جميلة هي المفردات، عندما تختصر لك حالة، تعجز عن وصفها جمل وأحيانا كتب، فاشتهر العراقيون بمفردات دخلت قاموسهم حديثاً، وأصبحت شائعة، تستخدم للتعبير عن أوضاع غالبا ما يصعب التعبير عنها إلا بأسطر كثيرة، ومن جملتها (خرنگعية، صاكة، لاگفه طين… (
الخرنگعية هي وصيف لمجموعة مميزات وصفات تدل على غباء وخواء وهمجية شخص ما، ويمكن وصف وضعنا السياسي، وعقول بعض ممن تصدى لهذا الدور، الذي يشتمل خدمة الشعب وتقديم مصلحته على جميع المصالح الشخصية والحزبية والطائفية.. لكن!
انجلاء الغبار الذي أحدثه تزاحم؛ النواب قرب منصة رئاسته وافتعالهم فوضى، هي أقرب إلى الهمجية، من التعقل والإصلاح والبناء، الذي اتخذوا منه شعارا لهم، فلا بنائهم يبني ولا إصلاحهم يصلح.
تفاوت العقلية السياسية بين الحكومة والبرلمان، جعل من رئيس الوزراء، لا يحشر نفسه في أي من تلك الزوايا، بل ما صنعه عبد المهدي، لم يأتي من فراغ، كان عصارة الخمسين عاماً من السياسة، مثلي كقارئ بسيط يتابع الأحداث والتحركات، يرى حركة رئيس الوزراء، ذكية جداً، كان يعلم بأن فالح لا يمرر، فلماذا أدرج أسمه!..
لسبب بسيط هو ما حصل بسبب الفياض من قبل سائرون، سيحصل لغير اسم من قبل دولة القانون، وقد يحصل من تحالف المحور بسبب وزير الدفاع.. فتلك الحالة هي نتاج لعقلية سياسية وليس ظرف طارئ، فعقول ساستنا، تعمل على افتعال الأزمات، وليس على التفاهمات، وتلك هي الطامة الكبرى التي نعيشها، كلما اختلفوا .. صنعوا أزمة، واستخدموا أدوات أخرى للضغط، فمن يعتقد أنه يملك الشارع، فهناك من يملك الإرهاب وهناك من يملك فرق الموت وهناك من يملك أمن المحافظات.
هم ليسوا مجرمين! لكنهم يغضون النظر عن شارع واحد، يكفي لإدخال مفخخة، تطرب آذانهم، وهو ليس اتهاما، وانما واقع حدث، ولا يجود شيء يمنع تكراره.
كُلاً؛ يرى في نفسه الاقوى، ويبرز عضلاته، الحق يراه المتخاصمون، لكن النزعة العصبية، والتعنت، وفرض الرأي وكسر الإرادة، لن يحل مشكلة، الصدر لا يرى بالفياض متخصصا، وهذا يؤكد عليه معظم المختصين، والمالكي لا يرى اشكالا في ترشيحه، فليس كل الوزراء مختصون، “وبطتنا بطت بطتكم”
الحل يكمن في أن يتفاهم القادة الكبار، فمن غير المعقول، أن نعيش أزمة سببها شخص واحد، وعمقها شخصي، متى ما جلس الصدر والمالكي من أجل العراق، ستسير عجلة الحكومة والدولة، وإلا فهذا الصدام لن يكون الأول.. وأكيد أنه ليس الأخير.
عبد المهدي كان هو الاذكى بينهم، وجنب نفسه تلك الحلبة، فعقليته السياسية لا تقارن بعقلية بعض النواب “الخرنگعية” التي تتعامل بأسلوب “المهوسچي” .. و النزعة العصبية المبطنة بالجهل والتعنت وكسر الإرادة، وشارعنا اعرض من شارعكم.. وعشيرتنا أكبر من عشيرتكم؟! وجماهيرنا أكبر من جماهيركم… بهكذا عقول يحكمون العراق.