هكذا عاد العراق كرة بين ارجل شعيط ومعيط في ملاعب الفوضى والفنتازيا السياسية، عصابة شعيط ومعيط هم ومن يدعمهم ويرفعهم لدرجات في اتخاذ القرار لا يفهمون هم انفسهم ماذا يجري وكيف وصلوا لما هم عليه وما السبيل ليفعلوه وهم يلعبون بالوطن “شاطي باطي” واصبح من المهازل ان يتحول العراق الى هذا المستوى من استمكان الجهلة والتافهين وانصاف الأميين به وبمقدراته ومستقبل أبنائه.
يا للهول… ونحن نتوصل بأخبار لا يمكن تصديقها حتى بين قبائل الأبورجيين في استراليا وما تتصف به من بدائية وتعيش خارج سياق الحضارة، هكذا عاد العراق البلد العريق ذو الحضارة الضاربة في عمق التاريخ، هذا البلد صانع الأمجاد ومؤسس العتبات الأولى لثقافة وقوانين العيش الآدمي الحقيقي، يتحول بين ليلة وضحاها الى ساحة من الممارسات الهمجية ترتكبها فلول بثراء فاحش، بعد ان كانت بالأمس تستجدي على أبواب الدول المعادية، رغيف الخبز، لتتحول الى مافيات وعصابات تستحوذ على ثروة البلد وتحوله الى فاقد للأهلية، بلد مصنف في ذيل لائحة دول المعمورة.
لنأخذ بعض الأمثلة البسيطة في حدوثها وأهوالها العظيمة في فهم اسبابها، ذلك انها لا تحدث الا في بلد لا يحتكم على أدني معايير القيم الإنسانية والقانونية والمجتمعية والأخلاقية.
كما تناهى لعلمنا، أن هناك حارسا لمدخل احد البنوك العراقية، معدم وفقير وأمي يتحول الى رتبة (فريق) وهو لا يحمل الشهادة الابتدائية ليترقى لاحقا الى مفتش للمالية وهو لا يعرف عمليات الحساب البسيطة، هذا ما ورد على لسان احد ضيوف برنامج (بكل جرأة) على فضائية ANB العراقية، وهو شاهد عيان لحدوث مثل هذه المهازل الكارثية، ليضيف لها امثلة يشيب لها شعر الرضيع منها: ترقية “جايجي” الى رتبة (عقيد) ومعمم الى رتبة (فريق) وهناك حارس في FBS وهي وظيفة حارس أمن، يترقى بقدرة قادر الى رتبة (لواء طيار) وهو لا يعرف قيادة باص الخشب القديم، ويحتكم على ثروة تقدر ب11 مليار دينار. وغيرها من الأمثلة الصادمة والتي تعني ضياع العراق على ايدي الجهلة والمنتفعين واعداء الوطن، من يصدق ما يحدث من مهازل؟ والمصيبة ان من يدفع لهكذا كوارث التي لا تحتمل التصديق، هم من تولوا رئاسة الوزراء في العراق ووزراء ورؤساء كتل سياسية ومتنفذين في أحزاب الإسلام السياسي ممن ابتلى بهم العراق ليمارسوا مثل هذا العبث الذي عاد اضحوكة للقاصي والداني في داخل العراق وخارجه، فلا غرابة ان تسقط نينوى وبقية المحافظات الغربية على يد داعش خلال ساعات ويهرب قادة الجيش المقدام من معممين وحراس بوابات المصارف والفراشين وبائعي الشاي ، هذه الفلول المعروفة بتبعيتها لأحزاب الفساد والخراب المصنفين ضمن التعريف البيزنطي “الدمج” المعروفين بماضيهم الخياني للوطن وخدم الدول الحاقدة على العراق، ممن وضعوا انفسهم في خدمة من يريد الخراب والدمار للعراق، وهم يتفاخرون بما يقدمونه من خدمات لتنفيذ رغبات من يريد تصفية الحساب مع الشعب العراقي.
وها هي النتائج الكارثية التي حولت البلد الى مرتع لكل من هب ودب وبددوا ثروة العراق في كل الاتجاهات واستبدلوا الكفاءات العراقية وقدرات العراقيين في البناء وإعادة الاعمار والحفاظ على ثروة البلد وكرامته وسيادته، بسماسرة ومأبونين وفاقدي الأهلية المعرفية والأخلاقية والوطنية وسواها من صفات الذل والخنوع والخيانات وغيرها.
ان مجيء الكاظمي لم يغير من الوضع المتهالك شيئا، سوى بعض الإجراءات الترقيعية لذر الرماد في العيون، تلك التي أبقت دار لقمان على حالها، بتوسيع وازدياد حالات الجرائم والاختطافات والتغييب لخيرة شباب العراق ومفكريه، وحالات القتل والانتحار واستهداف شباب تشرين الثائر، وعدم كشف قتلة ثوار تشرين والفاسدين من الرؤوس الكبيرة، ولم ينل المتضررون من انفلات المليشيات وما ترتكبه من جرائم فضيعة، غير الوعود المعسولة والكلام البارد والتهديد المضحك، ليستمر المسلحون في مواصلة تحدي السلطة بكل تكويناتها الأمنية والعسكرية المدججة بكل انواع الأسلحة الفتاكة دون طائل أو نتيجة تريح الناس من شرور العصابات الآخذة في التمرد والتحدي والاستهتار والنيل من الأبرياء.
أن الوضع الخطير في العراق بكل تفاصيله، الأمنية والاقتصادية والعمرانية والاجتماعية وسواها يتطلب صرامة مسؤول شجاع وجريء، لا يهاب التهديد او عصابات الجريمة المنظمة من كتل وأحزاب ومن يلوذ بحماهم، لأن الوطن أكبر وأسمى من هذه الفلول الجبانة في حقيقتها والمستأسدة بأسيادها من الخونة والجبناء واللصوص والفاسدين، ليكون شعار من يتسلم هكذا تحدي شجاع “عليّ وعلى اعدائي”.
أن من يريد اخراج العراق من هذه المحنة المستفحلة فعلا والآخذة بالتمدد لعدم وجود روادع تسحق كل الخارجين عن القانون ومن يدعمهم ويقف وراءهم دون رحمة، أن يكون ذا بأس وقوة وصرامة، بعزيمة فدائي حقيقي، وليكن مثل هذا المسؤول الوطني الشجاع منذورا لخلاص الوطن والشعب من هذه الحثالات الرثة التي ان لم تلق المواجهة الحقيقية والحاسمة، ستستمر في الخراب والاستهتار بمقدرات البلد ومستقبل الأجيال القادمة، وتقرير مصائر الناس، لأن ما يهمها بالأساس هو تنفيذ اجندات أعداء الوطن تحت مسميات عقائدية ودينية تأتي في أولويات الانتماء لوطن أسمه عراق.
وسوى ذلك فنحن والطوفان