لا دهاء ولا قرنابيط , انه زمن مهدور ليس الا
لست من المعجبين بالعقل الأيراني . السمة الغالبة على الساسة الأيرانيين انهم لايهتمون بالزمن . تتملكهم في اكثر الاحيان روحية البغل فيواصلون تبديد الوقت وهم واقفون في مكان واحد . الهدر بالزمن لايعني انك سياسي ذكي. وحين يتعامل العالم المتحضر معهم فهوبلا شك يضع ذلك في الاعتبار , لذلك يوهمهم بأنهم حققوا أنتصارا .
الشواهد كثيرة على هذه العقلية . كان من الممكن ان تنتهي الحرب العراقية الايرانية بسنتين لكن عقلية السجاد الايراني دفعتها الى ثمان سنوات مع كافة المستحقات من الضحايا البشرية والمالية والنفسية . قضية السفارة الامريكية في طهران لم يجن منها الايرانيون سوى السمعة السيئة في احتجاز دبلوماسيين هم في جميع الاعراف القديمة والحديثة محصنون ولايجوز مسهم . الملف النووي كان في البدء قنبلة نووية ثم انتهى الى مشروع سلمي للطاقة. كان من الممكن ان يشيدوا (المشروع السلمي) من البداية دون ضجيج ودون حتى اذن من احد , لكنهم لم يفعلوا, وذهبت السنوات العشر هباءا .
ولو جمعنا كل هذا الهدر بالزمن من عام 1978 وحتى عام 2015 فسوف نفهم لماذا يحوك الايراني سجادة باربعين عاما بينما ينتجها البلجيكي بيوم واحد .
شئ طبيعي ان يفرح الشعب الايراني ويخرج الى الشوارع ابتهاجا بالاتفاق الاخير . انه نفس السلوك الذي عاشه العراقيون عقب وقف اطلاق النار في عام 1988. الناس لا تبتهج ب (النصر) و (الدهاء ) ولكن بتوقف حقبة من الانتظار المر . لايوجد انتصار ولا بطيخ , هناك زمن مهدور وعقوبات وتجميد اموال وعزل وحصار وخسارات مادية ونفسية يومية .
لا احد يحاسب المسؤولين الايرانيين عن الزمن المهدور . المسؤول نفسه لايعترف بذلك ويحول كل مرة الانتظار الى انتصار . انتصرت (الدبلوماسية ) الايرانية , هذا هو العنوان الفاقع لكل تلك الكواليس والمراوغات والمخاتلات وعمليات التزوير والتلفيق التي دامت عشر سنوات . كل هذه الالاعيب الممجوجة مورست بأسم الدهاء .
المصيبة الاكبر هي العقل العربي الذي يحسد الايرانيين على هذا (الدهاء ) وهذا ( النصر) ويتمنى البعض ان يحوزه متناسين ان النموذج الايراني لم ينتج سوى بلد محاصر منذ اكثر من اربعة عقود .
كيف لداهية ان يكون محاصرا كل هذا الوقت ؟
كيف يمكن لداهية ان يكون مشتتا وغارقا في الازمات ؟
كيف يمكن ان يكون داهية وهو يحمل اذرعا ممتدة في سوريا ولبنان والعراق والبحرين واليمن وافغانستان وفلسطين ومضطر ان يتابعها يوميا ماليا وعسكريا واعلاميا ؟.
كيف يكون داهية وهو ويرعى عدد كبيرا من الجيوش والميليشيات والجماعات المسلحة في ارجاء عديدة من العالم الاسلامي ؟
كيف يكون داهية وهو يقتطع من قوت الشعب الايراني ليغذي هذا الكم الهائل من العملاء والجواسيس ؟
. اين الحكمة والدهاء في زرع عملاء لايران في الارجنتين , البلد الذي يبعد عنهم ( 14385 ) كم ؟.
لماذا يصر العقل الايراني ان يكون على الدوام مأزوما ؟
لماذا لا يكتفي الايرانيون بارضهم وشعبهم ؟
لااظن ان الساسة الايرانيين سوف يتراجعون . مادام هناك ( انتصار ) فسوف يعاد تكراره . وما دام هناك (دهاء ) فسوف يتم تكريسه . العقلية التي خلقت هذا الوهم سوف يتم تبجيلها . مادامت صناعة السجاد الايراني هي طريقة التفكير الوحيدة .
بعد ان انتهوا من السجادة النووية التي دامت عشر سنوات , سوف يبدأ الساسة الايرانيون بحياكة سجادة اخرى ولكن سوف يحرصون ان تمتد هذه المرة اطول من عشرة اعوام . ينبغي حياكة ازمة ( سجادة ) اخرى ماداموا عاجزين عن مواجهة التحدي الحضاري الحقيقي وهو عملية التنمية والخروج من دائرة العالم الثالث . سوف تبتكر العقلية ازمة غير قابلة للحل . لن يتراجع الساسة الايرانيون مادام(الدهاء) ليس معنيا بالرفاهية وتوفير فرص العمل ورفع قيمة العملة , بل يعني البقاء في السلطة والامتداد والسيطرة وخلق الاذرع والتواجد في الآخرين بأي شكل .
……..