” مشكلتنا في الثورات أننا نطيح بالحاكم ونبقي من صنعوا دكتاتوريته لهذا لا تنجح أغلب الثورات، لأننا نغير الظالم ولا نغير الظلم” -علي شريعتي-
هل يمكن ان تكون هناك دكتاتورية دون دكتاتور في العراق كل شيء ممكن ما دام حكم الصبيان قائما . لقد عانت الثورة الشعبية في منطقتنا العربية من هزيمة من قبل قوى الثورة المضادة دائما اثناء الفترة الانتقالية بعد سقوط الانظمة الرجعية والحق ان النزعة الطاغوتية هي من يصنع الطغاة لا العكس وستبقى تلك النزعة مستقبلا حتى بعد وصول اخر صرعات التيارات السياسية بعد الاشتراكية والقومية الا وهي موجة التيار الاسلامي السلفي الطائفي الذي وصل عن طريق الخداع الانتخابي للاعم الاغلب من الشعب الجاهل المتعطش حتى لماء السراب والمتعلق حتى بالطحلب والمطالب للنجاة باي ثمن وتحت اي راية . هذا الاسلام السلفي الطائفي الذي يتلقى الدعم من دول غربية ولوبيات نافذة فشل في تحقيق اهداف وشعارات رفعها وتبنها تتعلق بحقوق اساسية لشعوب المنطقة ومنها شعبنا العراقي فلا حكومة ثورة قامت ولا شعارات طبقت ولم نجد الا المحاصصة الطائفية والتنازلات من اجل مصالح فئوية او شخصية وعادت الشمولية من جديد وسقطت تجربة المجتمع المدني وتم التخلي عن المصالح الوطنية العامة التي لم تعد سوى شعارات انتخابية زائفة تقدم مشاريع وهمية كدعاية سياسية. ان عودة الاسلاميين في ظل تجربة الاسلام السياسي الطائفي الى اتباع الاساليب الدكتاتورية هو سيطرة عقلية الاقصاء والتهميش للمخالف والمغاير وسيطرة عقلية الطاعة العمياء للقائد لذا فلا نجد الان اي قيادة جماعية ذات طابع ديمقراطي في هرم العمل السياسي حيث تم رفض التعددية في القرار ور فض التسامح مع النقد فضلا عن قبوله او ممارسة اي نقد ذاتي وتوظيف الدين والمذهب لصالح الموقف والمكانة السياسية للقادة بل لقد اصبحت القيم الاسرية والانتماء العشائري والطابع القبلي هو معيار اختيار الانتماء للتنظيمات السياسية من القاعدة الى هرم القيادة في التعيين والاختيار فلا تكاد تجد قيادة تخلو من قرابة اسرية او عائلية او مناطقية فاصبح فلان قائدا وموهلاته القيادية فقط انه ابن عم فلان القائد او لانه اخو فلان او عديل فلان او زوج اخت علان او لانه من نفس مسقط راس علان والانكى انه يجب ان يكون من ال فلان او ال علان في أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ لكن {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }المؤمنون53 فلا كرامة ولا حرية للاتباع او للشعب ولا مواطنة وذلك كله يخدم المشاريع التوسعية الامبريالية والصهيوينة والرجعية وفي تقرير المصير من خلال اعاقة مشاركة الشعب في صنع القرار وفي تقرير المصير عن طريق فرض الوصاية الرجعية الدكتاتورية عليه وهو احتلال غير مباشر للعراق ولعموم المنطقة ان القوى الوطنية الثورية نخبوية منعزلة عاجزة وقاصرة عن التاثير وعن كسب الجماهير وعن تحقيق حتى ابسط احلام الكادحين لقد اصبحت السياسة في العراق سياسة استعراضات انتهازية موسمية تقرر خلف ابواب مغلقة مستخفة بقيم الانسانية والوطنية تهمش عن عمد الشعب ونخبه المثقفة الواعية والتحرير من قبل قيادات مجنونة بجنون التفرد في الزعامة والقرار وشخصنة القيادة والانتصار تعمل وفق كذبة التكتيك الواقعي في فن الممكن الانتهازي بعيدا عن احلام الثورة والتغيير وعن طوباوية التنمية واصبح حلم القادة المال السياسي العام والمكانة السياسية المتنامية والنفوذ المتصاعد والبقاء في السلطة بعد الوصول اليها لذا تخلفت حتى الادبيات الحزبية بل انتهت واختفت حتى التغييرات الاستراتيجية في المؤتمرات الداخلية التي لاشان لها سوى التبرير لبقاء القائد الضرورة ولك ذلك فلا مستقبل مشرق يمكن ان ينتظر العراق في ظل هكذا تنظيمات وهكذا قيادات بل ان خطر تمزق العراق وافككه وانهياره في تصاعد رهيب في ظل ردة اعادة انتاج دكتاتوريات جديدة باستمرار ومنظمات ارهابية عديدة ومافيا الجريمة الاجتماعية تكرس القبول الشعبي للجهل والهمجية والخنوع للاستبداد والاستعمار والاستحمار الجديد ان خيار التغيير لا يمكن له ان يتحقق في انتخابات ديمقراطية صورية يمارسها فئات كثيرة من الشعب تحت ارهاب الجهل والرعب الطائفي فلا تغيير دون ثورة.