الحياة تيار دافق , والدنيا تتغير , وما فوق التراب يتبدل , والأرض تدور , وإختلاف الليل والنهار لآيات لقوم يعقلون.
والأجيال تتوالد والعادات وأساليب الحياة تتوافد , وما عاشه الآباء لا يعيشه الأبناء, فذلك يعارض السنن البقائية والإرادات الإرتقائية.
وكل من عليها فان , وكل مَن عليها يحمل طاقة وقدرة وفكرة ومهارات كامنة للتعبير عما فيه.
والبشر يدرك حقيقة التفاعل المتجدد , وترافد الأجيال وتدافعها وتسابقها وجهدها في صناعة الحياة التي تتطور وتتقدم ولا تثبت على حال.
فالدنيا في الربع الأول من القرن العشرين غيرها في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.
والدنيا قبل ألف عام لا تمت بصلة قوية إلى دنيا العصر من حيث الرؤى والتصورات , والأفكار ولآليات التفكير ودرجات التحرر والتعارف والتواصلات التي نمارسها اليوم.
ومجتمعات الدنيا تدرك ذلك وتتواكب معه , إلا المجتمعات العربية التي فيها نسبة كبيرة من الناس التي تجمدت عقولها , وتعفنت أفكارها واستنقعت رؤاها وتصوراتها , فهي لا تزال تعيش بعقول الأموات وهي تمشي فوق التراب , فهم الأموات , والأموات المتماهون معهم هم الأحياء , ولكن في غير زمانهم , كأصحاب الكهف الذين ظهروا بعد قرون من الإنقطاع وإذا بهم لا يصلحون للحياة في الزمن الذي إستيقظوا فيه.
تلك حقائق دامغة ومؤلمة تعصف في الواقع العربي وتساهم بإذكاء الصراعات المهينة المخزية , التي يتضرر منها وبها الجميع وبلا إستثناء , وتتخرب البلاد وتزداد الناس فقرا وعناء ومرارة وحرمانا وقهرا.
وبسببها صار أدعياء الدين هم الفائزون , لأنهم يصبون في الرؤوس الجامدة ما يحلو لهم من جراثيم الرؤى , ومكروبات الأمراض الخطيرة التي تتفوق بوبائيتها على الطاعون , فتفتك بالخلق المساكين أو الخانعين لإرادة تجار الدين!!
وكأن الدين يلد ألف دينٍ ودين!!!