19 ديسمبر، 2024 12:45 ص

عقد اجتماعيه عربيه …-2- الانفصام

عقد اجتماعيه عربيه …-2- الانفصام

عندما تعيش في بلاد الغرب “ المنحله “ و”الكافره “ تنتبه الى قضيه اصبحت معروفه وملاحظه منذ القرن الماضي ..نوقشت على ايدي اجتماعيين وادباء ومصلحين عرب حتى صار الناس يتناولونها في مجالسهم خواصا كانوا ام عوام ..فتسمعهم يقولون ..” رغم كذا وكذا الا ان الناس هناك صادقون ومخلصون في العمل “ ..هذا صحيح طبعا بعد التجربه الميدانيه لسنوات مع مجتمعات غربيه ..بل واضيف انهم صرحاء وواضحون ..بمعنى : انهم يفعلون الاشياء “ غير المحببه “ لدى غيرهم والتي في نظرنا تثير الانتقاد فنتجبها ..يفعلونها في وضح النهار ولايبالون وكذلك الطرف الاخر..الاشخاص الاخرون لاينتبهون ولاينتقدون ولايصدرون احكاما تبعا لذلك ..اذن ، القضيه معروفه ولم آت بجديد ..
الجديد هنا هو مجتمعاتنا المسلمه او العربيه ..ولنخصص مانحن على قرب منه ..المجتمع العراقي ..فرغم كثير من الصفات التي تسمو على صفات المجتمع الغربي حقا ..وليس تحيزا ، مثل الكرم والحياء واحترام الكلمه والمعاشره الطيبه وغير ذلك الا ان هناك عقده خطيره تاتي على النقيض من الصفه المجتمعيه للغربيين وهي “ الانفصام “ ..فرجالنا ونسائنا بل واطفالنا يتشربون هذه الصفه الذميمه الخطيره كل يوم وكل ساعه ويتخذونها عيشا مطمئنا غيرمستنكر (وهنا مكمن الخطوره ) ، فالانسان الذي امامك هو ليس نفسه الذي مع نفسه او مع من يثق به كفرد او فردين ..هذا الانسان يقول مالايعتقد ويظهرمالايبطن ..بل ويدعي ماليس فيه وينكر ماهو من طباعه حتى وان كانت غير مخجله او غير محرمه اجتماعيا او دينيا ..الرجل عندهم يواجهك بما يبدو لك ك “ وقاحه “ فيقول : لا لن اقدم لك هذه الخدمه ..والرجل عندنا يكذب عليك “ للمجامله “ ثم يوهمك بالاستعداد للتعاون ثم يخذلك ..”الا مارحم ربي ”
المراه عندهم تبحث عن رجل علنا و تصاحبه علنا ولاتخونه ولاتسمح لغيره مطلقا ان يقترب منها “كتصرف خاص طبعا “ مع الملاحظه ان الصداقه البريئه مسموحه لها ولاحرج من الحديث ومجالسة الاخرين ببراءه ..(كما هو عرفهم ) ودونما مواربه ..والمراه عندنا ..تدعي انها لاتصاحب مطلقا ..وهي تصاحب سرا …ولايسمح لها “عرفا “ بالمصادقه ان كان لها صاحب ولكنها تتوق الى تقريب كثيرين آخرين و تسمح لغيره بالاقتراب او المغازله او او ..بل وان الاجيال الجديده من النساء ..كل واحده اتخذت اكثر من صاحب واكثر من صفحة تواصل اجتماعي باسماء مستعاره واكثر من رقم هاتف وهكذا ..”مع الاستثناءات الكثيرة طبعا وهنا لايصح التعميم ”
الطالب المدرسي او الجامعي عندهم تظنه “مستهترا بدراسته ومستقبله “ عندما تراه للوهله الاولى ..كملبس او مظهر او تصرف او ارتياد اماكن التسليه والسفرات وغيرها ..ثم تصدم يوما ان هذا الطالب او الطالبه لايقبل منك حتى اتصالا هاتفيا بل ويغلق هاتفه وباب غرفته ..ويتعامل بجفاء وفظاظه اذا ذكرته انك صديقه بالامس ..فقط لان لديه امتحان اسبوعي او حتى واجب بيتي يومي لينجزه ..والطالب عندنا يتكلم هو وابوه ليل نهار عن الاجتهاد والمستقبل والدراسه والجد ولكنه في الحقيقه يضطر اباه لان يراقبه في غرفته ويسحب منه جهاز الهاتف ويمنع عنه التلفزيون والكومبيوتر ..ليحاصره من اجل الدراسه حتى في اهم الامتحانات (وهنا استثناءات ايضا) ..
الموظف والبائع والاستاذ والحقوقي والشرطي والممرضه والطبيب ..كل واحد من هؤلاء عندنا لديه نفس العقده ويتعامل بنفس الانفصام النفسي والخلقي ..بوجهين او بمبدأين او بشخصيتين ..ولذلك ترى من غرائب العالم الافتراضي اليوم في مجتمعاتنا مالايمكن ان يصدقه واحد من اولئك الناس “ المنحلين الكفره “ في الغرب ..فالرجال اتخذوا اسماءا مستعاره وصورا مزوره على صفحات البرامج والتواصل على النت ..والنساء ذوات الخدور صار اسمها وصورتها على الصفحات العامه ..( مغروره وادبسز) او (اسوي اللي يعجبني ) او ( احب ال كذا ) بل وحتى ( ساقطه وبكيفي ) ..وما الى ذلك..( الانثى المتسلطه ) ( المتمرده ) وذاك الرجل (رئيس الجمهوريه الدكتاتور ) ..و ( السادي ) ..وهكذا مما تراه شائعا جدا ويمثل نسبه عاليه ومهمه من الناس ..في حين لايمكن ان تراه مطلقا تقريبا في المجتمع السليم