18 ديسمبر، 2024 7:54 م

عراقيّاً: السّاسة والأحكام المسبقة!

عراقيّاً: السّاسة والأحكام المسبقة!

لم نستخدم في العنوان اعلاه مفردة ” ساسة ” وإنّما عَمّمناها ” بالألف واللام ” تعميماً عليهم جميعاً , إذ هؤلاء يتشابهون بالرائحة واللون والمسار .

إحتَدَّ واشتدَّ الأمر في الآونة الأخيرة , حتى بدا او غدا أنّ اولئك السياسيين وكأنّهم مُنجّمين او فلكيين يتنبّأؤن وقوع الأحداث قبل ان تقع .! وكأنّ نسبة التضخّم والتصحّر الفكري لديهم بلغتٍ اعلى مستوياتها وتجاوزته ايضاً .!

منْ قبل أن تبدأ الجولة الرابعة للحوار الستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة < وهي الأخيرة , والتي حطَّ وفدٌ عراقيٌّ رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية , الرحال في واشنطن للتمهيد لعقد جولة المفاوضات هذه , الى حين وصول رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي > , حتى شرعَ وتسرّع بعض قياديي هؤلاء الساسة بالتشكيك المسبق بنتائج المفاوضات , وتسديد الإتهامات للكاظمي بما يعني عدم نيّته المطالبة بإخراج الأمريكان من البلاد , واضافوا : أنّ القوات الأمريكية سوف تبقى في العراق , وطالبوا : بإستجواب رئيس الوزراء في مجلس النواب حول ذلك .!

التنَبّؤات والتكهّنات المسبقة او الإستباقية تختلف كليّاً وجذرياً عن التحليل السياسي ومفاهيمه ومتطلباته الموضوعية , سواءً في الميدان الأكاديمي او في طريقة عرض مثل ذلك التحليل في وسائل الإعلام , والذي يدنو او يوازي ” التحرير الصحفي ” واساليبه , وفقاً للإعلام المرئي او المقروء او المسموع . وَ وِفقاً للملموس والمحسوس معاً , فالساسة الذين يتحكّمون بمصير وبوصلة البلاد , لا علاقة لهم بالجوانب والإعتبارات الأكاديمية ولا الموضوعية او المهنية – الإحترافية في العمل السياسي وعلاقته بدبلوماسية الدولة ومتطلباتها الإجرائيّة .

على ذاتِ المسار ” الحارّ , وربما Spicy بإفراطٍ اوإسراف ” فذاتَ الساسة ومشتقّاتهم ” , وبتناسبٍ طرديٍ ” وبالتوازي وربما بالتوالي حسبَ مصطلحات علم الرياضيات ” مع ما جاءَ في اعلاه , فقد اطلقوا وشنّوا ايضاً حملةً شعواءً نوعيّة في الإعلام وبما يفوق التشكيك بتفاصيل عملية اجراء الأنتخابات ونتائجها وبشكلٍ مسبق , واتّهام الأجهزة الأمنيّة بالشروع المسبق بمجرياتها .!

وإذ الحديث عن الإنتخابات المقبلة سابقٌ لأوانه من حيث التوقيت المبكّر ” على الأقلّ ! ” , وحيثُ أنّ ” التشكيك ” عموماً هو مسألة اجتماعية مشروعة وتجمع بين معاني < Skepticism , Ambiguity , Doupt في اللغة الأنكليزية , والتي اوسع في معانيها وأبعادها من العربية > , لكنّ سمة او وصمة الشكّ او التشكيك لا ينبغي أن تتجاوز حالة الشمولية على صعيد المجتمع والدولة .! وأن تبقى حبيسةً في او على الصعيد الإجتماعي , بغية عدم تضليل الرأي العام بشكلٍ او بآخرٍ لأجل محاولة تحقيق وانجاز غاياتٍ سياسيةٍ لا يمكن تحقيقها بهذه الأساليب .!

ولعلَّ وأقلَّ ما نشير اليه في الصددِ هذا , فإنَّ ” زعيم ” او اكبر القيادات السياسية – الحزبية < والذي لا نذكر إسمه هنا > بغية عدم الإحراج ومراعاة ما يمكن مراعاته , فقد صرّحَ وحذّرَ ” قبل اسابيعٍ قلائلٍ جداً ” من التشكيك في نتائج الإنتخابات .! , واثقاً ومطمئناً من فوز قائمته الأنتخابية مسبقاً ومبكّراً .

وهذه ايضاً إحدى التناقضات العكسية السائدة بين الأحزاب والكتل والتحالفات اللواتي يجمعها الإسلام ” ونقصد الإسلام السياسي ” ومن المعيب التحدّث عن الجانب المذهبي الواحد – المشترك بين قادة وقيادات اولئك الساسة .!