23 ديسمبر، 2024 6:29 م

عقدة عاشوراء عند الشيعة…والسنة

عقدة عاشوراء عند الشيعة…والسنة

في كل عام تأخذ عوائل الدول الشبه مرفهة شهرا للاستجمام والراحة والابتعاد عن روتين العمل والحياة اليومية,بينما ينصرف الشيعة الى استقطاع شهرا او اكثر للحزن والالم  الشديد, احياءا لمأساة كربلاء(للثورة الاصلاحية الاسلامية الاولى بعد سنين من الانحراف والابتعاد عن منهج دويلات الخلافة الراشدة).
الشعائر الحسينية اصبحت جزءا من التراث الشيعي المتوارث,يتعزز ويتطور ويزدهر وفقا للعوامل والمقومات والظروف السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية,بل بات جزءا من العقيدة الشيعيةالمقدسة,بعد ان حشرت الروايات والاحاديث المزيفة او المحرفة عن اهل بيت النبي محمد ص,
(من بكى على الامام الحسين ع غفر الله له99ذنبا,من مشى خطوة كتب له في كل خطوة…,زيارة الامام تعادل الف حجة لبيت الله مكة,لولاكم ماخلقت الافلاك السبعة ولا…,اهل البيت والسيدة الزهراءع يحضر ون المجالس وتسجل الاسماء,
اضافة الى خزعبلات اليماني والسفياني ..الخ.)
فالحاجة الى تلك الروزخونيات ضرورة لديمومة ممارسة الشعائر العاشورائية لان عيشة البعض تقوم على موائد بركات محرم,حيث تصرف ميزانيات هائلة من اموال الحقوق الشرعية على تلك الطقوس المهمة لرجال الدين والسواد الاعظم من عوام المجتمع الشيعي,البعض من هؤلاء النفعيين يرفعون درجة اهل البيت ع الى مصاف الانبياء واكثر, بل اقرب الى الخيال الاسطوري,
ليست غايتهم توعية العامة حول الاهداف الحقيقة للثورة الحسينية,من اجل اعادة قراءة التاريخ الاسلامي قراءة متأنية مجردة من اساليب التطرف الفكري او الديني,بعيدة عن التزوير الرسمي الممنهج الذي اتبعته اغلب الانظمة العربية السنية ,وتعميتها المستمرة في شرح تجربة المسلمين في مرحلة الخلافة الراشدة, وماتلاها من احداث ومتغيرات كبيرة وخطيرة, بدأت تدفع اجيال اليوم ثمن تلك الازمنة المغيبة للوعي,بل هي عقدة موروثة ملازمة لهؤلاء ولمريديهم, يصعب التخلص منها.
لم تعمل ثقافة اللطم والمنابر الحسينية علىتخليص الطائفةالشيعية من الطرق والممارسات المفرطة في الايذاء للنفس, والخارجة عن الطبيعة  الادمية الغرائزية التواقة والمتطلعة لنسيان الاحداث والمواقف التاريخية المحزنة,
فقد اصبحت عقدة تكرار عملية احياء  طقوس عاشوراءتصطدم بطبيعة الحياة العصرية الالكترونية الحديثة,تحولت لتكون حلقات متداخلة سببت نوع من التنافس الخفي بين عقلاء الشيعةالمؤمنين بضرورة تحديث وسائل الخطاب الشيعي المعتدل(كتجربة بعض الشخصيات الاسلامية الحركية والمستقلة,كتجربة محمد باقر الصدر السياسية الفكرية-وتجربة السيد كمال الحيدري البحثية,ومن الاخوة السنة هناك تجارب مهمة لفهم مأساة كربلاء واسباب وقوعها كتجربة الباحث الشيخ حسن فرحان المالكي وعدنان ابراهيم ,الخ.),
واعتماد الطرق الاعلامية المتطورة لايصال مفهوم الاصلاح العقائدي, الذي اراده الامام الحسين ع للمسلمين المغيبين عن واقعهم المنحرف, المصادر من قبل طلقاء بني امية,
فهناك القنوات الفضائية المتخصصة بهذه الامور العقائدية والبحثية,وكذلك اطلاق عدد غير قليل من المواقع الالكترونية,اضافة الى طباعة ونشر الكتب والبحوث والمطبوعات المتعلقة بمذهب اهل البيت ع,ولكن مع كل هذه المحاولات الجادة الحثيثة السائرة في طريق تقليل اثار عقدة الطقوس العاشورئية العنيفة لدى الشيعة,نرى العامة من الناس لاترغب بمغادرة مربع الاحزان العاشورائية,لانها تبحث عن الطرق السهلة التطبيق ,لينالوا بها كما يعتقدون صكوك التوبة الروزخونية,فهي لاتكترث ولاتتعاطى مع العقائد والمناهج والقراءات والتوجهات والتفسيرات التاريخية
المتعددة للاحداث.
هناك عقدة من نوع اخر هي كراهية بعض المذاهب السنية لاعادة احياء الشيعة للشعائر الحسينية,او مجرد المرور بحادثة كربلاء ,
لانها تقلب عليهم التاريخ رأسا علىعقب,لما تحمله من وقائع وممارسات اموية خارجية,تمس سيادة وسمعة خلفاء السوء من بني امية,وتفتح عليهم ابواب اخرى ترجع بهم الى احداث فتنة سقيفة بني ساعدة , واسباب مخالفة وصية الرسول محمد ص في من يخلفه بعده المختصة بالامام علي ع يوم غدير خم ,وكذلك فتنة مقتل عثمان ومعركةالجمل وصفين وكربلاء وغيرها من وقائع مغيبة عمدا,
(وكنت قد اشرت سابقا الى تناقضات عقائد الوهابية السلفية القائلة بتكفير من يخرج على الحاكم المسلم وان كان منحرفا وظالما,وتكفير من يسب صحابيا,حيث قلنا لهم السيدة عائشة خرجت على خليفة شرعي في واقعة الجمل ,ومعاوية هو واولاده واحفاده سبوا الامام علي ع,بل نحن نعتقد ان فتاوى الذبح الحالية هي امتداد لمايسمى بحروب الردة او مانعي الزكاة,وسنة الذبح الحالية هي سنة اموية عباسية بامتياز,فلو كان المسلمين او عمر ابن الخطاب قبلوا بالامام علي ع خليفة ثالث علىا لاقل كان بالامكان تجنب واقعة الجمل وصفين وكربلاء, ولن يصبح الاسلام امويا خارجا عن القرآن والسنة النبوية)
,ولهذا نجد عقدتهم واضحة في تصريح السلفيين التكفيريين بأن الشيعة اخطر من اليهود,يحللون ذبحهم, وذبح اطفالهم وسبي نسائهم, ونهب اموالهم,ويبثون كم هائل من الفتاوى البربرية الوحشية ,وممارسات كثيرة خارجة عن الاسلام والانسانية,فاقت وحشية القرون الوسطى الصليبية,
هل سمع احد بأن هناك دين سماوي او ارضي,
(من غير ديانة البرابرة واكلي لحوم البشر ي )يحلل القيام بجرائم العمليات الانتحارية في الاماكن العامة المكتضة بالناس الابرياء,ويمارسون افعالا شيطانية كالتفجيرات المزدوجة التي تستهدف منقذي التفجير الاول,والذبح العشوائي للابرياء بما فيهم الاطفال, الخ.ان الحضارات الانسانية الحديثة لاتدعوا الى الانسلاخ الكامل عن التاريخ,وليست بالضرورة ان تتعارض مع جميع الموروثات الاجتماعية الدينية او التراثية العامة,ولكنها تتعارض تماما مع الاساليب الهمجية المتخلفة المتبعة في احياء الذكريات والقصص والاحداث التاريخية الاسطورية المتطرفة,
ولهذا يستغرب البعض من الثقافة الغربية التي لاتعطي مساحة كبيرة للتراث والتجارب الاوربية الاجتماعية والدينية  القديمة,لانها بالفعل تسبب لهم وجع الرأس وصداع نصفي,يقسمهم بين الواقع اليومي المعاش وبين العودة للاستغراق في التراثيات البالية,بينما يصرخ العرب ويعلوا صراخهم وعويلهم حول الحضارات التي ولدت في ارضهم,لكن النتيجة والمحصلة فجوة شاسعة بين تلك الازمنة الغابرة وبين الواقع المعاش,اجيال معدمة ثقافيا تستنزف في مقاتلة مجتمعاتهم واوطانهم وابناء جلدتهم تحت شعارات صهيونية مستوردة ومعلبة تعليبا امبرياليا .
ان البحث في واقع العقد الاجتماعية العربية تجعل من المجتمعات اكثر فاعلية في تقليب اوراق الماضي من كتب التاريخ ,لمعرفة ماحدث وماسيحدث مستقبلا,ولكسب معارف وقراءات جديدة تحرك تكلساتهم الذهنية وتفتح لهم افاق اجمل لحياة افضل,ورب سائل يطرح اشكالا واردا حول عقدة عاشوراء ,
بأن تشذيب وتقليم وتقليص هذه الشعائر قد يغيب اهداف الثورة الحسينية الواجبة النشر,نقول نحن لاندعوا الى حجب المعاني الاهداف والرؤيا التاريخية لاي حدث ,ولكن نحتاج الى اساليب حدثية متطورة تخدم القضية الحسينية بشكل واضح,فالمذهب الشيعي لايعني كربلاء فقط ,
بل هو خط اسلامي ومدرسة عقائدية متجددة ,بدأت مع بدايات الدعوة الاسلامية, حيث كان سيد هذا المذهب هو الامام علي ع وصحابة رسول الله الذين رفضوا انحراف الامة الاسلامية عن اهل بيته ع بعد وفاته,
وابعادهم قسرا الامام علي ع عن قيادة الامة الاسلامية شرعيا وسياسيا واجتماعيا,ونحن نضيع بتلك الممارسات العاطفية حجج وادلة السنة النبوية العلوية ,بفعاليات واعمال طقوسية مضخمة تغيب الوعي العام للمسلمين,وتقلل من اهمية المذهب الجعفري  الاثني عشر لدى بقية المذاهب الاسلامي,في حين ان الشارع لعربي والمسلم بحاجة ماسة في العودة الى القرآن والسنة النبوية الصحيحة الخالية من الدسائس الخبيثة من اسرائيليات السنة والشيعة(هناك تيار عقلاني معتدل بدأ يظهر بعد موجة الصراع الطائفي الدموي في المنطقة العربية المتوترة,يقف على مسافة واحدة من جميع المذاهب ,ورافضا تماما افكار السلفية الوهابية),ليكن شهر محرم ورمضان وبقية الاشهر الحرم مدرسة سنوية لاعادة انتاج الوعي الاسلامي المعتدل, المتوافق من الطبيعة التكوينية الفطرية للبشر .
لايمكن غض الطرف عن عملية الاستغلال السياسي المتكررة للشعائر العاشورائية,والتي يتم من خلالها التستر على انحرافات بعض رجال المؤسسة الدينية المستغلة للحقوق الشرعية,وتواطئها الرخيص مع بعض المتنفذين في المواقع والمراكز الحكومية كما يحصل في العراق حاليا,بغية الحصول على حفنة من المكاسب المادية والاجتماعية والسياسية.
خلاصة القول ان الذي جسد روح وجوهر رسالة ومبادئ الثورة الحسينية في العصر الحديث,رجال الحركات الاسلامية الثورية,الذين شهدت لهم مقاصل واعواد مشانق الانظمة المستبدة في العراق, ابان النظام البعثي البائد,وشوارع طهران الثورة التي اسقطت شاه ايران,ولبنان المقاومة في الجنوب الباسل,وبحرين الانتفاضة الدائمة المزلزلة لعروش الفساد الخليجي….