23 ديسمبر، 2024 12:51 ص

عربانة (ربل) الذكريات
لازال لوقع حوافر الأحصنة على اسفلت الشارع وتلويح ” “العربنجي” (الحوذي) ب”القامجي” (السوط) صارخا بحصانه “ديخ” ، صدا في ذاكرتي البغدادية الطفولية.
كان “الربل” وسيلة النقل المفضلة علي وكنت أطلب من والدتي اعتلاء تلك الواسطة كلما توفر لي ذلك.
كنت اجلس وانا متكئا على “الكوشن” (المقعد) الجلدي الكبير وقدماي لا تلمسان ارض العربانة، شعور “ملكي” والربل يتهادى في شوارع بغداد ورنين المنبه (الهورن) الذي يطلقه العربنجي بكبسة قدم يمتزج بصخب الشارع البغدادي.
كانت هذه رحلة لا تضاهيها، بالنسبة لطفل صغير، اي رحلة بسيارة فارهة سريعة. عيناي تتنقلان بين الشارع والعربنجي الذي كان يعتمر “الجراوية” التراثية الجميلة.
مما اتذكره فإن العربانة كانت تظلل بمظلة من الجلد الاسود في ظهيرة بغداد الحارقة وتبقى مفتوحة في لياليها الصيفية.كما كانت تعرفة السفرة تتراوح ما بين ال ٥٠ و ١٠٠ فلس. أما الأحصنة فكانت تغطى جوانب اعبنهما بقطعتا جلد اسود كي لا يلتفتا إلى جوانب الطريق.
كم كنت احزن عند ترجلي من العربانة فهي كانت كلعبة من لعب مدينة الألعاب.
أيام العربانة مضت. لكن وقع حوافر خيولها و رنات “هورنها” ما زالا يدندنان في رأسي.