22 ديسمبر، 2024 6:53 م

عراق النتائج لا الأسباب!!

عراق النتائج لا الأسباب!!

واحدة من الأخطاء الاستراتيجية المتراكمة في العراق هي البناء على النتائج وعدم البحث في الأسباب، ما يجعل من المعالجات بعيدة عن المنطق و التاثير، فلا نحن اخترنا العلاقة بين القمع و الارهاب ولم يعترف سياسيو ” الوجه الأخر” بحقيقة عجزهم عن التسامي بالاخلاق، فقد ابتلينا بازدواجية شخصية مليئة بعقد نفسية غير منفصلة عن عدم مدنية ” الغالب و المغلوب” في صناعة القرار.
لم نتفق على تسمية للمنعطفات 1958 و 1968 و 1979 و 1988 و 1990 و ما بعدها من تواريخ قهر و انتهاك لكل قيم الأرض و السماء، فمرة نقول ثوة تموز و في أخرى نصفها بمقصلة ذبح الدستورية وفي ثالثة ننعتها بالانقلاب الملعون، مثلما نصف التجرية الثانية بكل العبارات التي يغلب فيها التمجيد على الرثاء، بحكم قهر السنين التي سبقت ذلك، و ما عاشه العراق من استعادة لانفاس الحياة الانسانية لسنوات لا ترى بالعين المجردة مقارنة بما نتج عنها من احداث لا توصف في تبعاتها الاستراتيجية التي يدفعها العراقيون منذ 1979 ولحد اليوم، بسبب القراءة غير المنطقية لطبيعة علاقات وأولويات النفوذ بالمنطقة و تاريخية التناحر التركي الايراني على الأراضي العراقية.
لقد أنطلقت أغلب ملفات التعامل العراقي الايراني من فرضية دخول الاسلام و تبعات ذلك بحكم جغرافية الحدث و تبعاته، لذلك تغلب الخطاب القومي على لغة المصالح المشتركة، شاه ايران و أخوانه بالولاء كانوا على نسق واحد باحتلال جزر الامارات العربية مقابل تنسيق العمل الفني لتعزيز مفردة الخليج الفارسي في عقول المنطقة والعالم، انه توجه الامبراطورية الفارسية لا دولة الطائفة التي صممت بطريقة لاستفزاز دول الخليج قبل غبرهم،و هو ما سارت علية الأمور بشكل تصاعدي بعد 1979، لتبدئا مماحكات النفوذ ورد الاعتبار الشخصي بعد واقعة النجف ” ذائعة الصيت” اتي أوصلت الخميني الى باريس لاجئا قبل ان يعود محررا بعد سنوات، لأن ” الوكيل المزدوج” أساء للتاريخ عندما أيد مقترح أقرانه بابعاد
” ضيف العراق” من النجف ، بزعم عدم تأثيره في الشارع الايراني بينما الصحيح هو الوحيد الذي رفض النهوص للسلام على شاه ايران بكامل سطوته عام 1963عكس أقرانه من وفد علماء الدين الايرانيين ، تلك القراءة ” الملغومة” استخباريا كانت الامتداد الطبيعي للتفسير الاستفزازي لرسالة “السلام على من أتبع الهدى” تلك المفردات الخمس التي فتحت أبواب جهنم على الشعبين العراقي و الايراني و لاتزال، فهناك شحن أمبراطوري فارسي لا توجهات دولة مذهبية فتية، فالشاه رضا بهلوي دق مسمارا كبير باحتلال جزر الامارات العربية، و
النظام البديل واصل المهمة متحزما بـ” عرش سبأ”فالقرارات و نتائجها يحكمها هاجس عدم المصالحة مع تاريخ لم تكن أطراف النفوذ الحالية مؤثرة فيه، ، قراءة التاريخ بالمقلوب حطمت اركان الهيبة الرسمية و التاريخية للعراق لأن الحكم يتواصل بعقلية التعارض مع المنطق ، مثلما يجري منذ 13 سنة حيث سياسة الاقصاء و التخندق الطائفي هي ديدن الحياة مثلما كان الحال في زمن المعارضة قبل 2003، و القاسم المشترك في كل هذه الأنكسارات هو البناء على النتائج دون معالجة الأسباب.
لم نقرأ جيدا دوافع عبد الكريم قاسم للانقلاب على الملكية أو اسباب تشظي ” حلقة الرفاق” بعد 1972 وهل أن تأميم النفط كان بوابة لانهاء ” جيل العقلاء” ، بينما لم يكلف البعض أنفسهم عناء البحث في أسباب انتحار العراق بالكويت ، فاكتفوا بعاملي الاقتصاد و لعبة مصالح الأمم لتبقى الأمور في دائرة النتائج لا الأسباب التي من بينها صراع خفي في النفوذ القبلي قبل المصالح الوطنية، فلم تكن الكويت خنجرا في الظهر عام 1982 عندما تم تأجيل مخطط لاحتلالها، ما يعني أن الجانب النفسي في ” ريفية القراءات” له علاقة مباشرة بكل ما يعانيه العراق، فلم يتسيد أبناء المدن المشهد الأول فيه منذ عام 1958 لتبدأ مراحل تغييب ” التقاليد المدنية و ثقافة المجتمع المكتسبة” على مراحل، ، ومع ذلك يصر البعض على الاعتبار بذكاء الحرباء، بينما ننتظر من رئيس الوزراء حيدر العبادي قلب المعادلة بعد 66 عاما من عمر شعب العراق، حيث هو أول رئيس حكومة بغدادي منذ 1958.
لقد دخل العراق منذ 1990 غرفة العناية المركزة طويلة الأمد ولم يحن بعد وقت الخروج منها و السبب في الخيط المفقود بين الأسباب و النتائج، مشروع قومي يتعكز على فرضية ميتة بالولادة بعد تغيير هوية الولاءات في المنطقة حيث ولدت حرب الثمان سنوات من رحم اتفاق السلام بين مصر و اسرائيل في آذار 1979، أمة غيرت بوصلة اتجاهاتها بلعبة المصالح وعراق يمسك لوحده على كل الجمر بالمكان الخطا .. الجميع ذاهب الى التسوية و العراق لوحده يحمل سيف لا ممر أمامه سوى الاستسلام، لذلك تفككت طلاسم اللعبة لفشل سياسيي المرحلة وقتئذ بقراءة الأهمية القصوى للتاريخ 3 أحداث جسام بأشهر و بعض اركان المرحلة يمر عليها باهمال.. سقوط الشاه و اتفاقية السلام و حرب الثمان سنوات.
و مع هذا يقول الغارقون في الوهم أن وضع العراق الحالي استثنائي غيرمتفق عليه، لأن هؤلاء لم يتخلصوا من نكبة البحث في النتائج!! التي أساسها منع المواطن من الحياة الكريمة المستقرة، التي ستبقى ارضا خصبة لظهور داعش و آخواتها، طالما أستمر ايضا مفهوم العداء التاريخي لأركان مختارة في جغرافية الزمان و المكان و ايران نموذجا فيها، فصانع القرار يتكأ على الريبة لا الثقة بدليل استمر التوتر منذ تاسيس دولة العراق على ركني التبعية
الايرانية و العثمانية عام 1921 الى يومنا الحاضر.. هي دعوة لاعادة قراءة التاريخ برغبة التعرف على أسباب الكوارث لا الامعان في معالجة نتائجها بلا عقلانية، كي نتلمس طريق التخلص من عقدة الاعداء الافتراضيين على مقصلة ذبح المواطنة !!
[email protected]