22 ديسمبر، 2024 5:32 م

عروبتنا أم إسرائيلهم

عروبتنا أم إسرائيلهم

تتوالى الأزمات على واقعنا العربي وتتأزم يوماً بعد الأخر كنتيجة حتمية لعبث عقول الصهيونية وتدخلها بشؤون المنطقة, هذا التدخل الدخيل سياسياً حاله كحال كيانهم القزم, لم يتوقف عن شبك مؤامراته منذ وجوده كعائق أمام إستقرار الأرض العربية من محيطها وحتى خليجها, ينوي من خلال هذا العبث توسيع رقعته مقتدياً بنصوص محرفة تنادي بعودة أرض إسرائيل الممتدة من النيل وحتى الفرات تمهيداً لحكمهم (القارة الأرضية) كشعب الله المختار.

لم تكن هذه المهمة بالسهلة حتى وقت قريب وبشكل دقيق حتى بدايات القرن الحالي بعد الإنتشار الرهيب لشبكات الإنترنيت ووسائل الإتصال الإجتماعي وتحكمهم بها لخدمة أغراضهم الخبيثة.

على هذا الأساس إعتمدت الصهيونية على بث وزراعة الأفكار الهدامة وترويجها داخل المجتمعات العربية من خلال هذه الشبكات العنكبوتية إضافة لوسائل الإعلام الأخرى من القنوات الفضائية وصولاً للمجلات والصحف المستوردة.

كما أسست إسرائيل دوائر قرصنة المعلومات التابعة لجهاز الموساد لمزاولة نشاطها في تفكيك وزرع المشاكل داخل المجتمعات المعادية, عبر وسائل الإتصال الإجتماعي.

وقد نشرت جريدة (بديعوت أحرنوت) في مقال لها سنة 2016 إن محاولات جذب عقول القرصنة والجاسوسية الألكترونية للعمل لصالح الكيان الصهيوني لا تزال مستمرة على قدم وساق, تضمن المقال حوار مع أحد قراصنتهم الذي عبر عن هدفه بحماية (الأمن الإسرائيلي) إضافة لأعمال أخرى لم يصرح عنها, كما أشار المقال إلى إن الحاجة لهذا المجال تتزايد يوماً بعد الأخر نتيجة لتزايد إنتشار هذه الوسائل الإجتماعية داخل المجتمعات العربية المعادية.

وقد تمكنت النشاطات الإسرائيلية من حصد نجاحات معينة خلال فترة قياسية محققة إنتصارات يجب الإعتراف بها لتكون خطوة البداية العربية بدراستها والتحذير من أفاتها ثم معالجتها تمهيداً لكبح جموح الكيان الدخيل ثم هزيمته, ومن هذه النجاحات:

1- السيطرة على عدد من الحكومات العربية بشكل مباشر بما يسمى بالتطبيع أو بشكل غير مباشر من خلال شبكات العلاقات الأمريكية البريطانية.

2- السيطرة على الأعلام العربي من خلال محركات الأخبار العالمية وإنتشار حالات التقليد والتسليع السلبي للبرامج, فقد أشارت دراسات أجنبية الى إن عدد البرامج العربية المقلدة قد تجاوز الـ80%, أغلب هذا التقليد مقتبس من القنوات الأمريكية التابعة لمؤسسة (روتشيلد) الصهيونية, كبرنامج the voice و arabs got talent وغيرها

3- زرع البغضاء بين أفراد الشعب العربي نتيجة لتراكم مواقف التخاذل العربي إتجاه قضاياه الداخلية الموحدة والفردية, حتى أصبح من المعتاد أن نرى المواطن العربي يسب العروبة لخذلانه, كما نجحت في تخويف الغرب من العرب والمسلمين على وجه الخصوص ما يطلق عليه بـ(الإسلام فوبيا) بعد إزدياد نسبة العمليات الإرهابية المدارة من داخل مقرات الموساد.

وبذلك تم إبعاد الشعب عن قضيته المصيرية بعد أن حصدت الصهيونية زرعها وفشى وبائها بكثرة المشاكل وحالة الإنقسام السائدة وهو ما يريده هذا الكيان لضمان بقائه وأمنه.

أما إن كان الشعب يسعى لوحدته بعيداً عن مسميات الأوطان المقسمة لوجد الحل وإنعكس ظمأ الحرية بشَبَعِها.

لذا فإن المطلب الحقيقي هو محاربة حكام الإنقسام فمثل هؤلاء لا بقاء لسيادتهم لولا مواقفهم الحميمة مع الكيان الغاشم وتتعدد الأمثال لكثرة وجوههم, وخير الأمثلة (عائلة الأسد) في سوريا, والتي تتولى الحكم منذ ما يزيد عن الأربعين عاماً, أحتلت إسرائيل جزءاً من أرضهم فلم تنطلق رصاصة واحدة لتحريرها بل وضعوا حواجز أمنية تديرها مخابراتهم على طول الطريق المؤدي الى محافظة القنيطرة لمنع دخول المواطنين السوريين لها بينما يتحرك الصهاينة داخل أرض الجولان بحرية, منذ أربعين عاماً والوضع على حاله وطائرات إسرائيل تقتحم أجوائهم كل يوم وهم يتفرجون عليها بصمت ولكن حينما طالب الشعب بحريته قمعوه وقصفوه وقتلوه حفاظاً على كراسيهم, ولنعد قليلاً إلى الخلف وتحديداً لسنوات النكسة العربية حينما إنسحب الجيش السوري وقطع دعمه عن القوات المرابطة بناءاً على أوامر وزيره (حافظ) معلناً الهدنة, كما إنه رفض مقترح القيادة العراقية بالسماح لدخول قطعات الجيش العراقي لتحرير الأراضي العربية المحتلة رفض رفضاً قاطعاً مفضلاً سلامة كرسيه على كرامة أرضه, وإبنه اليوم على خطى أباه يسير, فلو شاءت الصهيونية خلعه لأصبح في خبر كان, ولكنهم أمنون بوجوده وما كل هذه المهازل التي يذبح الشعب السوري من أجلها سوى لدحر أعداء نظامه بمباركة الصهيونية الصفوية.

كما إن حكام التطبيع والخذلان ليسوا بخير من نظام النعجة في سوريا, ليأتي سؤال المواجهة هل ستتحرر الأرض العربية أم سيبقى الخنوع مسيطراً, ربما يمكنني القول ستتحرر حينما يؤذن فجر تحرير عقولنا من سيطرة إقطاع الكراسي بادئين بتحرير كل شبر من أقطارنا لنؤدي صلاة العشاء وتمجيدات المساء في قدسنا المقدسة.

إن أي حلم بالحرية العربية قائم بذاته, فلا كيان غاصب أو عدوان خارجي يقف بوجه تحقُقِه, كل ما هنالك إننا بحاجة الى اليقظة كحاجتنا الى الهواء لننعش عقولنا بضرورة وحدتنا العربية.

فخير أمة لم تخرج للناس لكي تنام