22 نوفمبر، 2024 3:27 م
Search
Close this search box.

عفواً دكتور خالد السراي: شيعة العراق هم رمز التشيع بالعالم وليست إيران الفارسيةّ!

عفواً دكتور خالد السراي: شيعة العراق هم رمز التشيع بالعالم وليست إيران الفارسيةّ!

انتقد الدكتور خالد السراي وبصورة علانية شباب ثورة تشرين في العراق لأنهم هتفوا ضد إيران قائلا بالحرف” أن إيران رمز التشيع بالعالم”!

هنا يكون الكذب وتزوير الحقائق قد تجاوز حدود الممارسة الفردية ليُعبر عن طبيعته في عقيدة تشتمل على جملة أفكار شاذة عن الفطرة الإنسانية ومنطق الأشياء. فالخطر في هذه الحالة لا يقف عند حدود الفرد، بل أن مثل هذا الخطر يستشري كالوباء الذي ينشط متى وجد البيئة المناسبة لانتشاره خاصة بين الاوساط الجاهلة بالحياة والتي لا تُطيق التعاطي مع متطلبات العلم والتاريخ بل هي مدمنة على تحجرها الكهنوتي الوثني.

في الحقيقة أنا لا أدافع عن طائفة بعينها، وهذا شرف لا أدعيه، وبعيدا عن الجانب السياسي، سأتناول الموضوع من ناحية فكرية وتاريخية:

أولا. يذكر الدكتور محمد جابر الأنصاري في كتابه (الفكر العربي وصراع الأضداد) عن تجاذبات الفكر الشيعي بين عقلانية عربية وعرفانية فارسية، حيث يتميز الفكر الشيعي العربي في أصوله ومنذ تبلوره في العصور الإسلامية الأولى بالدفاع عن العقل والنهوض به إلى مرتبة رفيعة، ثم أن الفكر الشيعي في العصر الحديث قد حافظ على التيارات العقلية العلمية الحديثة، وقد جاءت ثورة العشرين في العراق والتي قامت بها العشائر الشيعية ضد الاستعمار البريطاني، وهي أول ثورة في العصر الحديث تُعبر عن الطابع الثوري الكامن في الروح الشيعية. وبعد الحرب العالمية الثانية اشتدت قوة التيار العقلاني في الفكر الشيعي وإطلاق البذور العقلية والثورية الكامنة تراثيا في التشيع واندفاع حركة التنوير الشاملة لمختلف روافد الحياة العربية.

ثانيا. الكاتب والمفكر الإسلامي الإيراني الراحل (على شريعتي) والذي يعتبر واحدا من أبرز المفكرين الذين تجردوا بل ابتعدوا عن التخندق في هوى المذاهب عندما ألف كتابه بعنوان (التشيع العلوي والتشيع الصفوي) فانتقد في كتابه هذا التشيع الصفوي ودعا إلى التقارب بين التشيع والتسنن المحمدي.

وعلينا أن نذكر بعض الحقائق التاريخية:

– كيف تكون إيران رمز التشيع بالعالم، وأن الحوزة العلمية في النجف تأسست سنة 449 هجرية، بينما الحوزة العلمية في قم تأسست سنة 1340 هجرية؟ وقد تَعَلَم ودَرَسَ في حوزة النجف أشهر وأبرز المفكرون الشيعة بالعالم على سبيل المثال لا الحصر.

1. المفكر الشيعي الإيراني (محمد رضا التقي الاصفهاني) الذي انتقد نظرية التطور لتشارلز داروين في كتابه (نقد فلسفة داروين) عام 1914، كان هذا المفكر قد ولد في مدينة النجف ودرس فيها العلوم الدينية وأصبح من أشهر المفكرين الشيعة.

2. المفكر الإيراني (محمد حسين النائيني) وصاحب نظرية الدولة الدستورية، قد تعلم من الشيرازي وقضى حياته في النجف.

3. المفكر وعالم الدين الشيعي اللبناني (محمد مهدي شمس الدين) أحد أهم أعلام الفكر الإسلامي المعاصر، حيث قضى شمس الدين في العراق ما يقارب 35 عاما يتلقى العلم والمعرفة والدراسة في الحوزة العلمية في النجف.

4. المفكر الشيعي والشيخ اللبناني (محمد جواد مغنية) الذي جمع بين معطيات التشيع الأصلية وتجديد الحركة العقلانية المتحررة، حيث درس الشيخ مغنية في النجف وتعلم فيها.

– كيف تكون إيران رمز التشيع بالعالم، وفي العراق يوجد مراقد كل من: مرقد أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) رابع الخلفاء الراشدين ومن العشرة المبشرة بالجنة في مدينة النجف الأشرف. ومرقد الإمام الحسين في كربلاء، ومرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء وغيرها من العتبات المقدسة الشريفة؟

– كيف تكون إيران رمز التشيع بالعالم، وقد تم إنشاء مدينة الكوفة سنة 638 م لتكون قاعدة عسكرية ودار للجهاد تنطلق منها جيوش الفتح الاسلامي، ثم اتخذها الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه عاصمة للخلافة، وحتى ذلك الحين كانت الكوفة تضم القبائل التي قاتلت الفرس ولم يألفها أعجمي وبقيت لفترة قرون تشكل مع البصرة مدرستين للنحو والبلاغة والفقه الإسلامي؟

– كيف تكون إيران رمز التشيع بالعالم، وقد تطور النشاط السياسي للشيعة في العراق، بعد الاحتلال الإنكليزي، وقد بلغ النشاط السياسي أوجه في الفترة التي سبقت ثورة العشرين في العراق، حيث نشبت ثورة النجف عام 1918 ضد الاحتلال الانكليزي وكانت هذه الثورة أحد المقدمات الهامة لثورة العشرين في العراق، تلك الثورة التي لعبت فيها المرجعية الدينية الشيعية دور الزعامة الروحية لشيعة العراق، بعد أن أشاعت في الأوساط الشيعية فتوى الجهاد ضد الإنكليز من قبل المرجع الأعلى آنذاك (محمد تقي الشيرازي). كذلك شهدت الحقبة العثمانية في العراق نشاط شيعي بارز جدا؟

وتأسيسا لما تقدم، فإن التشيع مر بمرحلتين، مرحلة التشيع العربي، ومرحلة التشيع الفارسي، حيث وُلِدَ التشيع العربي في أحضان الجزيرة العربية على يد مجموعة من العرب، وكان هذا التشيع العربي يحمل خصائص متجانسة مع المذاهب الإسلامية الأخرى، ولم يكن بعيدا عن الأجواء الإسلامية المحيطة به. وبعد ذلك توسعت رقعة التشيع ودخل المجتمع الفارسي في إطار المذهب الشيعي، وأصبحت أقطاب هذا المذهب من علماء الفرس، فأدخلوا في المذهب الشيعي مفاهيم ليس لها أصل من الشريعة، وإنما هي مفاهيم استقيَت من الفلسفة الفارسية الإشراقية، التي كان يمتلكها المجتمع الفارسي أيام كسرى وقبل الإسلام.

ومن هذا المنطلق سأطرح بعض الأسئلة على الدكتور خالد السراي المحترم:

1.إذا كانت إيران رمز التشيع بالعالم، إذن لماذا يتبعون مرجعية النجف؟

2. هل يعلم أو يفهم الدكتور خالد ماذا نُمثل نحن كعرب سواء كنا شيعة أم سُنة بالنسبة للفكر الإيراني الفارسي؟

3. هل يريد لنا الدكتور أن نبقى رعاع وتستغلنا إيران وتركيا بكل احتقار وبدون رادع، حيث يتوغل هذان البلدان في العراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا بضمانات عدم تهديد مصالح الغرب وأمريكا وأمن إسرائيل.

4. هل يعلم الدكتور المحترم أن الغرب ينظر لإيران كحليف استراتيجي انطلاقا من كونه يمثل إمبراطورية فارس التي انهارت أمام الإسلام مع إمبراطورتيهم.

لكن في النهاية، كان العراق المركز الأصلي للشيعة في العالم الإسلامي، وظل ولا يزال يعد المركز الأصلي حتى بعد تأسيس الدولة الصفوية في إيران.

المقام لا يسمح لذكر تفاصيل أكثر. اعدلوا هو أقرب للتقوى!

أحدث المقالات