22 ديسمبر، 2024 10:28 ص

السلبية ما نتميز به في سلوكنا ورؤانا وتصوراتنا وإقتراباتنا , وهذه الآلية الإدراكية تتحكم في الكثير من عاداتنا وإستجاباتنا لبعضنا البعض.

فعندما نقوم بأي نشاط لا نرى ما هو إيجابي فيه , ونحصر رؤيتنا بما هو سلبي وحسب , ونبني على ذلك إستنتاجات ومواقف وتصرفات محكومة بالسلبية الصرفة , وينطبق ذلك على وجودنا الثقافي والسياسي والإجتماعي.

وينعكس في كتاباتنا وأشعارنا وأدبنا بأنواعه , فمعظم ما نأتي به تعبير صريح عن السلبية العاصفة فينا.

فحينما يزورنا أحدهم , أو نقوم بزيارة لبعضنا , لا نتحدث بعد الزيارة عن الإيجابيات وما سرّنا وأبهجنا فيها , ونأخذ بالكلام عن النواقص والعيوب وما لا يُرضينا.

وعندما نواجه أنفسنا بالقول أن هذا سلبي , نغضب وننكر ذلك.

وفيما يتعلق بنشاطاتنا الأخرى , فنحن لا نقيّم الإيجابي فيها , ونضع السلبي أمام أنظارنا , ونبني عليه الكثير من الحالات الضارة.

ومن الواضح أن أي شخص مهما يفعل من جديد وجيد فمن الصعوبة أن نراه , ونقر أكثر بالسلبية ونضخمها ونحسبها ما يقوم به.

وهذا يعني أننا ننظر بعيون السوء لكل ما يعنينا في حياتنا ومحيطنا وتفاعلاتنا.

فعين السوء هي المهيمنة على بصيرتنا وتفاعلاتنا مع الآخرين والمحيط.

ولهذه النظرة أسباب كثيرة ومتفاعلة ومكرسة بالتكرار , ففقدان قدرات إظهار الإيجابية تحقق السلوك السلبي , لأنه النتيجة الحتمية لما نراه ونتصوره , فالذي فينا ينعكس على ما حولنا تماما وبتأثير متفق معه.

فعندما يكون منظارنا سيئ فلا نرى إلا السوء , وعندما يكون جيدا سنرى الجيد.

وبما أننا في الغالب نميل إلى العاطفة والإنفعال الساخن , فأن العقل أسير ومرهون ومقيّد بما تمليه العواطف والإنفعالات السلبية المتراكمة في أعماقنا والمرشدة لسلوكنا العام والخاص.

إن وعينا لهذه العاهة السلوكية الإجتماعية الضارة , يحقق فينا قدرات الوعي الإيجابي , والإقتراب الحضاري الناجح من الحياة.

فالإيجابية تعني الأمل والثقة والقوة والقدرة على التواصل والتفاعل المثمر والعطاء.
وبدون الإيجابية لا يمكن للشعوب أن تكون وتتطور , ولا يستطيع الإنسان المسكون بالسلبية أن يأتي بما هو نافع وطيب.

لذا يكون من الواجب الوطني والإنساني والحضاري أن نتحرر من السلبية بأنواعها , ونعمل سوية لتحقيق الإيجابية في رؤيتنا وسلوكنا الإجتماعي والسياسي والثقافي والإنساني.

فالإيجابية حضارة وإنتصار , والسلبية خراب وإنكسار!!

د-صادق السامرائي