23 ديسمبر، 2024 12:14 م

عزم وبناء،متحدون، محافظتي اولا، الحل بايديكم ،اوصيكم بالعراق خيرا

عزم وبناء،متحدون، محافظتي اولا، الحل بايديكم ،اوصيكم بالعراق خيرا

الشعارات الانتخابية التي استخدمت في الدعايات اليوم بينت مستوى الفارق الكبير بين تفكير الناس وبين تفكير الساسة ولم “تخرط مشط” الناخب العراقي كما يقول المثل السوري وزادت من السخرية المؤلمة التي يشعر بها الناخب العراقي، وتلك السخرية تمتزج فيها حرقة الناخب والمه والقهر الذي يعتمر في نفسه وهو يطرح العام بعد الاخر عله ينال بعض الامال  وابسطها “الكهرباء” والتي هي ليست الاولى ولا الاخيرة في قائمة الحاجات التي ينتظرها العراقي منذ زمن طويل وفقدت اجيال كثيرة في العراق امل رؤية التغيير وتذوقه. ويتسال المواطن العراقي وهو يقراء تلك الشعارات التي لم تلامس ابسط حاجاته، لماذا تعبد الحكومة بشكل مستعجل طريق السعدون قبل انطلاق احتفالية بغداد عاصمة الثقافة بيوم واحد على سبيل المثال لا الحصر، هل يستحق 250 زائر اجنبي ان تعبد لهم الطرق فيما لايحظى المواطن العراقي بفرصة كتلك ومع جل تقديرنا واحترمنا لزوار العراق من المثقفين والفنانيين وغيرهم، الا ان المواطن العراقي يستحق اكثر وهو يقارن بين ما يحصل بكل تاكيد ليرى انه في مؤخر الاهتمامات الحكومية. ونعود للشعارات الدعائية الانتخابية  “عزم وبناء”… ويسال المواطن (اين هي العزيمة والبناء) فحال البلد من سيء الى اسوء والفساد ترتفع نسبه بينما الامن تنحدر مستوياته والخدمات تستهلك يوميا ولاعزيمة تذكر ولابناء عدا عن خيمة الزوراء وقد يكون المقصود والله العالم ان (تعزم) المقاول الاجنبي عزيمة جيدة حتى يبني لنا العراق “بناء” جيد!!!. او شعار”محافطتي اولا” الذي يكرس روح العنصرية بين المحافظات ويدخل تمييز جديد لقاموس التمييزات العراقية الكثيرة، وهو تمييز (المحافظاتية) فعندما تكون محافظتي اولا، اين يكون العراق ياترى؟ وهل يوجد تصنيف قبل (اولا) لكي نضع فيه العراق؟، او شعار “متحدون” ومن هم المتحدون؟ هل هم ابناء الطائفة السنية ام الشيعية ام الكردية ام كلهم معا، وان كانوا كذلك فهذه مسالة لايمكن تصديقها اليوم رغم اننا نتمنى ذلك، لان الاتحاد بين هذه المكونات يعني ان العراق مستقر ونحن نشهد عراق غير مستقر وفيه كل انواع الخلافات وسببها الاساسي الساسة والذين هم ليسوا “متحدون” ايضا وهل “متحدون” هذه مطلب يسعى له من رفع هذا الشعار ام انه ميزة اتحاد ثلاثة ساسة فقط؟. وهنالك الشعارات الاخرى الكثيرة التي رفعت واختلطت فيها مسميات الكيانات الانتخابية مع شعاراتهم فاصبحت هنالك “عراقية عربية” و” عراقية بيضاء” و” عراقية عدالة” الخ وكلها شعارات فقط اي انها كلام في الهواء سرعان ما يتلاشى بعد ان يضع هؤلاء ارجلهم في خانة الحكم والسلطة. ومن الشعارات التي تطالعنا ايضا ” الحل بايديكم” وهو امر لايمكن الجزم بصحته لان المواطن حاليا لايملك حلولا مع الصراعات الدموية التي تدمر البلد، وقيل قبل اربع سنوات الحل بيدكم وقطعت للناخب العراقي الكثير من الوعود المشابهة لكن شبح الفساد خيم على المشهد وقاد كل الاشباح الاخرى في معركة غير متكافئة مع مواطن اعزل لايملك الا امال وطموحات بسيطة جدا وهي ” سهولة التنقل” و” العمل” و”الكهرباء لتقيه حر الصيف” و”امان اطفالنا ورؤية بسمتهم”. واليكم شعار اخر وهو”اوصيكم بالعراق خيرا” جيد شكرا على هذه الوصية لكن السؤال هو كيف ؟ وما علاقة هذه الوصية بالدعاية الانتخابية؟ يبدو انها علاقة المالك والمُلك والمُستأجِر، فالمالك دوما يوصي المُستأجِر خيرا بالملك خاصته وعليه فان العراقيين يصبحون مُستأجِرين لهذا البلد وعليهم ان يعاملوا هذا الملك معاملة جيدا كي لايعطب او تنفذ موارده قبل ان يغادروه الى بلد اخر في الهجرة المتوقعة لكل العراقيين في المستقبل القريب.
ما نريد قوله مع جل احترامنا لتلك الشعارات وتقديرنا لاصحابها، هل يبحث ناخبنا عن هكذا شعارات؟ وهل سيقنعه مستوى الفلسلفة السياسية تلك؟، وان حصل فهل يملك هؤلاء الساسة ما يضمن للناخب انهم سيمضون “متحدون” نحو “محافظاتهم اولا” و”بعزم وبناء” ويعطون الناخب “المفتاح” ليكون “الحل بيده” ويغادرون العراق “ويوصوننا به خيرا” نحن الناخبين؟. ام ستكون الخطوة التالية لما بعد الانتخابات هي ابتلاع ونسيان كل تلك الوعود فتذهب اللافتات التي علقت في كل مكان ادراج الرياح ومعها الكلمات التي طرزتها ويقلب للناخب ظَهْر المِجَنِّ فيعود يندب حظه مجددا.
للاسف لم ترفع شعارات بسيطة كما توقع الناخب، لم يقولوا له سنعطيك الاستقرار الوظيفي، لم يقولوا له سنعطيك الكهرباء، سنعطيك الامان ونحفظ روحك واوراح عائلتك ولم يقولوا له سنعطي اولادك التعليم الجيد وسنحفظ الكفاءات العراقية كما لم يقولوا ان الضمان الصحي مكفول للجميع ولايسعنا في هذا المورد تعداد كل الحاجات التي يسعى المواطن لنيلها ونكتفي بهذا القدر.