23 ديسمبر، 2024 3:52 ص

عقود مفوضية الانتخابات بين “الظلم” و “الاستغلال”

عقود مفوضية الانتخابات بين “الظلم” و “الاستغلال”

تعددت اشكال “الظلم” الذي يعيشه ابناء هذا البلد، لضياع العدالة وغيابها لدى اصحاب الشأن، وهو ما جعل ذلك المصطلح غائباً عن حياتنا اليومية، ولا نجده سوى في امهات الكتب او في الزمن الغابر لدى اناس دثرتهم السنين وخلدتهم ذكراهم لانه احيوا هذا المبدأ المغيب الذي حثت عليه الشرائع السماوية، وشددت عليه الطبيعة الفطرية للبشر التي تصبوا دوماً لتحقيق العدالة، كونها اللبنى الاساسية لتوطيد الامن والرضا والاستقرار والراحة الابدية لدى الجميع.

ومن يعيش بجغرافية العراق يصبوا الى “العدالة” لكنه لايجدها سوى سراب سرعان ما يضمحل بعد ان يدركه الظمآن “ماء”، ومن بين الشرائح التي تصبوا الى تحقيق حلم “العدالة” هم اصحاب العقود في “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”، الذين انجزوا على ظهورهم اكثر من ثلاث دورات انتخابية لكنهم لم ينصفوا بالتثبيت!!.

هل تصدق ان بعضهم منذ عام 2011 يعمل بصفة متعاقد، اي انه عمل في دورتين انتخابيتين، ودخل في الثالثة، كونهم يحضرون الى الانتخابات المبكرة التي حددها رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي في حزيران المقبل من العام الجاري (2021)، ثلاث دورات انتخابية وهم ينتظرون مكافأة التثبيت، الا ان المفوضية تكافئهم بعد سويعات من العمل المضني من انتهاء انتخابات عام “2014” و “2018” بقرار تعليق “عقودهم، وانا متيقن ستكررها بعد انتخابات “2021”.

كنت في يوم الاحد الماضي حاضراً معهم في تظاهراتهم التي خرجوا فيها امام مكاتب المفوضية في بغداد، والتي واكبها ايضاً تظاهرات مماثلة شملت جميع المحافظات العراقية، لانهم هذه المرة لايريدون ان تذهب جهودهم هدراً كبقية الدورات السابقة، ويتفاجؤون بقرار “تعليق العقود”، خرجوا ليقفوا امام ابواب مكاتب المفوضية ليقولوا لهم “اعطونا حقنا وكفاكم ظلماً وتسويفاً”.

هؤلاء العقود الذين لايتجاوز عددهم الـ”5000″ الاف متعاقد او يزيدون، استغلوا ابشع استغلال كونهم اجبروا على الدوام اليومي حتى في ايام الجمعة والسبت والعطل الرسمي، ويخرجون بفرق جوالة لتحديث سجل الناخبين الى خارج اوقات الدوام ويتنقلون بين المدن على حسابهم الشخصي دون ان توفر لهم المفوضية بدل “نقل” او “افر تايم”، اسوة ببقية المؤسسات، ويهددون علناً عبر رسائل صوتية من قبل موظفين في مكاتب المفوضية بانهم سيفصلون اذا ما قرروا الخروج الى التظاهر!!.

كل تلك الضغوط فجرت ثورة غضب منذ يوم الاحد الماضي ولازالت مستمرة، اذ “خيم” ابناء عقود المفوضية، على ابواب مكاتب المفوضية في جانبي الكرخ والرصافة، مطالبين بحقوقهم المسلوبة ، وكذلك الامر في محافظات ذي قار وميسان والبصرة وكركوك ودهوك…وغيرها، تلك الثورة شعارها اما “التثبيت او فشل الانتخابات”، فكيف ستتمكن الحكومة من اجراء انتخابات مبكرة وهي تدير ظهرها لهذه الشريحة المهمة؟!!.

اليوم المطلوب من رئاسة الحكومة النزول عند تلك المطالب الحقة، والنظر اليها بمصداقية، بعيداً عن “الابر” المخدرة التي تصدرها المفوضية العليا للانتخابات عبر طباعة “الكتب الرسمية” للمخاطبات الموجهة للحكومة التي “لاتغني ولا تسمن من جوع”، كونها فقدت مصداقيتها امام تلك الجموع المطالبة بخيار التثبيت الذي لا مناص عنه.

أنا اعتقد بان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ليس لديه ورقة للعب اليوم سوى ورقة الانتخابات كونه استنفذ جميع اوراقه، ومصيره معقود على على هذه الشريحة، كونها هي من تنجح او تفشل الانتخابات، لان “90%” من عمل المفوضية ينجز على ظهور “العقود” اما (المدراء) الذين توزع لهم المناصب على اسس طائفية وحزبية، فهم يكتفون بركوب السيارات الفارهة، والجلوس خلف المكاتب، والحديث بلغة التهديد والوعيد لكل من يخرج للمطالبة بحقه، واصدار الاوامر والنواهي!!.

(5000) موظف عقد، لن يفرغوا موازنة الدولة التي راحت نهباً للدرجات الخاصة، والرئاسات الثلاث، فانصفوهم وحققوا “العدالة” المغيبة ولو لمرة واحدة ان كنتم منصفين، وهذا ما استبعده…