23 ديسمبر، 2024 7:06 ص

عراقيون وطنيون … نقطة نظام ؟ 

عراقيون وطنيون … نقطة نظام ؟ 

نقطة نظام نعترض بها على المشهد السياسي العراقي المتصدع منذ عام ٢٠٠٣ .. عام أحتلال العراق . ما زال ساسة العراق الجدد حديثي الحنكة واللعب بملاعيب السياسة وخطوطها العريضة والبعيدة الواقعية والأمر الواقع في دوامة من الحقد والثأر ودومنيو الطائفية في لعبتها القذرة , والتي تعد اليوم لعبتهم الوحيدة في تحقيق مأربهم الدنيئة على حساب حقل البيدر في تدمير العراق وتفتيت وحدته . عاش العراقيين ردحا من الزمن تحت وطأة نظام دموي . أدت به دمويته الى تبعيث العراقيين وأن لم ينتموا .. كانت الناس تتباهى بتقديم فروض الطاعة وأيات التملق .. صباحا ومساءا .. بالروج بالدم نفديك يا صدام .
شعوب وأمم مرت بتجارب متشابهة وأطيح بانظمتها وقلاعها الكونكريتية بقوة أرادة الشعب وبنيت كيانها وبيتها الجديد على مباديء التسامح والسلم الاجتماعي والأية الكريمة ( عفا الله عما سلف ) .
تعد تجربة جنوب أفريقيا ونيلسون مانديلا هي الرائدة في تجارب الشعوب وما حققته من أنجازات ودروس في بناء الدول والشعوب في التأخي والتسامح وتحقيق السلم الاهلي والاجتماعي بعيدا عن روح الضغينة والحقد والكراهية والثأر . رغم كل ما تعرض له الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا من شتى صنوف الاضطهاد والتميز العنصري .. وما ذاقه من ويلات من فضاضة سجانييه لكنه في موقف تاريخي وأنساني سامح الجميع حتى عن سجانييه واضعا بلاده في حدقات عيونه بعيدا عن روح الثأر والانتقام لكي لا يدفع بضعف بصره وظلمه وحقده وأنتقامه خلق دواعش أفارقه .
تجربة أيران وما سمي في يومها ( الثورة الاسلامية ) عام ١٩٧٩ بعد أن سرق المشروع من الشيوعيين أصحاب وقادة المظاهرات اليومية في شوارع طهران والمدن الاخرى ضد النظام الشانشاهي حصيلة سنوات نضال طويلة أقترنت بضحايا ودماء .. لم يروق تحت التحولات السريعة بأتجاه مشروع يساري قادم جارة لدولة أفغانستان العلمانية أنذاك . تحركت تلك الدوائر لتحبط ذلك المشروع الشيوعي بمشروع سياسي مغلف بشعارات الاسلام ومدجن .. ليصل الامام الخميني بطائرة خاصة من باريس الى طهران وليعلن أيران دولة أسلامية وولاية الفقيه … وليعود بتنفيذ رغبات ومشاريع تلك الدول والدوائر التي أتت به لينتقم من الشيوعيين بزجهم في السجون والمعتقلات ولينفذ الاعدامات بقادتهم .. كيانوري .. أحسان طبري والمئات من غيرهم .
لكن يبدو حكام أيران الجدد أخذوا بوصايا وأجندة ممن أتي بهم بأية ( عفا الله عما سلف ) . أعفا الخميني عن كل رجال السافاك السابق والذي يعد بالملايين وعن رجالات الدولة السابقين ليردم الهوة بين أبناء المجتمع الفارسي ولينشر روح التسامح بدلا من الحقد والانتقام والاقصاء والاغتيالات ولينطلق بامبراطورية أسلامية بخبراتهم الميدانية مغلفه سياسيا.
في تجربة العراق بربوعه الشمالي ( أقليم كردستان ) . كاكا مسعود لعبها سياسيا صح منذ اليوم الاول من أحتلال العراق وأسقاط نظام صدام من قبل الامريكان … كان هناك أفواجا أفواجا من الاكراد بأمرة سياسة النظام السابقة بل كانوا قوتهم العسكرية الضاربة ضد مشاريع الكرد التحررية . قاتلوا بشراسة ضد أبناء جلدتهم وكان قادة جحوشهم من أصدقاء الرئيس صدام حسين تقام بينهم وعلى تداعيات أنتصاراتهم ضد شعبهم الكردي ولائم وعزائم .. لم يغفل القادة الاكراد عندما كان الرئيس صدام تهبط طائرته ويترجل منها ببدلته العسكرية على أرض قلعة دزة بضيافة القائد الجحشي أنور وتواته والذي بات اليوم مستشارا بمكتب كاكا مسعود والمئات من أمثاله … هل حنكت وبراعة كاكا مسعود فاقت حنكة ساستنا الجدد في المنطقة الخضراء ؟ . أنطلاقا من أن السياسة فن الممكنات .
تجربة أخرى قريبة وقعت في تونس الخضراء … لكن ليس بعيدة عن أراضينا سياسيا تجربة زين العابدين بن علي تعد ببعض تفاصيلها قريبة لتجربة العراق في قبضة السلطة والكرسي . لكن ممن أتوا على أنقاض نظامه صفعت وجهوهم رياح جنوب أفريقيا وتجربة مانديلا .. وأية عفا الله عما سلف . حاملين تونس في حدقات عيونهم من خلال مشروع تصالح بين أبناء الشعب الواحد رغم أنتماءاتهم وأعراقهم .
طيب … أحنه وين موقعنا وتأثيرنا من تلك التجارب بعد مرور ١٣ عاما من سفك الدماء في الشوارع العراقية يوميا , ومشروع المصالحة الوطنية ما هو الا غطاء للقضاء على من كان ومازال ضد أجندة المشروع الامريكي .
فسياسة الحقد والثأر والتهميش والاقصاء والابادة والتجاوز على كل المحرمات والدوس على قيم العراقيين وشرفهم الوطني هي منابع الارهاب في العراق .
فالقضاء على الدواعش وفروخه ليس كفيلا بتحقيق الامن والامان أذا لم تعقبها مشاريع وليس مشروعا واحدا في تعزيز الثقة بين أبناء شعبنا ونبذ الطائفية قولا وفعلا من خلال جملة خطوات بات العراقيين بحاجة ماسة لها لحجم الدمار الذي لحق بهم طيلة سنوات الحكومات المتعاقبة من عمر أحتلال العراق .
وعلى شعبنا الحذر والحيطة من مشاريع التقسيم الذي يخطط له خلف الكواليس لتفتيت وحدة العراق أرضا وشعبا ولا يفسر تمادي حكامنا الجدد في كذبهم وأدعاتهم الا أسلوبا قذرا في زرع اليأس والاستسلام لتلك المشاريع المدمرة لكيان للعراقيين .