{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
أقدم نظام الطاغية المقبور صدام حسين، على إعدام اللواء الركن.. المظلي / قوات خاصة عصمت صابر عمر.. تركماني القومية، نهاية رمضان / نيسان 1991.
والده صابر عمر أفندي.. مدير مدرسة إبتدائية، في محلة “آغالق” وسط قلعة كركوك.. ولد العام 1941، إنخرط في الدورة 38 من الكلية العسكرية، التي تخرج فيها برتبة “ملازم” يوم 14تموز1962، ضابطاً في صنف الدروع / الدبابات، وإنتقل منه الى صنف المظليين.. ثالث ضابط مظلي تركماني، بعد العقيد عبدالكريم مصطفى نصرت والمقدم عدنان محمد نوري.
عُرف ببشاشة وجهه وشخصيته الأخاذة وعلاقاته الواسعة وشجاعته وسعة عقله، في التخطيط والتطوير.. طيلة خدمته، الممتدة 32 عاماً، أُشتـُهِرَ برعايته لمرؤوسيه.. ضباطاً وجنوداً.
زاهد.. نظيف اليد.. عزيز النفس، تركماني أصيل، من دون تطرف، عاشق لـ”قلعة كركوك” التي ترعرع فيها، من الضباط المعدودين.. غير البعثية، في الجيش العراقي.
من غرائب قدره، تكليفه برئاسة قوة خاصة بإسم “طارق بن زياد” تضم 2000 عسكري ومدني، لتدريبهم على قتال الشوارع والمدن، ومن ثم نقلهم في 12طائرة الى “لبنان” المشتعلة بنيران الحرب الأهلية.. فكانت المهمة الأخطر في حياته، مستغرقة أحد عشر شهرا “نيسان1976- شباط1977” وكُلـِّفَ بقيادة “قوة حماية منشأة عكاشات” في أقصى غربي العراق لإستخراج مادة “الفوسفات” والتي قيل أن “إسرائيل” تخطط لضربها، بالطيران أو إنزال جوي بقواتها الخاصة المعروفة بجرأة التخطيط وكفاءة التنفيذ.
غزا الطاغية المقبور صدام حسين، دولة الكويت الشقيقة، فجر الخميس 2 آب 1990 وإندلعت حرب تحريرها يوم الخميس17 كانون الاول 1991، مقترنة بواحدة من أفظع الهزائم العسكرية، في تاريخ حروب العالم، مقترنة بإنتفاضة آذار 1991.
بعد التي واللتيا، كافأ صدام حسين القادة العسكريين: بارق عبدالله الحاج حنطة وكمال ناصر وعصمت صابر عمر وآخرين، بإعدامهم، على الرغم من خدمتهم العسكرية؛ إذ إستدعاهم إلى القصر الجمهوري، منتصف رمضان / نيسان1991، ليعدمهم بعد تعذيب جسدي مريـع، من دون تحقيق ولا محاكمة.
علمنا من سائقه.. أبو عادل، الذي أسرَّ بما مفاده: “دعي الى مأدبة إفطار مع صدام، عصر ذاك اليوم الرمضاني؛ فأمرني أن أعود لتناول طعام الإفطار وأحضر إليه مرة أخرى في الساعة التاسعة ليلاً… ولكن، حالما إجتاز سيادته باب إستعلامات القصر الجمهوري، شاهدتُ أشخاصا بثياب زيتونية، تكالبوا عليه نازعين عن كتفيه الرتب وعن صدره الأوسمة والأنواط، وكذلك تعاملوا مع ضباط قادة آخرين حضروا بذات التوقيت”.
عرف المقربون منه، في ما بعد، أنه أبدى رأيه صراحة أمام القادة وكبار ضباط أركانه المرؤوسين والمرتبطين بشخصه حيال غزو دولة الكويت الشقيقة، ومدى إساءته لسمعة العراق وطناً وجيشاً وشعباً، وإنتقاده لأمر الإنسحاب الشفاهي والفوري الذي أصدره صدام حسين، يوم 26 شباط 1991، من دون أدنى تقدير لعواقبه وعظم ما أوقعه في صفوف التشكيلات من تضحيات باهظة بالأرواح والأسلحة والمعدات، وإيصال البعض من المنافقين تلك الأحاديث إلى الطاغية الذي من أساليبه أن لا يؤذي أحداً يحتاج خدماته، ثم يجهز عليه.