يروي الكاتب والمفكر حسن العلوي قصة تكشف واحدة من اسرار نظام البعث وصدام حسين، نقلها في حديث صحفي قبل ايام عن اسباب ارسال برزان التكريتي كسفير الى جنيف، ليؤكد ان قضيته لم تاتي كمبعوث دبلوماسي انما لتحويل مبالغ مالية مخصصة من اموال النفط تبلغ نسبتها خمسة بالمئة الى حساب حزب البعث، تحول شخصيا باسم برزان ليستخدمها الحزب في “الحالات الطارئة”، لكون تلك الاموال كانت مسجلة باسم عدنان حسين الحمداني صديق صدام المقرب الذي اعدمه بيده، ليجبر زوجته بعد ذلك على التنازل لبرزان لتكون من نصيب حزب البعث، ليختتم حديثه العلوي بابتسامة وتسأل عن مصير تلك الاموال رغم القرار الاميركي بمصادرة ممتلكات البعث وصدام حسين.
نعم تلك الاموال التي استخدمت خلال السنوات الماضية بتمويل العديد من العمليات المسلحة وتغذية اطراف موالية لحزب البعث اتبعت طريق “النضال السري” لكونها مازالت تحلم بالعودة للسلطة ومن يتسأل عن تفسير لاستمرار عمل خلايا “البعث المنحل” خارج العراق سيجد الجواب ببقاء تدفق تلك الاموال التي أودعها البعث باسماء وهمية وجهات لا يعلمها غير “قيادات مقربة من صدام” في العديد من بنوك العالم والتي وجدت اميركا وحلفائها صعوبة كبيرة بالسيطرة عليها.
تلك التساؤلات عن مصير اموال البعث وصدام تجددت مرة اخرى مع القرار الذي، أصدرته الخزانة الاميركية بتوجيه من الرئيس دونالد ترامب، لمعاقبة اربع شخصيات عراقية توزعت بين سياسيين وقيادات في الحشد الشعبي، في مقدمتهم محافظ صلاح الدين احمد الجبوري (ابو مازن) ومحافظ نينوى السابق نوفل العاكوب والقياديان في الحشد الشعبي وعد القدو وريان الكلداني، والذي يتضمن في احد بنوده مصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة لتلك الشخصيات ومنع جميع التعاملات المالية، لاتهامهم بقضايا فساد ادت الى الاٍرهاب او انتهاكات لحقوق الانسان كما تتحدث لائحة الخزانة الاميركية، صحيح ان تلك الشخصيات لا ترقى لمستوى قدرة صدام ونظامه على التعامل بطريقة اخفاء الاموال، لكن هل يعقل ان تكون تلك الشخصيات بدرجة من “الغباء” يجعلها تحفظ جميع الاموال التي حصلت عليها “بحيلة” شرعية باسمائها او اسماء مقربين من الدرجة الاولى يسهل اكتشاف امرهم لمصادرتها، اكيد الجواب سيكون، بكلا.
لكن… هناك من سيخرج ويقول بان اميركا لا يخفى عليها صغيرة ولا كبيرة وخاصة في التعاملات المالية للمشاركين بعمليتنا السياسية، وهذا ماسيجعل تنفيذ القرار اسهل من مصادرة اموال وأرصدة البعث، في حين من يبحث عن الحقيقة سيصل الى رسالة واضحة تقول ان الهدف من القرار “الاساءة” لجميع المنظومة الرقابية في بلادنا وجعلها في موقف “المتهم” بالتستر على الفاسدين، فالدفاع عن حقوق الانسان ومصادرة الاموال لم تكن سوى “قرصة إذن” لبعض الساسة من اجل العودة “للحضن الاميركي” والابتعاد عن من يغرد خارج سربها باتجاه جارتنا الشرقية طهران.
الخلاصة.. ان اميركا وحتى البنك المركزي العراقي باعتباره جهة محلية لن يستطيع الوصول لأموال “المعاقبين” بقرار اميركي ومصادرتها، لكونها محفوظة باسماء وجهات خارجية وسيكون مصيرها مجهولا كما حصل مع اموال صدام ونظامه، لكن اميركا اوصلت رسالتها وجعلت من “الرباعي المعاقب” درسا لاعادة من تبقى الى حضيرتها وعكسها ستكون القائمة المقبلة محملة بالكثير من الاسماء.. اخيرا.. السؤال الذي لابد منه،، متى ستخترق سيادتنا بعقوبات جديدة؟..