23 ديسمبر، 2024 2:24 ص

عقد اجتماعية عربية ..(9)التغزل بالقهوة ..!

عقد اجتماعية عربية ..(9)التغزل بالقهوة ..!

ليس الحديث عن القهوة بحد ذاتها هو المقصد بل هي عقدة المبالغة في استخدام توافه الامور لغرض التباهي او ادعاء التحضر او الغنى او الثقافة او ايا من التوصيفات المحسوبة على الجانب الايجابي او الطبقة الجيدة اجتماعيا ..فهذه العقدة يشترك بها العرب جميعا دون تمايز كبير بين الاقطار والامصار ..الا من استثناءات ولاشك في كل مجتمع ،،وتتلخص تلك الظاهرة المستفزة -في الحقيفة- ان العربي وخصوصا النساء هنا وبعض المتفاخرين من الرجال ،،يهتمون كثيرا باظهار بل ادعاء انهم على جانب من الغنى او الثقافة او التحضر وذلك بالمبالغة او المباهاة والمزايدة في اقتناء الاشياء الغالية الثمن او العالية الرمزية حتى وان كانت بلا ضرورة ولامعنى ، فقط للفت نظر الاخرين او من يحسبونهم غرماء لهم من الاقرباء والمعارف ..كما وان في داخل نفوس هؤلاء شيء من الشعور بالدونية او الفراغ العاطفي او الثقافي غير المشبع نتيجة سطحية مستواه يجعلهم يلجأون الى هذا التصرف امام الاصدقاء والغرباء على حد سواء،!
فتلاحظ كثيرا تصوير السيارة وابرازها او اثاث المنزل بالنسبة للنساء والثياب او الحلي ،،مع التوسل بأي حجة لطرح هذا واظهاره ..وقد طغت اخيرا ومن نفس هذه العقدة قضية التظاهر والتفاخر بالقهوة! وهذه اكبر الدلالات واوضحها على هذه العقدة (ولست اشير هنا الى ارتباط العربي البدوي بالقهوة كمعنى كبير من معاني الضيافة والكرم ،،فهذا من محاسن الامور ولا مراءاة فيه) ولكن الامر هنا مختلف،
فما ان سمعت النساء العربيات قبل الرجال ان شخصا مشهورا او ربما تركيا او غربيا او سيدة معروفة نشرت صورة لها مع فنجان قهوة ،،حتى سارعن الى فعل ذلك تقليدا وانتشر الامر كالعدوى فما تكاد تفتح صفحة تواصل او تجلس الى احد الا ورأيته يضع الى جانبه فنجان قهوة حتى وان كان لايحتسيها بحياته ..وهذه تقول :لاشيءيعدل الجلوس الى فنجان قهوتي في الصباح (لا ادري ان كان اولادها مشمولون بهذا)!؟ والاخرى تقول اشتاق الى قهوتي الصباحية كما اشتاق للمطر والاخر يقول ان الكتاب مع فنجان القهوة هما صديقاي الدائمان ..! وفيروز مع القهوة ،،والقهوة مع المسلسل التركي (وطرزان والقهوة المرة) و( القهوة والنساء السبعة)وماالى ذلك من عجائب الامور ..يظنون ان مظهر الثقافة متلازم مع شرب القهوة حتى ان احدهم اذا منعه الطبيب منها ماعاد يترك احتساءها خوفا من كسر (البرستيج) ،،
وصبت النساء جام “عشقهن” وشوقهن اللاذع على القهوة حتى صرت ترى دموعهن على فراق القهوة اغزر من دموعهن على فراق الحبيب الذي كان قبل ايام لايعدله في الدنيا شيء. ولله في خلقه شؤون.