انتخابات مجالس المحافظات على الأبواب , وتقوم مفوضية الانتخابات منذ أسابيع بحملة اعلانية لحث المواطنين على تحديث سجل الناخبين وتطلب من جميع المشمولين مراجعة مراكز تحديث سجل الناخبين والمنتشرة في جميع مناطق العراق مصطحبين معهم مستمسكاتهم والبطاقة الانتخابية لغرض تحديث معلوماتهم والتأكد من دقتها , وهذا اجراء سليم لضمان دقة البيانات وتجنباً لحدوث أية مشكلات في يوم الإقتراع المخصص , ولكن مايلاحظ اليوم هو ظاهرة عزوف الكثير من المواطنين عن مراجعة هذه المراكز ورفضهم تحديث بياناتهم وهذه الحالة يجب الوقوف عندها ومعرفة أسبابها وتأثيراتها .
قامت بعض القنوات الفضائية وبعض الصحف المحلية بعمل استطلاعات مباشرة مع المواطنين وسألتهم عن هذه الحالة وكانت اجاباتهم متشابهة وتصبّ في معنى واحد هو عزمهم على مقاطعة الانتخابات ورفضهم منح أصواتهم الثمينة لأناس لا يستحقونها .
هذه الحالة خطيرة جداً وتثبت بما لايقبل الشك بأن هناك فجوة كبيرة أصبحت تفصل المواطن عن السياسي وتبين لنا انعدام ثقة المواطن بشكل عام بالكتل والأحزاب السياسية التي تدير دفة العملية السياسية في جميع السلطات الرئيسية , وهذه الحالة لم تتولد فجأة بل جاءت نتيجة تراكمات لسنوات طويلة من المعاناة ونقص الخدمات والوعود الكاذبة ومن البرامج الانتخابية الجميلة التي لم يطبق منها شي على أرض الواقع ولم يحصد منها المواطن غير هواء في شبك.
السؤال الذي يتبادرالى الذهن هو انه اذا ظل المواطن العراقي متمسكاً بموقفه وقاطع الانتخابات او كانت مشاركته قليلة بحيث لا تتحقق النسبة القانونية الدنيا المطلوبة للمشاركة حسب القوانين العراقية فما الذي سيحدث بعد ذلك ؟
من المؤكد انه سيتم انهاء الانتخابات لهذا السبب القانوني وستفشل العملية الانتخابية برمتها وسيتولد فراغ سياسي ومن المحتمل حدوث فوضى كبيرة تعصف بالبلد وتكون عواقبه وخيمة .
المطلوب من الطبقة السياسية برمتها ان ان تدرس هذه الحالة وتعيد حساباتها وتسارع بالتعامل مع هذه المعطيات المهمة لانقاذ مصالحها ومناصبها عن طريق اعادة ترتيب اوراقها بشكل كامل لمحاولة استرضاء المواطن ومحاولة ثنيه عن قراره بمقاطعة الانتخابات وهذا الامر لن يحدث بسهولة الا بإعادة النظر بتشكيل التكتلات السياسية بشكل بعيد عن الطائفية والمذهبية والعرقية وخلق تكتلات جديدة وطنية عابرة لهذه المسميات وهذا لن ينجح في اعتقادي بإقناع المواطن العراقي اليائس والمحبط الا بتقديم وجوه جديدة تكون وطنية كفوءة تحمل شهادات علمية سليمة
غير مزورة وأن تغير من برامجها الانتخابية وتترك لباس الدين والمذهب والقومية لأنها أصبحت أوراق قديمة لاتنطلي على المواطن ولن ينخدع بها مرة أخرى.