لعل كتاب “دارون ” اصل الانواع” 1859″، الذي يتناول ببعض صفحاته القرابة والشبه الكبير بين القردة وبني البشر، بسبب طبيعة التشابه بين النوعين في الهيكل الجسماني الاساس، اضافة الى طروحاته في نظرية الانتقاء الطبيعي ، اثارت ولازالت تثير لغطا كبيرا في الاوساط العلمية والدينية . حيث انتفضت المؤسسات الدينية، ضد تلك النظرية وعدة ذلك تجاوز على وحدة الجينات وان الانسان لا يمكن ان يخضع الى عملية الانتقاء الطبيعي اسوة بالتطور الذي يحدث لباقي الكائنات الحية على وجه المعمورة.
وبغض النظر عن حقيقة وصدقية تلك النظرية التي تعرض لها الكثيرين داخل اوربا وخارجها مسلمين ومسيحيين ، بيد ان محل الشاهد بتلك المقدمة هو وجود فعلاً قاسم مشترك بين بعض بني البشر و القرود يتمثل في القدرة على “التسلق”!.
لا بل ان البعض يزاحم القرود في قدرتها على التسلق!، فهؤلاء لا يتوانون في استخدام جميع الطرق المشروعة وغير المشروعة للوصول الى غاياتهم ومصالحهم ويتزلفون بطرق عجيبة وغريبة للالتفاف حول رقبة الحقيقة وبالتالي خنقها.
للأسف مثل هؤلاء يتواجدون في المؤسسات السياسية والحزبية المعنية برسم مستقبل الوطن. والطامة الكبرى ان يتواجد هؤلاء في تيارات اسلامية!.
هؤلاء استطاعوا وعلى مدى سنوات تغيير النظام ان يكونوا رجال غير مناسبين في اماكن صناعة القرار والتحكم بمصائر العباد.
وبذلك اضعفوا تجربة الاسلام السياسي، ما فسح المجال للقوى العلمانية والليبرالية للتقدم بقوة نحو مزاحمة تيارات اسلامية عريقة تحمل من التاريخ والارث الجهادي الكبير، والدليل ان الحزب الشيوعي العراقي فشل في انتخابات “2010 ” على الحصول على مقعد واحد ، فيما نجد في انتخابات ” 2014 ” حصول القوى المدنية والعلمانية على ” 14 ” مقعد في البرلمان العراقي!، ولو احصينا نسبة النمو المئوية من صفر الى” 14″ ، فان هذا يعني قرع جرس الانذار.
ان اصرار قوى الاسلام السياسي على تسويق مثل تلك النماذج المتسلقة والتي تفتقد الى الركيزة المعرفية، ولا تجيد سوى ارتقاء سلالم الوصول بشعار ” الغاية تبرر الوسيلة” في مخالفة صريحة للنظرية الاسلامية التي ترتكز على ان “شرف الغاية من شرف الوسيلة”. تحت ذريعة “حطب المراحل”!.
لاشك ان مثل هذا التفكير سًيولد ارتدادات كارثية ليس على المشروع السياسي فحسب بل على المشروع الاسلامي في العراق. حيث بدأنا نسمع مؤخراً بين الاوساط العلمانية ان مشروع محمد “ص ” هو تجربة انسانية ممكنة الحدوث والتكرار في كل زمان ومكان، ودليلهم تجارب ” بوذا” و” غاندي “!.
ترى هل سنتدارك اوضاعنا مادام يوجد فرصة وهامش للتدارك قبل فوات الاوان؟ ونبدأ بشجاعة خطوات تنظيف تياراتنا الاسلامية من القرود والمتسلقين ،ونضع معايير حقيقة تضمن تقديم واجهات حقيقة تمثل او تمهد للمشروع الالهي الذي اراده الخالق لعباده ام نستسلم لنظرية دارون في اصل الانسان!.