23 ديسمبر، 2024 2:23 ص

عـتـمة الرؤيا لصـنم الكــتبة/3

عـتـمة الرؤيا لصـنم الكــتبة/3

توقفنا عند التشكيلة الأولى لاتحاد كتاب المغرب حسب الوثائق؛ والمغاربي حسب الرؤية والعربي حسب النوايا ؛ وإثباتا لتاريخ بنية التشكيلة كانت في [27 يونيو1960] بكلية الآداب بالرباط ؛ ونلاحظ في موقعه الذي لا يــفعـل؛

أولا: إشارة عملية بأن أغلب (الكتبة) لا علاقة لهـم بالتطورات التقنية؛ وعوالم الإبحار، وتلك إشكالية من الصعب فهمها؛ لأنها تحتاج لدراسات في شق علم الاجتماع أو عـلم التواصل

ثانيا: عدم ضبط تاريخ التأسيس لتلك – المنظمة- تلافيا للغموض والالتباس؛ لأي وافد على الموقع الذي يعتبر(رسالة) بين المرسل والمرسل إليه؛ لكن يتبين أن( المرسل) لا يقـرأ وهذا لا يعـقل؛ ممكن أنه لا يبالي وهـذا جائز؛ ولكن السؤال إن كان لا يبالي؛ فماد ور المنخرطين مع ( المرسل)؟ ربما الجواب ؛ له علاقة وطيدة بالإشارة الأولى؛

إذ لنتمعن المفارقات والتناقضات بين السطور؛ والأهم الضبط التاريخي ففي صفحتي :

1 / [ النشأة] نجد/ وهكذا، فبين 1961 و1968 سيأخذ الدكتور محمد عزيز الحبابي، الكاتب والفيلسوف المغربي، صحبة لفيف من رفاقه النشيطين، على عاتقهم تكريس عمل جمعوي غير مسبوق في المغرب، له مقر ثابت [دار الفكر]، ونشرة ثقافية دورية [مجلة آفاق] ووضعية اعتبارية تؤهله إلى لعب دور طلائعي واحتلال موقعه المتميز تحت شمس الثقافة العربية بالمغرب.( ؟ )

2 / [العضوية ] ولكنهم حضوا بعضوية الاتحاد عند تأسيس هذه المؤسسة سنة 1960 يوم كان عدد الأدباء والكتاب قليلا، وكانت العضوية مفتوحة على الشعراء والقصاصين والروائيين والمفكرين.(؟؟) وأغفل( المرسل) الصحفيين وما أكثرهم؛ طبعا لفظة فارقة عن( كان عدد…قليلا) فكان بالإمكان إثبات الاستثناء عبر جدول إحصائي ؛ وهذا غير وارد؛ ولن يكون ؛نتيجة غياب وانعدام تأريخ ل[الصنم] والمضحك أن مسألة تأريخه طرحت في صيغة كلام في كلام؛ لإبراز ملفوظات صاحب الكلام: حقا تخامر المرء رغبة المغامرة في محاولة كتابة تاريخ اتحاد كتاب المغرب؛ باعتباره رافدا من تاريخ الحركة الثقافية ببلادنا؛ خاصة مع مرور ثلاثة عقود على تأسيسه؛ كتابة تنحو منحى أسئلة سريعة حول شروط تكونه؛ وعوامل تطوره عبر مراحل واكبت بصفة عامة أهم التحولات في تاريخ المغرب المعاصر؛ تبدو هذه المحاولة لأول وهلة محفوفة بالمخاطر؛ شأن كل مغامرة تتوخى قراءة جديدة؛ لما تبقى من نص تتآكل حروفه باستمرار وتنشد اختراق حجاب المعاصرة الذي لا تتراءى من خلاله عادة؛ إلا الملامح التي رسمناها بأنفسنا؛ كريهة أو محببة؛ ولكن غير دقيقة في جميع الأحوال(1)وضعت قوله شبه المطول؛ ليحاول المهتمون والنقاد تفكيك الرؤيا المعتمة والمغلقة في العتمة ومحاولة إبراز ضوء ونور في نهاية نفق الصنم؛ إن كان هناك ضوء (؟) لآن تحليل ما في كلام رئيس الاتحاد ؛يذكي بأن البحث عن الضوء مغامرة محفوفة بالمخاطر؛ من الزاوية الآنطولوجية؛ نظرا لانعدام الوثائق( نص تتآكل حروفه)لدراسة الموجودات أوما نفترض أنها موجودة للوصول المقنع إلى الحقيقة.؛ ومن العيب على مؤسسة تدعي أنها(صرح ثقافي) لا تتوفر على أرشيف وتدوين؛ وأكبر مأساة من يطلع على ركام من الوثائق الممزقة والمتلاشية ؛ كأنها قمامات أزبال في مقر الاتحاد. أما من الزاوية الباثولوجية(كريهة أو محببة؛ ولكن غير دقيقة) فمن الصعب جدا الاقتراب لتدوينه ولتأريخه؛ بحكم أن (الصنم) أصاب العديد من مريديه بأمراض وأمراض مزمنة؛أساءت للثقافة المغربية؛ وما ينشره الآن ممن وصلتهم( الصحوة) لوجه من أوجه تلك الحالات أقلها ضررا[ جنون العظمة] وبالتالي فما أغفله ( المرسل) ليس سهوا بل حكم الضرورة

ولكن لنحلل سياق الوضع آنذاك(( كان عدد…قليلا)) فمن زاوية النمو الديمغرافي( وقتئذ) ننساق وراء( عدد قليل) ولحظة استقراء وتمحيص الصحف والمجلات نتلمس بأن العدد( كثير) وخاصة (في) منطقة الشمال( تطوان/ القصر الكبير) دونما الإشارة (لليهود المغاربة) ولأدباء(فاس/ سلا/ مراكش) وبالتالي

فالإشارة للكمية؛ هي إشارة سياسية قبل أن تكون ثقافية / فكرية؛ لآن [التأسيس] برز(بين/ في) وضع سياسي مثير للجدل لحد الآن؛ ولاسيما أن هنالك تفاعل بين السياسي والثقافي؛ وليس هنالك تقاطع كما تعبر بعض الآراء؛ وبالتالي فرغم استقلال بلادنا فجذور الاستعمار متجذرة ولها ما لها من تأثير فعال على المشهد المجتمعي بدون تمييز: استمرار سيادة اللغة الفرنسية في المدارس والإدارات والشوارع على حساب لغتنا الوطنية واستمرار طرق وقوالب التفكير الاستعماري الرجعي المتخلف لدى كثير ممن ينتمون إلى عالم الفكر والثقافة أو عالم الإدارة والسياسة(2) وهذا الواقع أفرز قوى متعددة تحمل ملامح الصراع بين مختلف مكونات الحقل السياسي والاجتماعي؛ قوى إما صامتة أومحافظة على بقاء الوضع كما هو وأخرى راديكالية رافضة لضبابية المشهد وللوضع التسويفي للقضاء على الفساد والتعفن الاجتماعي؛ وعليه فهل تشكيلة مكتب [الصنم] كانت ديمقراطية؟؟

بنية التشكيلة

************

مبدئيا كما أشرت لا يمكن الفصل بين الحقل الثقافي والسياسي لأن هنالك تفاعل بينهما؛ تتداخل في سياقه معطيات شتى يمتزج فيها التاريخي والمرحلي بالاستراتيجي والبنيوي بالظرفي: مع العلم أن الممارسة السياسية في المغرب؛ ارتبطت منذ مراحلها الأولى بالثقافة كمجال حيوي لطروحاتها وتحليلاتها وتجلياتها؛ ( …. )على هـذا الأساس يعتبر تأسيس الاتحاد في الفترة المشار إليها؛ رغم كل النوايا الحسنة؛ خرقا غير مباشر وقد يكون ايجابيا للمجال السياسي؛ وعملا سياسيا بالمعنى الثقافي للكلمة(3) فهذا تصريح ضمني ومباشر للتفاعل الذي اشرنا إليه؛ ولازال ساري المفعول منذ بنية التشكيلة؛ التي لم تتأسس على أسس ديمقراطية؛ فهل هذا استنتاج أم إسقاط ليس إلا(؟)

فبدون تضخيم أوتفنن في مفهوم الديمقراطية ؛ فالديمقراطية أساسا ، من خلال مرجعيتها ؛ لا تنزاح مطلقا عن الفعـل الانتخابي؛ كفعل إرادي شعبي بالقوة؛باعتباره الآلية الفعالة لتجسيرالحياة السياسية والاجتماعية ؛ وأبعد من ذلك أداة مفصلية في بناء المؤسسات؛ لكن وضع ما بعد الاستعمار عطل تفعيل الديمقراطية لأسباب سياسوية؛ وبالتالي فالتشكيلية معينة سلفا وتدخل فيها الحزبي؛ أكثر من الرؤية الثقافية؛ لأن انو جاد كتاب جزائريين ضمن التشكيلة يدرج في إطار تفعيل البعد المغاربي الذي يتماشى وأطروحة المشروع الذي رفعته الثورة الجزائرية بل اجتهدت في تجسيده ميدانيا باعتباره خيارا

إستراتيجيا؛ مما يؤكد أنه كان هنالك تراضي ولم يكن هنالك تصويت؛ و طبقا لغياب الديمقراطية في الفضاء الاجتماعي:إذ يلاحظ أن البلاد لا تتوفر حاليا على مجالس ديمقراطية لا في الصعيد الوطني ولا في الصعيد المحلي؛ يعلن أن تجربة الأربع سنوات الأخيرة؛ تفرض التعجيل (…) في انتخاب مجلس تأسيسي لوضع دستور ديمقراطي متحرر؛ يعتبر الشعب مصدر السلطات ويضع حدا للتعفن والفساد(4) فطبيعي أن مكونات المجتمع كلها ستصاب بانعدام الديمقراطية؛ وما يهمنا هو[الصنم] فبنية أعضائه (الخمسة) منتمون لحزب الاستقلال،فأين تمثيلية النسيج الحزبي في الثقافي؛ كل من أدباء منتمين لحزب الحركة الشعبية ولحزب الشورى والاستقلال والمستقلين واتحاد الوطني للقوات الشعبية ؟ فمن خلال القراءة السياسية للوضع[ الستيني/1960] فالصراع احتدم بين الأحزاب حول المسألة الديمقراطية التي تأجل تفعيلها عدة مرات؛ وازداد الصراع على أشده حول -المجلس التأسيسي – فملامسة طبيعة آليات الممارسة الثقافية ببلادنا؛ التي تحددها الأهواء والمصالح السياسية ؛ فلامناص من تفكيك وتركيب الوضع السياسي المهيمن في جدليته بين الماضي القريب ( الاستعمار) الحاضر( الاستقلال) وبينهما انعدام بناء مؤسسات وطنية؛ بحكم تغلغل الفكر الاستعماري؛ لكي يظل المشهد أكثر قتامة؛ ليعم اليأس والإحباط في النفوس، وكذلك كان: فالأكثرية من أعضاء المجلس معين تعيينا صرفا؛ وأنهم يمثلون قيادة حزب الاستقلال القديمة العاجزة وأنهم نموذج لها في تصرفاتهم وأفكارهم وأساليبهم، ولذا فان اتجاههم الرجعي لا يتفق والتيار الذي يسري في قاعدة الحزب وفي الأمة كافة؛ ولم يؤيد الانتفاعيون مطامح القاعدة والآمة(5) فهاته الحقائق وغيرها من لدن معاصريها والمساهمين في الحياة الثقافية أو السياسية؛ إذا أضفنا معلومة أساسية حسب ((حولية الثقافة العربية)) ـ المجلد الخامس التي استقت معلوماتها عن المغرب من التقرير الذي قدمته وزارة التربية الوطنية إلى المؤتمر الدولي المنعقد في جنيف سنة 1957: كان عدد الطلبة الذين يتابعون دراستهم في

فرنسا بمنحة من وزارة التربية الوطنية المغربية 414 طالبا، منهم 362 فرنسيون وأجانب، أي أكثر من 58 في المائة، وذلك ومن الملاحظ أن عدد الطلبة الأجانب الذين يتقاضون منحة من الدولة المغربية، ويدرسون في فرنسا يفوق عدد الطلبة المغاربة( حلل وناقش) وبالتالي كل ما سبق يكشف بشكل أوآخر كيف تأسس الصنم ولماذا صنع مريديه؛ لتقوية حضوره المقدس في الذاكرة الثقافية؛ فنلاحظ كل الكتابات حول المسألة الثقافية المعاصرة؛ لا وجود ولو بإشارة طفيفة لما يسمى( اتحاد كتاب المغرب) فإذا تصفحنا المرجع المذكور للجابري وقصدا تم اختياره (الثقافة في المعترك السياسي زمن الايدولوجيا) وحسب منطوق العضوية في الاتحاد كان(1961) فانطلاقا من ( ص21 إلى38) الحاملة للعنوان الفرعي[ تداخل السياسي والثقافي والتربوي] أومن ( ص39 إلى46) عنوانها الفرعي[الثقافي في المعترك السياسي] لا وجود ولو بالهمس والإشارة لعضويته في الاتحاد وكيف كان يتحرك هذا( الكائن) وفق المشهد السياسي الذي يشهد عليه بنفسه كشاهد/ ممارس؛ لماذا هذا التعامي والتجاهل، ولاسيما أن المرجع يحمل إحالات وهوامش؛ رغم أنه مدرج في ملفات الذاكرة السياسية؛ فهذا التجاهل قصدي؛ لأسباب سياسية بالدرجة الأولى؛ رغم أن ميثاق الاتحاد يبرر بنية تشكيلته بالقول التالي :إن الاتحاد في شكله الحالي مجرد دعوة للعمل المثمر وتنظيم الصفوف للتغلب على الأزمة الفكرية في بلادنا وهو لن يكتسب فعاليته وقوته إلا بتأييد حملة الأقلام جميعهم المؤمنين برسالة الفكر ومسؤولية في خدمة الثقافة(6)

بفاس17/07/2015

للمــوضوع صــلـــة

الإحــــــــالات

************

1) كلمة:أحمد اليابوري في المؤتمر العاشر/1989 مجلة آفاق ع 2- 1يونيو1989 ص147

2) مواقف – إضاءة وشهادات -( الثقافة في المعترك السياسي زمن الايدولوجيا) لمحمد عابد الجابري

الكتاب 11 ط الأولى يناير2003 ص 87

3) كلمة:أحمد اليابوري في المؤتمر العاشر/1989 مجلة آفاق ع 2- 1يونيو1989 ص149

4) مواقف – إضاءة وشهادات -( الديمقراطية في المغرب من التأجيل إلى التزوير) لمحمد عابد الجابري

الكتاب 4 ط الأولى يونيو2002 ص30/31

5) نفــــــســــــهــأ ص 28

6) منـقول عن مجلة الفكر التونسية عدد1 / أكتوبر1961 صفحة (أصداء الفكر)