18 ديسمبر، 2024 9:52 م

عراق بلا ظلال داکنة

عراق بلا ظلال داکنة

إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش و طرده من العراق، مع إنه إنتصار کبير لايمکن الاستهانة به خصوصا وإن العراق قدم الکثير من الدماء و الاموال و الجهود عتى تيسر له ذلك، لکن، لم يظهر و يتجسد ذلك بصورة واضحة على وجوه العراقيين، فهم صحيح قد خرجوا من کارثة و مصيبة لايمکن الاستهانة بها أبدا، لکنهم يتخوفون في أية لحظة من دخول في واحدة أخرى أسوء منها، إذ إنهم ومنذ الاحتلال الامريکي لعراق و تعاظم النفوذ الايراني فيه، تعودوا على نمط من سئ الى أسوء وصار الامن و الاستقرار و لقمة العيش يتم إنتزاعها بصعوبة، خصوصا إذا ماعلمنا بأن النفوذ الايراني يکاد أن يملك بزمام الامور کلها الى حد ما في العراق، ولأن الشعب الايراني لم يذق إلا الهوان من نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، فإنه من الصعب أن ينعم العراق بأوضاع هادئة يلتقط الشعب العراقي فيها أنفاسه.
المفارقة التي يجب أن ننتبه إليها فيما يتعلق بالدور الايراني في العراق، هي إن هذا الدور لايطرأ عليه أي تغيير إيجابي مع حدوث تغييرات سياسية في طهران بين جناحي الجمهورية الاسلامية الايرانية، والانکى من ذلك إن الاوضاع في إيران قد تزداد سوءا تبعا لذلك، ومن هنا، فإن التعويل على عهد روحاني و إنتظار أن يتمخض عنه تحولا إيجابيا في العراق، أشبه مايکون بأن تتمنى مطرا من غيمة يتيمة في عز الصيف!
عهد روحاني الذي بدأ بعد تفاقم الاوضاع في طهران و وصولها الى مرحلة بالغة الخطورة، إنما هو عهد قد بدأ من أجل الحد من تفاقم الاوضاع هناك من جانب و السعي لإمتصاص النقمة الشعبية المتصاعدة في سائر أرجاء إيران لکنه فشل في ذلك و رأينا جميعا إنتفاضة کانون الثاني 2018، التي هزت النظام بأسره، بمعنى إن روحاني قد جاء بمهمة خاصة من أجل النظام القائم و ليس من أجل المنطقة عموما و العراق خصوصا کما يحاول البعض أن يفسر ذلك لکنه وکما توضح يواجه الفشل تلو الفشل.
منذ آب 2013، أي بعد أن إستلم روحاني مهمام منصبه کرئيس للجمهورية، ساءت الاوضاع کثيرا في العراق بعد أن بدأ الدور الايراني يتصاعد و يتسع بصورة ملفتة للنظر حتى وصل الى حد يمکن أن نصفه بذروة التدخل الايراني في العراق، والاهم من ذلك إنه لم يصدر ولو تصريح واحد من روحاني بشأن إنتقاد دور بلاده في العراق خصوصا و المنطقة عموما بل وعلى العکس من ذلك نجد إن روحاني قد أشاد خلال الاعوام الثلاثة المنصرمة في أکثر من مناسبة بهذا التدخل و دافع عنه، وإن العراق الذي فقد عافيته منذ تصاعد التدخلات الايرانية فيه لن يستردها عبر لعبة تبادل الادوار في طهران و التي تجري أساسا من أجل مصلحة النظام وانما يتم إستردادها من خلال إنهاء التدخل الايراني جملة و تفصيلا و جعله محددا وفق القوانين و الضوابط الدولية المعمول بها في العلاقات بين الدول علما إننا يجب أن نشير الى نقطة مهمة وهي إن إستمرار النفوذ الايراني في العراق يمنح بلدان إقليمية وأخرى في العالم الحق بأن تتحرك لبسط نفوذها أيضا بموازاة ذلك من أجل المحافظة على مصالحها و أمنها وبهذا يصبح العراق مغطى بالظلال الداکنة لنفوذ هذا البلد و ذاك.
مايجري في طهران هو شأن إيراني يتعلق بالنظام القائم نفسه و بمصالحه الخاصة و لايجب أبدا إنتظار تحسن أو تغيير إيجابي من جانب قادة و مسٶولي نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وانما يجب العمل من أجل السعي بإتجاه تحديد و إنهاء هذا الدور و الذي کما أسلفنا الضمان الوحيد لکي يسترد العراق عافيته، وقطعا فإن ذلك لن يتم أيضا مالم يکن هناك تحرك وطني عراقي و دعم عربي و دولي لهذا التحرك بإتجاه إنهاء التدخل الايراني و إستعادة العراق لعافيته التي هي في الحقيقة سيادته الوطنية.