23 ديسمبر، 2024 11:29 ص

عرضُ ازياءٍ مُرَقّط . !!

عرضُ ازياءٍ مُرَقّط . !!

لمْ يعجبني اصلاً استخدام ” الكلمتين الأوليّتين ” للعنوان اعلاه واللتين اكتبهما على مضض .! إنّما ما دفعاً دفعني لذلك هو ال < MILITARY ANARCHY – الفوضى العسكرية > السائدة في البلد وبغضِّ النظرِ عن افرازاتِ داعش والدواعش , بل ومن قبل ظهورهما على مسرح العمليات , كما انّ الأمر لا علاقةَ له بفقدان الأمن المزمن منذ سنين طوال .
هذه الفوضى العسكرية ترتبطُ اوّل ما ترتبط بالقادة العسكريين الكبار الذين يتربّعون على القيادة العليا للجيش , وبالمستوى الفكري الذي يحملوه , وهل يتناسب ” طردياً او عكسياً ” مع الرتب والنجوم التي تملأ اكتافهم . ومن وعِبرَ قادة القوات المسلحة ” الجيش والشرطة ” تبدأ نقطة انطلاق الفوضى العسكرية لتغدو واسعة الأنتشار وثم لتستشري وتستفحل في الجسد العسكري الذي يفقد انضباطه العسكري , ومعروفٌ أنّ فقدان الأنضباط يعني فقدان العسكرية برمّتها .
   الواجهةُ الخارجيّةُ التي تُمثّل العنوان الرئيسي للفوضى , ولهذا الموضوع ايضا هي الأنتشار المفتوح واللامحدود للزيّ العسكري المرقّط < وبألوانٍ مختلفة ! > لضبّاط ومراتب وجنود قواتنا المسلحة وبشكلٍ في غاية العشوائية والفوضوية بما لمْ يشهده تأريخ الجيش العراقي ولا كافة الجيوش الأخرى في العالم , وبحيث امسى ذلك يشكّل صورةً مشوّشة في رؤى عموم المواطنين ولم يعد بوسعهم فهم او التمييز بين هذه الألوان والنقوش العسكرية المرقّطة حتى في داخلِ مركزِ شرطةٍ ما او وحدةٍ عسكرية او في نقاط التفتيش وحتى في دوائر وزارة الداخلية التي يراجعوها المواطنون .
  جميعنا نتذكّر ونعرف ” عدا صغار الجيل الجديد ” أنه وعلى مدى تأريخ الجيش العراقي , فلم يكن سوى نوعين محدَّدين للزيّ العسكري المرقّط , وكان اولهما لصنف المغاوير  والذي كان يسمّى ب ” الصاعقة ” والذي يقال انّ اوّل مَن ادخله الى الجيوش العربية هو الفريق الراحل ” سعد الدين الشاذلي ” رئيس اركان الجيش المصري اثناء حرب تشرين في حرب 1973, وكان ذلك بعد منتصف القرن الماضي وتبنّته كافة الدول العربية , وبالطبع فأنّ ” المغاوير ” كما متعارف يمثّلون صنفاً عسكريا بحدّ ذاته ولهم تدريباتهم الخاصة ودوراتهم العسكرية بهذا الشأن , وحتى انّ رواتبهم اعلى مستوىً من الجنود الآخرين , ولا يمكن لأيٍّ من كان ارتداء هذا الزي المرقّط ما لم يكن منتمياً لهذا الصنف . ثمّ ظهرَ التشكيل الأكثر تطورا بعد ذلك وهو صنف ” القوات الخاصة ” الذي يخضع لتدريباتٍ شاقّه وشروطٍ فنيّةٍ محددة للأنتماء اليه , وكان ضباط وضباط صف وجنود هذا الزي يرتدون زيّاً مرقّطاً آخراً يختلف في تصاميمه عن زيّ المغاوير بغية التمييز بينهما , ولا يوجد ايّ زيٍّ مرقّطٍ آخر سواهما , وكان من المحال ارتداء هذين الزييّن لغير وحدات المغاوير والقوات الخاصة كما هو معروفٌ عن كثب . ليس هذا الأسترسالُ في الحديث لما هو راسخٌ في الرؤى سوى ما تثيره علائم الأستغراب حول هذه البدلات العسكرية المرقطة المتباينة الألوان والنقوش بين منسبي القوات المسلحة منذ ان      تمّ إعادة تشكيل جيشٍ عراقيٍّ جديدٍ بعد الأحتلال , والتي تمثّل افتقاد القيادة والضبط العسكري وانعدام التنظيم , وما تجرّهُ من نقدٍ شديدٍ للقيادات العليا في القوات المسلحة , بل ما سيببه ذلك من غصّه في التساؤلِ والقول : < اذا لم يستطع القادة العسكريون تنظيم وتوحيد اولى وابسط مستلزمات العسكرية فكيف يغدو بوسعهم خوض المعارك والسيطرة على وحداتهم العسكرية .!؟ > ..
 ولعلَّ ما يزيد الطين بلّه بل هو ما اكثر من ذلك هو انتشار المحلات التي تعرض وتبيع كافة تصاميم والوان البدلات العسكرية مع شاراتها وعلاماتها ورتبها , وهو ما يُسهّل ” بكلّ تأكيد ” من اقتناء العصابات والمجموعات الأرهابية وتمكينهم من ممارسة الخديعة الأمنيّة البسيطة لأختراق القوات المسلحة في مجالاتٍ عدّه , بالأضافة الى استفادتهم منها في ابتزاز المواطنين وخداعهم عن طريق هذه الأزياء , سواءً كانت مرقّطه او لم تكن .!؟
وهل تراهُ صعباً على وزارتي الدفاع والداخلية التعاقد مع احدى الدول او الشركات لوضع وصنع زيٍّ خاصٍّ بالقوات العراقية ويكون ذو نقوشٍ بارزة يصعب ” ولا يستحيل ” تقليدها من القوى المعادية سواءً الداخلية منها ! او الخارجية  .! إلاّ أنّ الأهم من كلّ ذلك في رأيي ” على الأقل ” اذا ما كان هذا الطرح ” قابلاً للصرف ! ” لدى القيادات العسكرية , او اذا ما كان مَن سيقرأهُ احدهم .!!