الكثير منا وليس الجميع يبني أماله واحلامه على المال ويضع له قيمة أكثر من قيمة البشر، وكأن المال هو الذي يحدد قيمته وليس دينه و أخلاقه وما يؤمن به، فهو أصبح في الآونة الأخيرة له أهمية كبيرة جدا، فأصبح بعض البشر يرمي خلفه دينه وأسرته وكل شيء خلفه من أجل المال، وكأن حياته ستنتهي إذا لم يكن المال موجود، فبعض المجتمعات وليس جميعها تحدد قيمته من خلال ثروته التي يمتلكها، لا نستطيع أن ننكر أن المال هو مفتاح الحياة الآن ولكن ليس هو مفتاح للحصول على حب الناس واحترامهم أو الحصول على السمعة الحسنة، فهناك من يمتلكوا المال ولكن ليس لديهم السمعة الحسنة، ولا يحبهم الذين من حولهم، فالحب أو السمعة الحسنة هذا كله لا يأتي به المال، لا نستطيع أن نقول أنه يصنع المعجزات لأنه عكس ذلك تماما، ولا نستطيع أن نقول أنه من خلاله باستطاعتك أن تملك الصحة والنسب الكبير وهذا ليس بصحيح، لأنك إذا لم تولد في أسرة تنتسب إلى هذه القبيلة الكبيرة في النسب فلن تكون منها مهما امتلكت من المال، ولا نستطيع أن نقول أنه هو من يصنع العلم ولكن هو وسيلة لدفع مصاريف العلاج ودفع مصاريف الدراسة، ولكن الشفاء من المرض والنجاح في الدراسة بيد الله فقط، فهناك من يملكوا المال لدراسة في أرقى الجامعات ولكنهم لا ينجحوا أو لا يدرسوا جيدا ليس جميعهم، وهناك من لا يملكوا المال ولكنهم يريدوا إكمال دراستهم وينجحوا في دراستهم ويكملوا الدراسة ويتفوقوا فيها، وهناك من يملكوا الثروة الكبيرة تجعلهم ليسوا بحاجة للعمل طوال حياتهم ولكن ليس لديهم السمعة الحسنة، فالجميع يرى الذي يفعلونه ويكن لهم في داخله صورة قبيحة جدا، فالمال ليس هو طوق النجاة من مشاكل الحياة، فهو وسيلة لجعلك لا تطلب المساعدة المادية من أحد، ولكن مع ذلك مهما أمتلك البشر يبقى هناك شيء يجعل البشر لا يكفوا عن الاحتياج له ، فنحن بشر إذا كانت جيوبنا تحوي الكثيراََ من الأموال سنحتاج إلى قلوب وعقول لكي تحافظ لنا على ثروتنا وتجعلها تكبر أكثر فأكثر ، وتكون لنا سلطة أكثر ، لا نستطيع أن نظلم أصحاب الأموال، وننظر لهم أنهم ليس لديهم احتياجات، ولكن حاجتهم يصعب على المال أن يشتريها فالعقول والقلوب لا ثمن لها فإما أن تحبك وإما أن تجعلك في أقل مكانة كنت تنتظرها، وهذا ما يحدث في الغالب، فتجد رجل ثري جدا أو امرأة وثقوا في أحد وجعلوه مقرب لهم جدا، وجعلوه يطلع على أدق تفاصيل حياتهم، وبذلك أصبح سر عملهم في يده وبستطاعته إذا لم تكن له أمانة أو لا يكن لهم الحب والاحترام، أنه سيفشي أسرار عملهم لمن يحاربوهم في السوق لكي يحصل على مال أكثر، ولأنه يقف خلف من يدفع له أكبر ثمن، فمن أعطاك قلبه وعقله في العمل أو الحب لن يبيعك ولو بأغلى ثمن، والقلوب والعقول هي أصعب شيء ولا يمكن الحصول عليها بسهولة، فهي بيد الله سبحانه وتعالى، ولا مال أو أحد يستطيع الحصول عليها، إذا لم تأتي هي بارادتها فلن تكون لك، فاصحاب القلوب والعقول الصادقة يجعلها لا تصل لشي كبير جدا بسرعة، لأنها لا تفتح بابها لمحرمات، ولأنها ترفض الأوامر التي لا تؤمن بها ولأنها لا تستطيع أن تجامل على حساب دينها وأخلاقها، ولا تريد أن تقول عكس ما تؤمن به، لذلك تجدهم يتجاهلونها، وبذلك يقربوا القلوب الكاذبة، والعقول التي لا تؤمن إلا بمصالحها هي على حساب غيرها، ويمكن أن تفعل ما لا يخطر على البال لكي تكسب ثقتك،وفي فيلم العائلة المسمومة أنتج عام 1985يعطيك نموذج للرجل الذي يبيع كل شي بحث عن المال وليس لديه صدق أو أمانةمن بطولة الفنان فريد شوقي والفنانة نادية لطفي، يتحدث الفيلم عن عائلة مشتتة تريد من ينفذ اوامرها ويكون قلبه وعقله تحت سيطرتها، فدخل في حياتهم رجل قلبه وعقله لمن يدفع الثمن أكبر، وكان يريد فقط الحصول على النفوذ والثروة من خلالهم، وأصبح ينفذ اوامرهم دون تفكير منه، مهما كانت على خطأ أو صواب لا يهمه، و يفعل ذلك لكي يكسب ثقتهم، ويدخل لهم من خلال أدق تفاصيل حياتهم، والمشاكل التي يمروا بها، وبذلك اعتقدوا أنه رجل مثالي، وهو عكس ذلك، فهو دخل في علاقة غير شرعية مع زوجة الرجل الذي يعمل معه، وجعلها تعطيه أموال لمشروع اوهمها أنه صحيح، وأيضا دخل في حياة ابنتها وساعدها لكي تنفصل عن زوجها، ودخل معها في علاقة حب رغم أنه كانت تربطه علاقة غير شرعية بوالدتها، وعندما مرض صاحب العمل بمرض خطير، ولم تساعده ثروته أن يتخلص من هذا المرض، وأيضا المال الذي يملكونه لم يصنع لهم السمعة الحسنة، فزوجته كانت سمعتها السيئة وكانت تدخل في علاقات غير شرعية مع الرجال، وابنته أيضا تفعل مثلها، وابنه تعلق وتزوج براقصة تستغله لكي تحصل على ماله لا أكثر، كل هذا يجعلك تدرك أن السمعة الحسنة والشرف والأمانة وحب الناس لا ثمن لهم، فإما تجدهم دون تعب منك أو لا تجدهم، فليس لهم ثمن فهم رزق من الله سبحانه وتعالى، وليس الجميع يجدهم،وفي فيلم قبلني في الظلام نموذج للرجل الصادق الوفي انتج سنة 1959من بطولة الفنان حسن فايق والفنان شكري سرحان والفنانة هند رستم، وفي هذا العمل ترى الرجل الأمين رغم فقره وحاجته عندما وجد محفظة تحوي على نقود كثيرة، ورغم أن عليه ديون كثيرة وسيطرد من منزله، ورغم أنه لا يعرف صاحب المحفظة، ولكن عندما وجدها اعادها لصاحبها، وعندما أعطاه صاحب المحفظة المال رفض أخذه، و لم تسمح له عزة نفسه أن يأخذه، وصاحب المحفظة أعطاه وظيفة في شركته، وبذلك هو عقله وقلبه يحويان الصدق والوفاء لأن هذه الصفات تأتي بالإيمان بالله والخوف من غضبه، والاستشعار بأن مهما كان فرحمته وسعت كل شيء، رغم أنه كان لا يجد الطعام أو الشراب، وحتى منزله الذي يعيش فيه طرد منه، لكنه لم يبع قلبه وعقله للشيطان فالامانة والوفاء والصدق تجريان في دمه، وهذه النوعية من البشر يحتاجه أصحاب الأموال مهما قالوا وحاولوا اخفاء ذلك فهم بحاجة لهم بقوة، وهم الذين لن يفشوا اسرار عملهم، ولن يفعلوا لهم أي شيء يضرهم، مهما كانت لديهم من أسرار، فهذا ليس من طباعهم، ولم يدخل في علاقة مع زوجة صاحب العمل، ورغم أنه عشق بشغف وحب كبير ابنة صاحب عمله، إلى أنه لم يتجرأ أن يدخل معها في علاقة، ولم يتجرأ أن يبوح لها بحبه، وعندما أكتشفت أنه محتفظ بصورتها، في محفظته وكتب عليها كلمات حب أنكر حبه لها، لأنه يرى أنها تستحق أفضل منه، هكذا تكون القلوب النقية الصادقة التي لا تبيع عقلها وقلبها للخطيئة مهما خسرت، وفي النهاية وقف إلى جانبهم ولم يتخلى عنهم وعندما شعر أن حاجتهم له انتهت عاد إلى المكان الذي كان فيه قبل أن يعرفهم، ولم يتجرأ أن يبح لها بحبه، هكذا هي القلوب، وهي احبته وشعرت بصدق مشاعره، وركضت ورا صدقه الذي لم تجده والذي كانت تبحث عنه طيلة حياتها في وجوه لم تعرف سوا الكذب. هكذا نجد الفرق بين الأمانة وبين من تركهاولم يؤمن بها، الأمثلة كثيرة والأيام تثبت لك ما لم تكن تؤمن بوجوده، فقيمة البشر أعلى من قيمة المال ولا يجب أن نجعله يستحوذ علينا ويجعلنا نخسر المقربين منا بحث عنه وهذا خطأ كبير جدا، فقلوبنا وعقولنا يجب أن تؤمن بأنه وسيلة لا أكثر وليست الحياة تنتهي وتبدأ به بل نحن من يجب أن نجعل قلوبنا ملك لي الله وليس ملك للمال، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال :حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إنْ أُعطِي رضي، وإن لم يُعطَ لم يرضَ[1] رواه البخاري، وهذا قول اخر الأنبياء والمرسلين تعس عبد الدينار ومعناه أن الذي يحب المال لن يعيش في سعادة وستكون حياته جحيم لأن قلبه معلق بالمال، عندما قلبك يكون معلق بالله فلن تكون تعيس وستعيش حياة سعيدة جدا ولن ينقصك شي، وايضا الشيطان سيكون من السهل عليه أن يدخل حياتك ويحولها إلى جحيم ويجعلك تشعر بالنقص وعدم الرضا بما كتبه الله لك وبذلك تكون لم تعش حياتك كما تتمنى وخسرت رحمة ربك بعدم حمدك وشكرك له،وقال تعالى :إنما أموالكم وأولادكم فتنة، والمال من فتن الحياة التي يمكن لها أن تشغلك عن ذكر الله وعن عبادته، فالبعض يعتقد ان الذي لديه الثروة الكبيرة أنه ليس في اختبار من الله، وايضا البعض يعتقد أن الذي يعاني في حياته من مشاكل كثيرة أن الله غاضب منه ولذلك حدث ذلك، ولكن المال او عدم وجوده كل هذه اختبارات من الله فالله يعطي لبعض عباده نعم كثيرة منها المال والشهرة والنفوذ وكل ذلك ليختبرهم هل سيعبدوه وهم في ظل هذه النعم او ستلهيهم الحياة عن عبادته وذكره، وايضا الذي ابتلاه بمرض او فقر شديد يرى هل سيشكره ويحمده، والذي ذكر الله مهما كان فيه فهو الرابح في الدنيا والآخرة، المال ليس هو كل شيء والأهم من ذلك قلوب وعقول تذكر الله وتدرك انه هو الباقي وكل شي منتهي إلا رحمته وسعت كل شي.