واعتلاء الكرسي البابوي فكان اخطر اختراق يهودي للكنيسة الكاثوليكية وصعود شخصية من البيت البيرليوني اليهودي الى الكرسي الفاتيكاني وهو جراتيان بيرلوني وكان تحت اسم البابا غريغوري السادس الذي قرر التنازل عن كرسي البابوية بسبب أحداث ترويها الباحثة القديرة , فيختار من المانيا مكانا لاستقراره الجديد بدلا من الأديرة والأراضي الايطالية حاملا معه أشهر شخصية في التاريخ الأوربي والأكثر غموضا على الإطلاق , حيث كان الغاية من مرافقته لتلك الشخصية هي إعدادها لما يناط بها من مهام مستقبلية , تلك الشخصية هي هلدبراند الذي أصبح فيما بعد البابا غريغوري السابع.
وبالرغم من التساؤلات والغموض التي أحاطت بتلك الشخصية  وأشارت احد المصادر إليها بأنه ليس يهودي وليس من عائلة البيرليوني الا ان د.ريا السعدون مع يهودية هلدبراند وترى انه فعلا ابن ذلك الرباني لما تمتع به من دهاء قيل انه ورثه عن والده .
كان هلدبراند وبامتياز سفاح الفاتيكان الأول وهو ماثبت ضده في مؤتمر بروكسن عام 1080 عندما أعلن القساوسه في ذلك الاجتماع اتهامهم الصريح لهلدبراند بقتل البابوات الخمسة السابقين لتوليه الكرسي البابوي.
وظف هلدبراند جميع تناقضاته لتنفيذ خططه بدهاء ,ففي الوقت الذي حرم فيه على رجال الدين حمل السلاح قام بإعداد ميليشيات مسلحة في روما كان الغاية منها الدفاع حين اللزوم عن الخطط الهلدبراندية وهو ما كان يتوقع حدوثه ومن خلفه أسرة البيرليوني.
ومع اعتلاء البابا فكتور الثاني الكرسي البابوي وكان ارتقائه ينذر بسوء الطالع ,فقد عادت الوصفة الهلدبراندية بالقتل فوقع “فكتور الثاني” صريعا ذلك السم الخاص بالبابوات مما ترك فسحة لهلبراند لإظهار مدى سيطرته على البابوية وعدم فسح المجال للمناوئين في انتهاز الفرصة وسحب البساط من تحت قدميه .
وعلى اثر أحداث تذكرها الباحثة القديرة وجدا هلدبراند ضرورة إحكام السيطرة على البابوية  والارتقاء بتلك السلطة وإخراجها من سيطرة الإمبراطورية التي لطالما كان لها الحق في اختيار البابا وليجعل من السلطة الدينية سلطة أعلى من السلطة الزمنية .
ثمة ظروف وأحداث ومجريات ترويها دكتورة ريا السعدون في أطروحتها عن اتجاهات هلدبراند الكنسية ذات السلوك المنحرف , حيث توفرت بيئة ملائمة له جعلته أن يعتقد إن الأوان قد آن لارتقاء منصب البابوية فسقى البابا نفس الكأس الذي سقا منها سابقيه ولم يطرح اسم آخر لارتقاء الكرسي البابوي بل رحب بذلك المنصب وقبل باعتلاء الكرسي البابوي عام 1037 باسم “جريجوري السابع” بعد أن دفع المسيحيين أرواحهم ثمنا لكل المخططات التي وضعها للسيطرة على عرش البابوية المسيحية الذي لاقى منها اليهود الأمرين في القرون السابقة .
النزوع الانفرادي في السيطرة دفعت هلدبراند الى اتخاذ قرار يحرم فيه عمل رجال الدين من المتزوجين وعزلهم عن الوعظ في الكنائس مالم يقوموا بالانفصال عن زوجاتهم , وهذا القرار المتعلق برجال الدين والذي صدر عام 1074 أجج ضده اعتراضات منقطعة النظير في كافة انحاء العالم المسيحي حتى ان بعض الكنائس رفضت الانصياع وهو بذلك اوجد انقسام داخل الكنيسة الكاثوليكية .
وانفصال الكنائس هذا لم يمنعه عن التمادي عن قراراته فاصدر قرارات أخرى وأضاف إليها مرسوما يمنح فيه لنفسه الحق والقدرة خلع الحكام في حين ان الآخرين لا يملكون الحق في خلع البابا لان سلطة البابا مستمده من الله على حد زعمه في حين سلطة الإمبراطور ممنوحة من البابا ,وقد  خانه ذكائه في ذلك المرسوم واظهر نفسه كدكتاتور علماني يطمح الى السيطرة على العالم …..
هذا موجز يمثل جانبا من اطروحة الدكتورة ريا رياض حمود السعدون والموسومة (اثر اليهود في حركة الانشقاق الديني المسيحي ) وهي اطروحة ممتعة ومفيدة وجديرة بالقراءة .       

أحدث المقالات

أحدث المقالات