عشيرة البونازحين ، لايجمعهم نسب ولا دين ولا طائفه ولا عرق اجتمعوا تحت راية هذه العشيرة بعد ان دفعهم القدر ان يكونوا في موضعهم هذا وما كانوا له راغبون ،
سوف اروي لكم قصه بسطور عن تماسك هذه العشيرة والروابط الانسانية التي تربطهم والتي اصبحت في وقتنا الحاضر اقوى من الروابط العشائرية من ناحية النسب ،
في بداية النزوح واثناء التوجه للمخيم لتوزيع المساعدات توقفنا عند البوابة وجاء الينا النازح ابو عمر مع اولاده الاربعة لغرض استلام حصته من المساعدات فبادرنا ؛
قال ؛ اليوم تعطوني حصتي مع حصتين اخرتين !!
قلنا ؛ لماذا
قال ؛ الحصة الاولى واحدة لام فادي المسيحية واطفالها الاثنين وام زوجها ام سركيس جيراني بالخيمة الي بصفي على اليمنه لانهم ماعدهم احد يدير باله عليهم لان سركيس مات بعد رحله النزوح مقهور على بيته وديرته وحط راسه ومات ، فانا مسؤول عليهم هسه لما نشوف الله شلون يفرجها علينا وعليهم
قلنا له ؛ ماشي والحصه الثانية ؟
قال ؛ اما الحصة الثانية فهي لعبد الحسين العفري جيراني الي بالخيمة الي على اليسره ، لان هو مريض وكلياته توجعه ومايكدر يمشي وماعنده غير مرته تداريه ونايم بالفراش ومايكدر يتحرك وعنده التهاب بالكِلية مالته ولازم انا اوصل الهم المساعدات والاكل لان ماعدهم احد
قلنا له ؛ ماشي كذلك
اخذ المساعدات الغذائية والماء ومشى عدة خطى وتوقف والتفت الينا قائلاً
قال ؛ انطوني درزن اضافي مال ماء ، لان هذا عبدالحسين شلع گلبي مايشرب غير ماي بطالة وحتى حصتنا وحصه ام فادي المسيحية ننطيه اله واحنا نشرب ماي من التانكي مال المخيم الله وكيلكم ، موتني عبد الحسين وهو كل عمره يشرب ماي بير مر من چان بتلعفر !! ، وهسه الشفيه مايشرب الا ماي بطاله صاير إحضري من سكن الخيمة يمي ومايكل اله بالشوكة والسكين ، بس تدرون الحمد لله ، هسه شوي تحسن على هذا الماي مال البطاله وكِليته شوي تحسنت احسن من قبل
حمل مساعداته ابو عمر وابتعد عنا عدة امتار بحيث لانستطيع ان ناخذ منه شيئاً لا ابتعاده وتوقف والتفت الينا
وقال ؛ اگلكم خاف انتو عبالكم مسوين علينه منيه بهاي المساعدات والماي !! باجر اروح ادور شغل وارجعلكم افلوسهن مو على اساس مسوين علينا فضل !!
غادرنا ضاحكاً ابو عمر مع اطفاله بملابسهم الرثه التي تكسوا اجسادهم الغضه التي لم ترى هذا الوجع وهذا القهر وهذا الالم من اثر سموم ورياح الصيف المحملة بالغبار والحر حتى في احلامهم ، وضحكنا معه حتى تحول الضحك الى بكاء على ماآل اليه حال هؤلاء المساكين ومن مثلهم وهم الذين تركوا كل شيء خلفهم لكي يسلموا بارواحهم من جحيم الحروب وكوارثها التي تحصد وبِنَهم شديد المزيد من ارواح البشر والضحاي الذين ليس لهم ذنب سوى انهم وجدوا وولدوا على ارض خطأ وزمان خطأ
جار عليهم زمانهم وجعلهم ينتمون الى هذه العشيرة الكبيرة التي يجمعها الرابط الانساني ولاشيء غير ذلك وهي عشيرة البونازحين العراقيين
اخر المعلومات عن هؤلاء النازحين ان النازحة ام فادي المسيحية واولادها الاثنين وجَدَتِهم ام سركيس قد هاجروا الى فرنسا بعد ان حصلوا على توطين من الحكومة الفرنسية ، اما عبدالحسين العفري فيسكن في كربلاء في فندق ويمتلك ( بسطية ) خضراوات ، اما ابو عمر فهو حالياً ( يشد ) سبالت للتبريد في اربيل ، ويتواصلون فيما بينهم عبر الاتصالات الهاتفية لغاية الان ، ويحلمون باليوم الذي يعودوا الى بيوتهم وديارهم بعد ان اجبروا على تركها وهم مكرهين متمنين ان يكونوا اليها عائدين ، هؤلاء نموذج من ابناء عشيرة البونازحين العراقيين