23 ديسمبر، 2024 12:07 ص

عش هكذا في علو أيها العلم ؟!

عش هكذا في علو أيها العلم ؟!

القسم السادس
لقد ختمنا القسم السابق (الخامس) من مقالتنا ببعض مما ورد في بيان رئاسة إقليم كوردستان الصادر بتاريخ 29/3/2017 ، حيث ( يجب تعميق منهج التعايش والأخوة والتآلف بين مكونات كركوك والحفاظ عليه ) ، وذلك هو الحق والقول الصائب الذي نؤيده ونتفق عليه دون لبس أو غموض ، إلا إن السياسة الموصوفة بفن الكذب والتلاعب بالألفاظ وخلط الأوراق ، لم تدع للصدق مكانا يليق به ، فبعد أن قرر مجلس النواب بالأغلبية المطلقة إلغاء قرار مجلس محافظة كركوك برفع علم كردستان على المؤسسات الحكومية فيها ، رفض مجلس الوزراء قرار حكومة كركوك المحلية برفع علم إقليم كردستان الى جانب العلم العراقي فوق المباني الحكومية ، المبلغ لذوي العلاقة بكتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء المرقم ( ق/2/1/45/14216) في 11/5/2017 ، مؤكدا على وجوب إحترام الأطر الدستورية والقانونية ضمن وحدة العراق ، وإن التنوع العرقي والإثني والقومي يعيش تحت ظله سكان محافظة كركوك ، مجددا حرصه في الحفاظ على وحدة العراق وحماية المواطنين والتعايش بين المكونات ، وإتباع كل السبل الدستورية والقانونية من أجل تحقيق ذلك ، وموضحا بأن يخضع مجلس المحافظة والمجالس المحلية لرقابة مجلس النواب ، إستنادا لنص المادة (2/ثانيا) من قانون المحافظات غير المرتبطة بإقليم رقم (21) لسنة 2008 ، ومن ثم يكون قرار مجلس النواب بإلغاء قرار مجلس المحافظة واجب الإتباع . كما أكد المتحدث بإسم الحكومة العراقية على ضرورة رفع العلم العراقي لوحده في محافظة كركوك ، لأن رفع علم الإقليم أمر غير دستوري ، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية ترفض جميع المواقف الأحادية في هذا الجانب ، لأن الدستور العراقي أوضح صلاحيات الحكومات المحلية في المحافظات التي لا ترتبط بإقليم، ومحافظة كركوك واحدة من هذه المحافظات ، وإن وضع كركوك ضمن المناطق المتنازع عليها لا يخرجها من صلاحيات الحكومة الإتحادية العراقية ، ولهذا لا يجوز رفع أعلام أخرى عليها غير العلم العراقي ، هي وكل المناطق الواقعة خارج حدود إقليم كردستان، ولكن ذلك الأمر البرلماني والحكومي لم يلق غير التهكم والسخرية من قبل نواب وسياسيي الأكراد ، والأغرب من ذلك ما حصل بعد إصدار محكمة القضاء الإداري قرارها المرقم (799/2017) في 16/8/2017 المتضمن ( وقد لاحظت المحكمة بان التشريعات النافذة لم تجز لأية جهة أن ترفع علما آخر إلى جانب علم جمهورية العراق ، ومنها قانون علم العراق رقم (33) لسنة 1986 ونظام علم العراق رقم (6) لسنة 1986… لذا قرر بالإتفاق إلغاء القرار المرقم (910) في 30/3/2017 ، المتخذ بناء على ماجاء في الجلسة رقم (337) في 28/3/2017 والأوامر الإدارية المتعلقة الصادرة بشأن رفع علم إقليم كردستان بجانب علم جمهورية العراق في جميع دوائر المحافظة والشركات العامة التابعة للوزارات وفي المناسبات الرسمية …) ، حيث رفض محافظ كركوك إنزال علم إقليم كردستان من المؤسسات الحكومية في المحافظة ، وقال إن ( علم كردستان لن ينزل من مدينة كركوك … وإن حكومة العراق تهمل كركوك ولا تقدم أي خدمات لسكانها ، لأنها متأكدة أن كركوك ليست تابعة للعراق … وأنه لا يوجد نص دستوري يمنع رفع راية كردستان ، طالما أن العلم العراقي مرفوع في المدينة ) . ولسنا بصدد مناقشة عديد القيل والقال من التصريحات التي لا تنم عن فهم وإدراك لما يجب أن تكون عليه العلاقة التنظيمية الرسمية بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية للمحافظة ، من حسن التعامل وعدم تجاوز حدود النظام والآداب العامة ، إلى حد بلوغ إستخدام لغة التحدي الفارغ والتطلعات غير المشروعة ، إذ كيف يقبل قول المحافظ ( إن حكومة العراق تهمل كركوك لأنها متأكدة أن كركوك ليست تابعة للعراق ) ، ونص المادة (116) من الدستور ، يقضي بأن ( يتكون النظام الإتحادي في جمهورية العراق ، من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية ) . ثم أي عراق ذلك الذي يتكلم عنه وهو مسؤول إدارة أحدى محافظاته ، ولمن تتبع محافظة كركوك وإقليم كردستان إن لم يكونا من ضمن التقسيمات والتشكيلات التابعة لجمهورية العراق قبل الإحتلال وبعده ؟!. وكيف ( يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة ، كالتركمان ، والكلدان والآشوريين ، وسائر المكونات الأخرى ، وينظم ذلك بقانون ) حسب نص المادة (125) منه . والمحافظ بهذا المستوى الضحل من التفكير العنصري والإنفصالي المتخلف ؟!.

إن في تجارب الشعوب ونظامها الإتحادي ما يفيدنا ، حين البحث في كيفية رفع أعلام الولايات المتحدة في أمريكا إلى جانب العلم الرسمي لها مثلا ، ما يساعد على نقل التجربة العملية في ذلك الشأن ، حين نجد رفع راية الولاية داخل البناية الرسمية لحاكم الولاية فقط ، وليس كما هو في العراق بعد الإحتلال ، ولكن إجراء الإستفتاء على إستقلال إقليم كردسان في 25/9/2017 ، كشف النوايا غير الخفية بشكل عملي وحقيقي ، وموضوع العلم جزء بسيط وممهد لذلك سياسيا من خلال الحكم المحلي بصيغة الإقليم ، وما أن نفذت الحكومة العراقية الإتحادية ( عمليات فرض الأمن في كركوك ) بتأريخ 10/10/2017 ، المستندة إلى نص الدستور ، بأن إدارة الأمن في المناطق المتنازع عليها هي من صلاحيات الحكومة الإتحادية ، فقد أنزل علم إقليم كردستان من على مقرات البيشمركة والدوائر الحكومية في كركوك منذ ذلك التأريخ وحتى الآن ، وقد إتهم السياسيون الأكراد بعضهم البعض الآخر بالخيانة ؟!.

ولعل ما يؤيد كل ما تقدم ، نصوص القوانين في هذا المجال ، التي تجيز إختيار شعار للمحافظة أو الإقليم أو الحزب فقط ، وليس علما خاص بكل منها ، وكما يأتي :-

أولا- نصت المادة ( 7/ ثالث عشر ) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 ، على أن يختص مجلس المحافظة في (( إختيار شعار للمحافظة ، مستوحى من الإرث التأريخي والحضاري لها )) .

ثانيا- نصت المادة (30) من قانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) لسنة 2010 ، على أن (( لا يجوز أن تتخذ المنظمة إسما يشابه أسماء الجهات الحكومية أو الأحزاب أو الكيانات السياسية أو الإتحادات أو النقابات )) .

ثالثا- نصت المادة (7) من قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 ، على أن (( يكون لكل حزب إسمه الخاص به ، وشعاره المميز له ، وينبغي أن يكون الإسم الكامل لكل حزب وإسمه المختصر ، وكذلك الشعار المميز له مختلفا عن تلك العائدة لأحزاب سياسية سابقة ومسجلة وفق هذا القانون )) .

أفلا تقرأون ما شرعتم أيها الطارئون ، أم أنكم مجبولون على ما تسمونه ( معارضة ) وأنتم أبعد ما تكونون منها ولا إليها تنتمون ؟!. وقد فصلنا لكم القول بأن لا وجود لعلم خاص بإقليم أو محافظة أو حزب أو منظمة مجتمع مدني ، كما لا يعلو على علم العراق أو يرفع إلى جانبه علم آخر … إنه هو فقط لا غير … وعليكم تذكر زيارة السيد مسعود بارزاني لبغداد في 21/11/2018 ، في الوقت الذي كان فيه رئيس الجمهورية خارج العراق ؟!، وبعد كل ما أشرنا إليها من أحداث ، وإعلموا أنها زيارة إستطلاع وإستكشاف تمهيدي لمرحلة جديدة ، وما تقتضيه من متطلبات رفع سقوف مطالب السياسيين الأكراد ؟!. أو أن هنالك ما يفوق إجراء الإستفتاء على إستقلال كردستان في 25/9/2017 ؟!. من قبيل مد النفوذ والسيطرة على كركوك من جديد ؟!.