23 ديسمبر، 2024 12:38 ص

أثار إنتباهي عنوان أحد الكتب السياسية المهمة للباحث الإسلامي عادل رؤوف ، وكان عنوانه المثير للإنتباه ( عراق بلا قيادة ) قراءة في أزمة القيادة الإسلامية الشيعية في العراق الحديث ، وإذ أقتبس هذا العنوان وأنا لست بصدد عرض مضمون هذا الكتاب على أهميته ولكنني إقتبسته كونه يعبر عما أريد إن أتحدث به عن العراق بعد 16 سنة عجاف من سقوط النظام .

لابد أن يستذكر الساسة وأصحاب الاختصاصات المختلفة ووسائل الإعلام وعامة الناس ما تحقق للعراقيين من مكاسب اقتصادية وديمقراطية وإجتماعية منذ سقوط ما أطلقنا عليه الصنم في 9 نيسان 2003 ، فأن مشاعر الناس بل الإحصاءات والأرقام الرسمية الصادرة من الجهات العراقية والمنظمات الدولية تؤشر لحقائق مرعبة تؤكد إن الكثير من الناس تنازلت عن كل الأحلام والأمنيات والرغبات في الرخاء والحرية ، وأصبحت تأمل بالحد الأدنى من الحياة الطبيعية والإستقرار المتوفر في أقصى ( الغابات الأستوائية والأفريقية ) .

إن غياب الرخاء وسد الرمق عن ملايين العراقيين تعتبر كارثة عظمى لأنهم يعيشون في أغنى بلد نفطي ، ولكنهم ضمن التصنيف العالمي يعيشون تحت خط الفقر ، ورغم إنهم أبناء حضارة عريقة إلا أنهم الآن في أدنى مستويات التخلف والجهل والبطالة والتسرب من المدارس والجامعات والإيمان بالخرافات وشرب المخدرات .

في الوقت الذي تحتضن أرض العراق كل المقدسات ، لكن شعبه يعاني من إنتهاك أغلب المحرمات التي تمارسها قوى الإرهاب والمافيات التي تحتمي من بعض النواب و الأحزاب ، وكأنها لا تعترف بالحكومة والقانون ، بل لا تخاف حتى من الله ، وبعض الأحزاب ترفع الشعارات الوطنية طوال العام وترددها على مدى 24 ساعة وهي أول من ينتهكها ويدنسها .

وهذا العراق بعد 16 عام أنفقت فيه المليارات من خزينة الشعب العراقي ومليارات أخرى كقروض من البلدان المتعددة الجنسية وصندوق النقد الدولي ، كلها عجزت عن توفير الأمن وإعمار العراق وتدفق الكهرباء ، لأنها وبصراحة ذهبت أغلبها إلى جيوب الفاسدين و المفسدين ، وهذا ليس سرا فبعضهم من كبار الشخصيات السياسية .

وماذا بعد من منجزاتنا خلال هذه السنوات ، ملايين من الأرامل والأيتام ضحايا الحروب الإرهابية الداعشية والطائفية ، مع غياب شبه كامل للمؤسسات الخدمية والإنسانية ، وظهور الآلاف من منظمات المجتمع المدني الوهمية والشبحية والتي فاق عددها ما يوجد في أوربا وأمريكا ، لكنها لم تستطع إن تزرع كلمة طيبة واحدة في عقول المجرمين والمختلسين والمنافقين والفاسدين ، أو تنجح بإعادة طالب واحد إلى مدرسته أو تدفع البعض من المسلحين برمي سلاحه ، بل العكس أصبح المنطق السائد الآن إن المتآمرين و الإرهابيين حققوا ما يريدون بإرهاب الناس وإرهاب الحكومة نفسها .

ولعل أخطر ما حصدناه في هذه السنوات إننا ما زلنا نخاف من أصحاب الكروش العفنة التي سرقت أموال العراق وأنشأت المليشيات والعصابات التي تحميها بالمال السحت الحرام ، وأصبحنا نحضر أكفاننا ونحن نسلط الضوء والحقيقية على أشباه الرجال من ( أبطال ) الفساد السياسي والمالي والإداري .

أيها السيدات والسادة ترى كم سنة نحتاج من الوقت لتنتصر الحرية وتتلاشى المليشيات وتنتهي ظاهرة المؤامرات والقضاء على الفاسدين والمارقين والمشبوهين وبقايا الداعشيين أذناب الديناصورات الإقليمية والعالمية ويعم الأمن والأمان ، والجواب هو إن هذا الزمن يتحدد في ذات الوقت الذي يعترف فيه الناس بأن العراق قد وجد له قيادة ورجال دولة ينتمون للعراق وليس لإمتيازات كراسي العراق ويضربون بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بالقانون سواء كان زيدا أو عمر ، وبدون ذلك ستضيع السنين بل قل القرون وأنت لا تبالغ