23 ديسمبر، 2024 4:09 م

-1-
اذا كان (الكندي) – فيلسوف العرب – يشترط (عشق الحقيقة) في الفيلسوف ، فأنا اشترطها في كثيرين :

اشترطها في ” الكُتّاب ” لئلا يجنحوا نحو زخرف القول … وأباطيله. واشترطها في ” المسؤول” لئلا يثقل كاهل مواطنيه بالعناء والأعباء. واشترطها في ” الطالب ” لتكون غايته العروج الى أوج المعرفة ، لا الحصول على ورقة قد تنفعه في الحصول على عمل ..!!

واشترطها في ” الاستاذ ” لكي لا يكون عمله روتينياً خالياً من الروح .

واشترطها في (الزوجيْن) لئلا ينجرفا الى المهاوي والمطبات ..

واشترطها في (المواطن) ليواصل كَدْحَهُ، وصولا الى مرافئ العزّة والكرامة .

واشترطها في (الاعلاميين) ليكونوا رُسلَ الأمانة والمهنية في أداء أدوارهم المركزية في تنوير الراي العام، بعيداً عن المصانعة والمداهنة…

واشترطها في ذوي (الحرف والمهن) كافة حيث انها توصلهم الى الإبداع..

واشترطها في (موظفي الدولة) بكل مؤسساتها واجهزتها، لانها تبعدهم عن التقصير، وتدفع بهم لرفد المواطنين بأفضل ما يمكن أنْ يُقدّم اليهم…

-2-

إنّ العاشق لا يستطيع التخلي من تفكيره الدائم بمن يعشق ، وَحُبُّه الفواّر يدفعه للابتكار في مضامير إرضائِه ، ودفعِه للتفاعل والتجاوب .

وهذه المهمة مطلوبة من كلّ من سميّناه بلا استثناء …

-3-

ثم إنّ عِشق الحقيقة لا يتوافق مع وجود اية نزعة ” ذاتية ” أو مصلحية أو فئوية ، ذلك ان النرجسيين يعلمون بأنهم أعداء الحقيقة وليسوا عشّاقها المخلصين ..!!

-4-

إنّ عشق الحقيقة يدعو الى اعتماد الوسائل المشروعة في العمل ، وفي اكتساب المال والجاه والشهرة …

وهذا يعني الخلاص من الفساد والافساد

-5-

إنّ عشق الحقيقة لا ينسجم مع اضطراب الميزان الاخلاقي ،

وهذا يعني :

ان عشق الحقيقة يطّهر السلوك من الأدران :

فلا غش ولا احتيال ،

ولا كذب ولا خديعة ،

ولا حقد ولا ضغينة ،

ولا غيبة ولا نميمة ،

ولا بهتان ولا مكيدة ولا دسيسة ..

-6-

ان عشق الحقيقة يأبى اتخاذ القرارات المسبقة البعيدة عن العقلانية والموضوعية …

فلا تهميش لأحد ،

ولا اقصاء لاية شريحة ،

ولا انحياز لشخص أو فئة أو تياّر ….

-7-

ان عشق الحقيقة يعني أننا أمامَ قلبٍ ينبض بالنقاء والصفاء والطهارة…

ومِثْلُ هذا القلب الطاهر هو كنز الكنوز …

-8-

إنّ عشق الحقيقة يحوّل الانسان الى (مَلَك) يسير بِقدميْهِ في الشارع ، وفي الدائرة ، وفي الجامعة ، وفي المسجد ، وفي المتجر …

وفي النوادي الاجتماعية والعلمية والثقافية ، والادبية ، وفي كل الندوات والمؤتمرات …

-9-

ان عشق الحقيقة قصيدة عصماء تهّز أوتار القلوب ، وتثير في النفس والعقل أحلى التأملات ، وأعمق التجليات .

-10-

إنّ ” عشق الحقيقة ” مصطلح خفيفٌ على اللسان ثقيل في الميزان .

إنّ عشق الحقيقة يعني الفوز بسلسلة طويلة من الاختبارات الصعبة في مختلف الحقول والمجالات …

-11-

والآن :

لو كان ” عشق الحقيقة ” يمور في أعماق الناس ، بشتى طبقاتهم واتجاهاتهم ، لما أَمْكَنَ ( لداعش ) أنْ تجنّد عنصراً واحداً لصالح مشاريعها الجهنمية الفتاكة، بأرواح الناس، وأعراضهم، وممتلكاتهم، ولما أمكن ( لدولة الخرافة ) ان يكون لها وجود …!!!

-12-

حيثما تعشش الخرافة والأباطيل ، وتطفو على السطح أفكارٌ طائشة ، ونزعات فاحشة ، يغيب عشق الحقيقة ، وتعوّج السليقة ، وتُمسخُ مفاهيم ، ويُتلاعب بالثوابت والمسلّمات الكبرى