في شارعنا مدرستان وشركة و3 منازل ما تزال تبنى ومحل للمواد الغذائية وبجنبه محل آخر لتصليح السيارات..
هذه ليست مزحة او مبالغة، بل حقيقة واقعة تلخص واقع مدننا اليوم!!
وقد يبدو من الغريب القول ان هذه الحالة المزرية التي باتت تهدد المدن والأحياء والمنازل وأصحابها بالاختناق، تعبر عن خطة منظمة عنوانها (العشوائية)، فبما ان الواقع العراقي بات مميزاً في كل مفاصله، فهو يدير ملفاته بالعشوائية المنظمة، في سبق اداري جديد لم يمارسه أحد قبلنا!!
ان هذا السلوك العشوائي لا نراه في عمقه وجوهره إلا تعبيراً عن فكرٍ محددٍ لا يؤمن أصلاً بصورة المدينة المنظمة التي يعرفها الجميع، وهو مرتبط بصورة وثيقة بإخفاق عميق ما زال يقضم من أسس حياتنا التي عرفناها جميعاً وعشنا في ظلها، ويقتات على عوامل قوتنا دونما اكتفاء!
عشوائية في المباني، وفي المناطق السكنية عبر ضخ هذا الكم المخيف من المحلات والمطاعم والمدارس، وفي استيراد السيارات دونما تخطيط أو ضابط او حتى توفير الشوارع المناسبة لها.. الخ.
والعشوائية تمتد إلى الفكر، فتضربه في صميم الأولويات والرصانة والعلمية والموضوعية، والتعليم ليس بأحسن حال!
ان ما نقوله هنا يثير اشكالية كبيرة جداً في ادارة شؤون البلاد، مثلما انه يفسر الكثير من جوانب الاخفاق، فكيف نصل إلى مبتغانا ونحن نسير في حلقات ودوائر متشابكة، ويزيد من تأخرنا ذلك الغطاء الذي يوفر الحماية لهذا المنهج المفكك لكل صور الدولة الحقيقية!
ولا أزيد من الدلالة على هذا المنهج، ان هذه السطور كتبت في ذات اليوم الذي قدم قانون العشوائيات فيه إلى مجلس النواب، ليكون بمثابة محاولة تقنين لهذا الواقع الاستثنائي دون البحث عن علاجاته المطلوبة!!
ويبقى السؤال يتيماً دونما اجابة: متى يتوقف امتداد هذه العشوائية واين هي نقطة الانتهاء؟!!