إذ نختصر ونقتصر حديثنا على الفترة التي حصرناها من قبل منتصف القرن العشرين ” قليلاً ” والى غاية هذه الثواني .! نظراً لفظاعتها , وإذ ايضاً جرّدنا وسلخنا الألف واللام من كلمة ” عراقيون ” في العنوان , للتأكيد والتشديد على عدم التعميم وهو محال ومن وحي الخيال . وهذا التشويه الذي اصاب صورة العراق أمام الرأي العام العربي ولربما العالمي فهو نتاج وإفراز وتجسيد للمقولة او المثل الشعبي السائد ” الأخضر يحترق بسعر اليابس ” والذي قد يعني أنّ ايّ شريحةٍ اجتماعيةٍ ” مهما كانت ضيئلة العدد ” وتمارس اللامنطق والشغب والعنف في المجتمع وتتصدر ” الصورة الإعلامية ” , فأنها وكأنها تعطي انطباعاً على المجتمع برمّته من زاويةِ نظرٍ بعيدةٍ جغرافياً على الأقل .!
وللفترة او المدة الزمنية التي حصرناها هنا , فيمكن القول أنّ عمليات ” الفرهود ” المخزية التي نفّذوها عراقيون بحقّ يهودٍ عراقيين اُصلاء , فكان موعدها او تأريخها في يوم 1 حزيران 1941 , حيث هجموا الرعاع على المواطنين من الديانة اليهودية وقتلوا وجرحوا اعداداً كبيرةً منهم , ورافق ذلك تدميرهم لنحو 900 من منازلهم بعد نهب آثاثها ومحتوياتها , ومن اللافت للنظر أنّ توقيت الهجمة الفرهودية كان بالتزامن او بالتحديد المتعمد لعيد < الشفوعوت > اليهودي ! وهو عيد نزول التوراة , بالرغم من أنّ اختيار هذا التوقيت هو أمرٌ له دلالاته وبما يفوق المستوى الثقافي المنحط لهؤلاء الرعاع , وقد حدث ذلك في اعقاب فشل ثورة رشيد عالي الكيلاني , حيث دخلت القوات البريطانية في اليوم الثاني او الذي اعقب المجزرة واوقفتها كلياً .. يشار بهذا الصدد أنّ اسرائيل تسمّي ذلك ” الفرهود ” بالهولوكوست المنسي , إنما ولكنما من الغرابة تناسيه او نسيانه وعدم تخليده .!؟
الفقرة الأخرى في تشويه صورة العراق كانت وتمثّلت ليس بمجزرة قصر الرحاب والنسوة اللائي جرى اعدامهنّ صلياً فحسب , بل في طريقة واسلوب التمثيل النابي والمتوحش في جثث الوصي على العرش الأمير عبد الأله , والباشا نوري السعيد – رئيس الوزراء السابق والتي اخرجوها من قبره بعد انتحاره بيومٍ واحد , وثم اشعلوا النار فيها وربطوها بدراجتين وسحلوها في شوارع بغداد , فماذا لو مسكوا نوري السعيد حيّاً .! , والواقع إنّ ما جرى من تفاصيل التمثيل بكلتا الجثتين , فننآى ونخجل عن ذكره .!
ما يعقب تلك الفقرة بفقرةٍ اخرى تبعد مسافتها الزمنية بِ 45 سنةٍ بالتمامِ والكمال ! , فهو ما جرى في يوم احتلال الأمريكان لبغداد في صبيحة يوم 9 \ 4 \ 2003 , حيث قاموا احفاد الرعاع والحفاة والجهلة وذوي الأمراض النفسية , وبرفقة المعتوهين سياسياً وفكرياً واجتماعياً , بالهجوم الكاسح على دوائر الدولة ومنشآتها ومصانعها , ونهب وسرقة محتوياتها , ولم تقتصر تلك ” الهبّة ” على سرقات حتى الكراسي ! , بل امتدّت الى اقتلاع ” الكاشي ” او بلاطات الأرضيات , وتوسعت الى خلع الحنفيات ايضاً .! , وكان بعض هؤلاء قد جيء بهم مع القوات الأمريكة , وبعضهم من عملاء العرب .!
تجدر الإشارة مرةً اخرى , الى أنّ ما جرى في يوم الأحتلال من عارٍ مخزٍ ومخجلٍ , وكان بدعمٍ ” غير مباشر ” من الأمريكان , لكنّ كلّ العراقيين براءٌ منه دونما ادنى شكّ , على الإطلاق …ِ