ما ان تتحدث عن مثلبة في واقع سياسي او اقتصادي او أمني في عراق اليوم حتى يبرز اليك احدهم يذكرك بالماضي وكأن المقصد من حديثك هو المقارنة بالماضي الدكتاتوري وليس وصفا لواقع حال وبحثا عن افضل …. لقد اتفقنا نحن جميعا دعاة العراق الجديد على ان شرعية هذا النظام جائت من بطلان من سبقه لذلك عليه ان يكون افضل ممن سبقه في كل شيء لان فطرة الكون هي “ترقب الافضل” والشعب يريد الافضل ..
كل الذين ترافقهم عقدة الماضي لا ينظرون للعراق كدولة يجب ان تتجاوز اي شعور عاطفي ايا كان نوعه وبأتجاه اي جهة كانت وتغليب المنطق ومصلحة البناء في كل ميادينه ابتدائا من بناء الانسان وليس انتهائا ببناء المدن بل هم ينظرون للعراق بين خيارين ماضي او حاضر اما تكن مع الحاضر وترضى بكل مساوئه او تتهم انك مع الماضي الدكتاتوري وهي العقدة التي حرمت الكثيرين ومنهم من المتعلمين ان يقروا ويعترفوا بأخطاء الحاضر ويساعدوننا على معالجتها وليس قبولها والرضا عنها فقط لان في الماضي ماهو اسوء منها ،
من القصص القديمة يذكر ان رجل عين ناظرا على ميتم ايتام ، فقام بضرب احدهم على راسه فشقه كعقوبة على عدم التزامه فلما استدعي الى المحكمة ليحاكم على فعله
-قال : اخرجوني انا بريئ
فساله القاضي كيف برائتك أتنكر ما فعلت ؟
-اجاب لا فعلت لقد ضربته ولم يمت وناظر الميتم الذي سبقني ضرب احد الصبيان فمات وحبستموه فكيف لكم ان تحبسوني وتقارننوني بالمدير الذي سبقني فهو ضرب وقتل وانا ضربت ولم اقتل .
ضحك القاضي وقال له : لكل جرم عقاب يزيد ان زاد الجرم ويقل ان قل . لك عقوبتك على فعلك وله عقوبته ولا يبرئك هوان فعلك مقارنة بعظيم فعل غيرك ،،
هكذا هو حالنا اليوم وحال الفاسدين من حكامنا وحال المتعقدين من الماضي الذين يدافعون عنهم ، ويبررون لهم الفشل فقط لان الماضي كان اسوء من وجهة نظرهم .
ان معاداة الراي الاخر في سايسة النظام السابق التي كانت سبب المنع لحرية التعبير التي قد تاتي براي مخالف لراي النظام فكان من حق اي شخص ان يعبر عن رايه دون ان يمس النظام وان لاتصتدم بنهجه او رائيه القائم على فكرة القائد الواحد والحزب الواحد فكان الدور الرقابي للصحافة المحلية غائب تماما ولا تمارس اي دور رقابي مؤثر على سياسات الدولة انذاك اما اليوم فأن حرية التعبير مباحة لأي شخص يريد ان يعبر عن آرائه دون قيد او شرط وهذه حسنة عظيمة تحسب لعراق اليوم لكن ياهل ترى هل هناك دورا للصحافة في تقويم النظام اليوم ؟؟؟ أعجبني مقال لأحد الصحفين العراقين يشبه فيه الصحفي العراقي بالبدوي الذي يجلس في الصحراء وحيدا مع ربابته وبعيره ويعزف دون ان يسمع عزفه احدا غيره سوى البعير الذي قد لايفهم الموسيقى … هكذا هو حال الصحفي اليوم لا يسمعه احد وان سمعه احد فلا قيمة لما يقول فعقدة الماضي تكفي لافشال ارائه ، قديماً قيل عن الصحافة انها تفضح الفاسدين وقيل ان عقوبة الفاسد فضيحته لكن ماقيمة العقوبة التي لا تمنع الفاسد عن فعله ولا تقلل من شأنه ؟
-عالميا ماذا حققت الصحافة الايطالية من فضيحتها لبرلسكوني ؟ لقد فشل سياسيا وعاقبه القضاء ..
-عراقيا ماذا حققت الصحافة من فضحها للكتل السياسية والاحزاب الفاسدة واعضاء مجلس النواب الفاسدين ؟ هل اعتذروا للشعب هل كفوا عن فعل الفساد هل افشلتهم الفضيحة سياسيا في الانتخابات ؟ لا والف لا لأن هناك شعب لا يؤمن بالحقيقة ولا يعتنقها بقدر اعتناقه للوهم وللسنن البالية وعقدة الماضي لن تمنح الكثيرين فرصة التطلع لحاضر افضل ومستقبل اجمل ..
وختام القول لانريد حال مريض اهون من سابقه مرضا ، لا بل نريد حال اصح من سابقه ولا يعاني من اي مرض نريد حال فيه مجتمع واعي وتعليم مثالي وصحافة حرة وقضاء نزيه مستقل وبناء مستمر وسياسية اساسها الوطن لا الطائفة وديمقراطيه حقيقية وتداول سلمي للسلطة نريد مستقبلا مشرق ونترك عقدة الماضي التي جعلتنا نقبل المر فقط لاننا تذوقنا من هو امر منه في الماضي ..