19 ديسمبر، 2024 4:22 ص

عراق اليوم عراق الاحتلال والشفافية والدستور والديمقراطية – 1

عراق اليوم عراق الاحتلال والشفافية والدستور والديمقراطية – 1

 كنت في زيارة للعراق وسجلت ما سجلت التي سأنشرها تباعا تحت عنوان البلد التالف
الجزء الاول: لماذا تالف؟

العراق كان بلد فيه بعض حياة تم تعطيله بالحصار المتعمد والاحتلال الذي دمر البلد و مزق نسيجه الاجتماعي وهّدم بناه التحتية بالكامل ليتحول من بلد عاطل او ايل للسقوط الى بلد تالف …بكل ما تعنيه هذه الكلمة المدوية الهائلة
التالف او التلف معروف و لا نحتاج الى تفسيره فهو متنوع مايكروبي وفيزيائي وكيميائي وتلف العراق فيه كل الانواع. التلف يؤدي الى تغييرات كثيره في الشيء التالف في اللون والرائحة والطعم واسبابه كثيره.
 
العراق اليوم تالف سياسياً واجتماعياً ودينياً وثقافياً وصحياً واقتصادياً وعلمياً وبيئياً.وسيستمر ذلك لسنوات طويله و لا تنفع معه المفاوضات ولا الاتصالات ولا الوساطات ولا التدخلات ولا الاجتماعات و لا تحسن صحة الطالباني و لا الوسيط الامريكي.العراق تالف كما صحة رئيسه الراقد في غيبوبة وسيستمر.

العراق تالف اليوم لأنه البلد الوحيد في التاريخ المريض نفسياً فكل شعبه يحتاج الى استشارة علماء نفس ببساطه لأنه بلد خاض حرب استمرت متواصلة لمدة اكثر من ثلاثين عام ولا يزال.

البلد الذي تفتك بشعبه الامراض المعروفة وغير المعروفة و منها السكري والتهاب القولون والسرطان والتهابات الكبد.
الشعب الذي يأكل بنفس الطريقة التي كان يأكل به الشعب قبل ستين او سبعين عام من حيث المكونات او الغذاء الرئيسي او طريقة اعداده ( انا هنا اقول من ناحية القيمة الغذائية واحتياجات الجسم للعناصر الغذائية الأساسية من املاح ومعادن وفيتامينات ) لذلك تراه من اكثر الشعوب ترهلاً و(تكرشاً) وهذا من علامات سوء التغذية وسوء الحالة الصحية.

البلد الذي لا يمارس شعبة الرياضة و ليس لشبابه طموحات او هوايات . والشعب الاقل استخداماً للدراجات الهوائية في التنقل او الرياضة.
اقل البلدان في العالم ( ربما هناك الصومال او غيره اقل منه )استعمالاً لفرش ومعاجين الاسنان…وحتى نخبه السياسية والدينية والاجتماعية لا يعرف الكثير منهم أهمية تنظيف الاسنان واوقاتها وعدد المرات يومياً والعمر الافتراضي لفرشة الاسنان وضرورة تغييرها.

بلد ممزق عرقياً ودينياً…اجتماعياً وسياسياً
بلد ليس له يوم وطني و لا علم و لا نشيد وطني ولا مناسبات متفق عليها شعبياً.
بلد فيه الغالبية العظمى من الطبقة السياسية من وزراء وأعضاء برلمان والرئاسات الأربعة فاسده وعميله ولكل واحد منهم ملف في دوائر مخابرات محليه واقليميه ودوليه.
البلد الفاسد رقم واحد في العالم ولسنوات متتاليه وفساده فساد مالي واداري وسياسي وامني ووطني.
البلد من المتميزين في العالم من حيث لبس المحابس من قبل سياسييه. وأكثر المشتغلين بالسياسة في العالم الذين يستخدمون صبغ الشعر روغان اللحية وشعر الرأس
البلد الوحيد في العالم الذي يظهر المسؤولين فيه في اجتماعاتهم الرسمية والشعبية وهم يحملون المسبحات المتنوعة.
البلد الذي فيه راتب عضو البرلمان اعلى راتب لعضو برلمان في العالم واعلى من راتب عشرات رؤساء الدول والملوك. اكثر برلمانييّ العالم من حيث عدد الحراس والخدم والمساعدين والسيارات المصفحة,
البلد الذي فيه مساحة المخازن المبردة الخاصة بحفظ الأغذية لا تستوعب واحد من مليون من وزن او عدد المواد الغذائية. فكل ما يستورد يوضع في العراء او تحت سقائف او في مخازن مسقفه غير صالحه لحفظ المواد التي تتأثر بالحرارة في بلد تصل فيه درجة الحرارة صيفا الى ما يقارب الستون درجة مئوية.

البلد الذي فيه المساحات الخضراء او الترفيهية و الرياضية للفرد لا تتعدى عدة سنتمترات مربعة مقابل اثنا عشرالى عشرين متر مربع عالمياً

البلد الذي فيه الترسبات في انابيب شبكة مجاري العاصمة تبلغ مترين من اصل قطرها البالغ 2.8متر حسب تصريح محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق عندما غرقت بغداد اخيراً

البلد الوحيد في العالم الذي يُقْتَرَحْ فيه الغاء وزارة الصناعة بسبب توقف جميع معاملها و مصانعها ( ربما واحد او اثنين تعمل بنسبة3% من طاقتها التصميمية )علماً ان غالبية معداتها اجتازت العمر الافتراضي لها اي هي في تصنيف الخردة ( سكراب لأنها انشأت منذ سبعينيات القرن الماضي ولم تواكب التطور) وكل العاملين فيها فائضين عن الحاجه الا ما ندر

البلد الذي عاصمته لا تصلح للعيش حسب تقارير المؤسسات الدولية
 
البلد الوحيد في العالم الذي كل ما فيه ملوث الهواء والماء والغذاء وحتى الدواء والارض والمباني.
البلد الذي لا توجد فيه صيدليه تنطبق عليها المواصفات العالمية وبالذات الحافظات المبردة لحفظ وعرض وخزن الادوية…وان مذاخر الادوية عباره عن بيوت ومحلات غير مكيفة ولا تراعى فيها الطرق العلمية لحفظ وخزن وتداول ونقل الادوية وهذا يشمل مستحضرات التجميل والعطور .
 
البلد الذي تباع فيه حبوب الهلوسة والمنشطات الجنسية على الارصفة وفي الساحات المهمة وفي المقاهي.
البلد الذي يفترس ارصفة شوارعه و يفترشها الباعة المتجولين لكل انواع السلع الغذائية و التكميلية.
البلد الوحيد في العالم الذي لا يتواجد رئيسه في العاصمة او المقر الرسمي له الا نادراً وهو البلد الوحيد الذي رئيسه انسان مريض و في غيبوبة ربما دائمه.
البلد الذي فيه عدد الطلاب حوالي ثمانية مليون طالب وعدد المدارس ثلاثة عشر الف مدرسه( ليست بنايه) حيث ان هناك عدد كبير من البنايات تشغلها ثلاثة مدارس منها بنايات طينيه ومنها في العراء اي ان متوسط عدد الطلاب في المدرسة الواحدة هو: بحدود اكثر من خمسمائة طالب في المدرسة والنقص ثلاثة عشر الف مدرسة و لا يعرف عدد النقص في البنايات. وجميع دورات المياه فيها قذره بشكل ملفت للنظر و لا تتوفر فيها مساحات خضراء او ملاعب وربما حتى مكتبات. يبلغ عدد الطلاب في بعض الصفوف في المناطق الكثيفة سكانيا ما بين ستين الى ثمانين طالب في الصف وان الكثير من المعلمين لا يعرفون طلابهم. ويبلغ عدد الاميين حسب احصائيات رسمية سبعة مليون مواطن.

عدد حراس رئيس الجمهورية يبلغ ستة الالاف فرد بمختلف الرتب.
البلد الوحيد في العالم الذي ليس فيه خدمة بريديه (توزيع رسائل)…و لا توجد فيه ترقيم للدور او المحلات و لا اسماء للشوارع والأزقة (طبعا ما عدا الرئيسية اقصد هنا التسميات فقط).البلد الذي لم يشاهد فيه ساعي بريد ربما منذ عشرات السنين.

البلد الوحيد في العالم الذي لا تستعمل فيه القطارات في النقل لا للأشخاص و لا للبضائع .العاصمة التي يسكنها خمسة ملايين انسان على الأقل و يتحرك فيها عدد اكثر من ذلك بكثير يومياً لم يدخلها قطار منذ عدة سنوات او لم يسمع فيها صوت قطار او لم يدخل محطتها الرئيسية قطار منذ عدة سنوات.

البلد الوحيد الذي فيه عدت ملايين من سائقي السيارات والدراجات لا يحملون رخصة قياده وان حملها البعض فهي غير نافذه لان منح رخص القيادة متوقف منذ عام 2003 الا ما ندر.
 البلد الذي أحَبْ هواية لسائقي السيارات فيه هي استخدام المنبهات بسبب او بدونه فتصور ملايين السيارات تصدح منبهاتها.
البلد الذي لم يحصل فيه اجتماع لمجلس النواب بكامل اعضاءه حيث هناك كمعدل سبعون نائب غياب والبعض منهم لم يحضر منذ انتخابه قبل عدة سنوات سوى جلست القَسَمْ

البلد الذي ليس فيه بناية واحده عدا بنايات المنطقة الخضراء ربما معزولة حرارياً في بلد تصل فيه درجة الحرار الى حدودستين درجه مئوية في الصيف. وبذلك فأنه يستهلك كميات هائلة من الطاقة سنوياً لتدفئة وتبريد الجدران. وهو في حاجه ماسة للكهرباء حيث هناك نقص كبير في انتاجها و نقلها و توزيعها.
البلد الذي تسير فيه مئات الالاف السيارات بدون لوحة الارقام.
البلد ربما الوحيد الذي لا يُنّظِمْ السير فيه رجال المرور رغم تواجدهم في التقاطعات وبأعداد مناسبة او الإشارات الضوئية رغم اشتغال الكثير منها وانما سائقين لم يحملوا رخصة قيادة السيارات.(تسمى هذه الحالة تندراً بالانسيابية ). ورجل المرور يخشى السائق المخالف لأن كل السواق مخالفين ويحتمون بالعشائر.
 
البلد الذي ليس فيه ساحة نظاميه واحده لوقوف السيارات…سوى ساحة متنزه الزوراء في بغداد وساحات الفنادق العالمية…بما فيها مدن النجف و كربلاء الدينيتين ومنطقة الكاظمية والأعظمية الدينيتين في بغداد.
البلد الذي ليس فيه مطعم او مقهى او فندق فيه عامل واحد متخصص بخدمته.(ما عدا الفنادق العالمية الكبرى)في بغداد.
البلد الذي يتوسل فيه الاستاذ الجامعي بكاتب عرائض(عرضحالجي) ليكتب له طلب الى اي دائرة رسمية يحتاج مراجعتها.
ربما من البلدان القلائل الذي تُكْتَبْ المعلومات في وثيقة الجنسية بخط اليد. لنا قصه في ذلك سنرويها لكم في جزء آخر

البلد الذي عاصمته لا توجد فيها دورة مياه (مرافق صحيه) نظيفة.
البلد الوحيد ربما في العالم الذي تستطيع ان تتزوج فيه بالساعة (اي استعمال مؤقت) وحسب ما تقرر وبسرعه فائقة ويقوم بذلك رجال الدين كوسطاء.

البلد الذي يستورد كل شيء(خضروات فواكه مواد غذائية اخرى…علكه…شيبس…حتى اكثر المواد تطورا)…البلد الذي سيتحول الى مزبلة بلاستيكية كبرى في المستقبل القريب.
 
البلد الذي ينتج ربما اقل من1/100000(عدد او وزن) من احتياجاته الحياتية كافة. أي لا يوجد فيه شيء مكتوب عليه صنع او زرع او انتج في العراق.
البلد الذي تجد امام كل دائرة رسميه فيه بائع شاي وسيكَاير كما كان سائراً في الخمسينات من القرن الماضي
اكثر عاصمه في العالم تنتشر فيه الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش والسيطرة.
 
العاصمة الوحيدة ربما التي ُتقّطِعْ اوصالها كتل كونكريتيه.
البلد الذي يحوي اكبر كميه من الكتل الكونكريتية التي ربما تصل الى مئات ملايين الاطنان.
البلد الوحيد الذي عاصمته تجد فيها امام كل مدرسه او دائرة رسميه او مجمع تجاري او مسجد نقطة بوليس ونقطة تفتيش بشكل دائمي.
البلد الاول ربما من حيث التزوير والغش والسرقة…حتى تاريخ صلاحية الأدوية والأغذية يتم تزويرها. واي وثيقة تصدرها اي دائرة تحتاج الى تأييد بصحة الصدور عندما تقدمها الى دائرة اخرى .
البلد الاول في العالم الذي لا توجد فيه سيطرة وتقييس و مواصفات.
البلد الاول في العالم من حيث تجارة الأدوية الفاسدة
البلد الذي فيه نسبة الفقر قريبه23%منهم5% فقر مدقع.
البلد ربما الوحيد في العالم من حيث الكميه من النقود التي تتداول يدويا يوميا حيث ربما عشرات مليارات الدنانير …ولا توجد فيه مكائن توزيع النقود
 
اكثر بلد في العالم تتداول فيه اموال قذره.
المبالغ التي خصصت عام2012 للتربية هي اربعمائة مليون دينار من اصل ستة وسبعون مليار دينار وهذا الرقم يساوي تقريباً ثلاثمائة مليون دولار من اصل ستين مليار دولار تقريباً موازنة الدولة…في حين هناك نقص بحدود ثلاثة عشر الف مدرسه وقد قُدِرَتْ قيمة انشاء مدرسه بمليون ومائتان وخمسون الف دولار اي تحتاج الى ما يقترب من ستة عشر مليار دولار

البلد الوحيد ربما الذي لا تعرف فيه عدد الولادات و ما مسجل منها هناك ثمانية وثلاثون  وفاة لكل الف ولاده.

البلد الذي يتم فيه اصطياد السمك بعدة طرق منها باستعمال القنابل اليدوية والزرنيخ القاتل.
البلد الذي فيه 3.5 مليون موظف و1.5مليون عسكري ورجل شرطه و2مليون متقاعد.

البلد الذي فيه عيادات الاطباء تدار كما كانت قبل خمسين عام والبعض منها حالها حال الزرائب مع احترامنا للمرضى والاطباء والتي فيها الرشاوى بكثره و لا مواعيد مسبقه وانما عليك الحضور وقد تحتاج لقضاء اربعة ساعات ليصلك الدور.
البلد الذي لم تتوقع دائرة الانواء الجوية سقوط المطر يوم 25/12 الذي استمر متواصلاً بحدود ستة عشر ساعه تسبب بغرق العاصمة ومدن العراق الاخرى.

البلد الذي ليس فيه وحدة لمعالجة الفضلات السائلة والصلبة تعمل او صالحة للعمل.
البلد الذي تعمل في عاصمته عشرات الالاف المولدات (مكائن شخصيه لتوليد الطاقة الكهربائية) التي تجعلها اكبر مدينه فيها ضوضاء في العالم
 
ربما البلد الاكثر تبذيراً في استهلاك الطاقة الكهربائية والماء الصالح للشرب رغم شحتهما…حيث لم يتعلم الشعب احترامهما فيتركون كل مصابيح البيت والأجهزة الكهربائية تعمل عند ورود التيار الكهربائي ليلا او نهاراً وكذلك استخدامهم للماء الصالح للشرب…ونادراً ما تجد ان انابيب الماء الحار معزولة حرارياً.

هذا بعض حال العراق والمقصود هنا (ما عدى اقليم كردستان لأني لا اعرف ماذا هناك… لكنها ربما تشترك في الكثير من الامور اعلاه مع بقية العراق…والذي يبحث عليه ان لا يتيه بالشكليات والمظاهر)…اكثر النقاط اعلاه تتخصص فيها بغداد.
لم نتكلم عن العشائرية التي تحكم الشارع العراقي والتي تتدخل في كل شيء حتى علاقة طلاب الابتدائي مع المعلمين لان على المعلم ان يدفع فصل لعائلة الطالب اذا حاسبه باي صيغه من الصيغ…
القصص في ذلك مروعه وخطيره الخصها لكم بالحكاية التأليه التي اصر من قالها لي وبتأييد ثقات انها وقعت

تقول الحكايه: ان جرذ كبير خرج من بيت ودخل بيت الجيران وتسبب برعب نتج عنه سقوط اناء فيه ما حار على فتاة…اصبحت القضية عشائرية فأفتى كبار العشيرتين بتعويض مقداره عشرة الالاف دولار تقريباً…تراضى القوم على ذلك وسلموا واستلموا المبلغ وبعد عدة ايام اثار من خرج من بيته الجرذ المشكلة من جديد لأن اهل الفتاة قتلوا الجرذ واتفقت الاطراف على تعويض قيمته عشرين الف دولار لأن القتل ليس كما الحرق
وأخر جلس مع اخرين على وليمة عشاء فقام صاحب الوليمة واحتراما له بأن قطع له اللحم ووضعه امام الضيف فما كان من الضيف الا انسحب واعتبر ذلك اهانه لأن اللحم يقطع ويرمى للكلاب او القطط وحصل على مبلغ كبير كتعويض على ذلك.

هذا عراق اليوم عراق الاحتلال والشفافية والدستور والديمقراطية حيث لا يمكن لشخص ان يطمئن دون ان يتكئ على عشيرته فبدل شركات التامين غير الموجودة هناك العشيرة
لأن اي حادث عرضي او شجار بسيط او حادث سيارة بسيط او خدش او نظره او كلمه عليك ان تستعد للكَوامه حيث عليك ان تبادر للذهاب الى اهل الطرف الثاني وتطلب سماح (عطوه) لعدة ايام تتهيأ خلالها لتحديد موعد لتصطحب اهلك وعشيرتك لزيارة الطرف الثاني ومعكم احد رجال الدين ووجهاء (فريضه) ليتم محاسبتك وتدفع المطلوب او المتفق عليه

الى اللقاء في القادمات عن العراق التالف

أحدث المقالات

أحدث المقالات