يعرف هيجل الدولة ” على انها الله يسير على الارض”, تعزيزاً لدورها وما تقدمه من خدمات ووظائف أساسيه, خاصةً تلك الدول التي رسمت لنفسها صورة تذكاريه, في عقول المنافسين
من خلال المواجهات التي خاضتها على مر التاريخ. قبل خمسة وعشرين قرناً قال هيراقلسطين ” أن الحرب هي أم الاشياء”, فرغم كل ماينتج عنها من مأسي وويلات, الا أنها تضع الدول المثابرة, على طريق الخلود والقوة.
نقلت العديد من القنوات التلفيزيونيه, يوم 9/5/2015عرض النصر في موسكو, الذي أقيم بمناسبة الذكرى الـ70 للأنتصار على النازية, وحضره مايقارب الـ30 رئيس دولة وقرابة 40 مسؤولا أجنبيا .
شارك في العرض العسكري نحو 16 ألف عسكري و190 قطعة من المعدات الحربية و150 طائرة ومروحية، بما فيها أحدث نماذجها, وصواريخ “يارس – 24” العابرة للقارات، ودبابات وعربات المشاة القتالية الحديثة “أرماتا”، والعربات القتالية “كورغانيتس” و”راكوشكا” و”تايفون”، والطائرات المقاتلة “سو – 34” و”ميغ – 29 أس أم تي”، وقاذفات القنابل الاستراتيجية “تو – 160″، والمروحيات القتالية “مي –28 أن” (الصياد الليلي)، و “كا – 52 “(التمساح).
الا أن مالفت انتباه المتابعين لهذا الحدث المميز, هو وقوف الرئيس الصيني الى جانب الرئيس الروسي, من اجل تحية الجيوش والاكاديميات العسكرية المشاركة.
روسيا والصين؛ خليفتا الامبراطوية السوفياتية, والند العنيد الذي طالما شغل عقول ومنظري السياسة الاميركية منذ عام 1948.
مانتج من دراسات ورؤى حول العدو الجديد الذي يجب على أميركا مواجهته بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991, كانت ولازالت غير متطابقة مع أرض الواقع, لان دراسة نهاية التاريخ للأميركي فوكوياما, ونظرية صدام الحضارات لهنتكتون, لم تكن صائبة, وقد فندها عرض النصر في موسكو, ورسم عنوناً مفاده” مافي الاباء يورثه الابناء”.
سياسات الحرب الاقتصادية المفروضة على روسيا مؤخراً, وضربها في خاصرتها الاوكرانية, ماهو الا دليل على سقوط نظريات العدو الاخضر(الاسلام), وصدام الحضارات, وغيرت مجراها نحو الابناء الاقوياء وأن لم يحن وقت المواجهة مع التنين الصيني .
كتب عرض النصر رسالة واضحة لأميركا ودول الاتحاد الاوربي الحليفة, مفادها أن الدب القطبي, مازال في ريعان شبابة, وعلى الجميع مراجعة مواقفة السياسية, التي لم تستطيع تغيير الواقع ولو بقيد أنمله. تفسير رسالة العرض لم تكن وحدها ما شغل محللي ومتخصصي السياسة الاميركية, بل مازاد الامر تعقيداً هو “الابتسامات”, التي كانت تملئ الوجوه المستعرضة, ودرجة الانضباط العالي والكبير للمشاركين.
لمن لم يكن متأكداً من أسباب المواجهات في الشرق الاوسط, ومناطق النفوذ الروسي, ها هو اليوم قد تأكد بان سببها قوة روسيا والصين المتزايدة وبسرعة كبيرة, والتي سوف تغير رسم الخرائط العالمية من جديد.