23 ديسمبر، 2024 10:39 ص

عراقيون خارج الخدمة…

عراقيون خارج الخدمة…

نحن مؤبدي الأغتراب نملك وطناً في مخيلتنا ونعشقه من طرف واحد, نشتاقه ونبكيه في المناسبات او عندما نستمع الى اغنية تراثية ونملك ما يفيض عن حاجتنا من الحقوق, لنا ان نحلم بأمتلاك قصر تركه المقبور او رزمة بيوت مؤثثة في جادرية بغداد او صالحيتها فاضت عن حاجة الورثة ونسجل بأسماء ابائنا واجدادنا ما انجزه غيرهم, يحق  لنا ان نشتم حكومتنا من خلف اللسان لسهولة الأبتلاع او نهتف بأسمها محررة لأرضنا وعرضنا بعد ان سلمتها في ظروف غامضة, احرار لا قانون ولا دستور يمنعنا من ان نحلم ما استطعنا او نصرح ان تطلب الأمر ونصدق الكذب الشريف ونؤيد النفاق الأشرف, عندما نموت تملك ارواحنا الحق في ان تكتب على ثلج قبورنا اسم (العراق). احرار في ادارة شؤوننا الشخصية, نحلم ونتخيل ما نشاء ونتمرد احياناً على نفسنا وعلى المراسيم الجمهورية ورزم الأفتاء التي حكمت بمؤبدنا, انا واحد من ضحايا ذلك المؤبد, احلم كالأخرين بما لا يحلم به غيرنا, املك ديمقراطية الشك والرفض والهتاف بسقوط من يستفزني باطله واعتنق مباديء (الـلاءات) كي اكون فوضوياً اشعر بوجودي من خارج الخدمة. احلم ان تكون لي جمهورية شعبها مغفل ورؤساء حكومتها محتالون, اصالح بين الدين والدولة واجمع بيوت الله من الفاتيكان حتى مكة المكرمة مروراً بعلي الشرجي في العمارة,  

اعين لها دعاة وخطباء من الجمعة الى الجمعة حتى اذا ما تمرد شعبي العزيز  اشعل فيه الفتنة ليغتسل في دماءه ويستعيد رشده ليجدد لي بيعة القائد الضرورة. في قيلولة استرخاء احلم بما هو خير لجمهوريتي فأجعل منها وطناً للمآذن وبيوت الله ومزارات للقديسين مفروشة بثيل الدولار, وفي كل جمعة اسوق نفسي على شعبي العزيز عبر خطبة او موعظة او تصريحاً حول آخر المستجدات, واحيانا افتعل انقلاباً خفيفاً رشيقاً في بيانه الأول اعلن عن تشكيل حكومة تكنوقراط من المراجع العظام وشيوخ العشائر ورؤساء كتل العملية السياسية تحظى بمقبولية الأرامل والأيتام, اوعد شعبي بمكرمات سخية لينعموا في لذة الأنتظار. اتزوح امرأة لأكون نصفها فيقول عني الرأي العام ــ هذا رجل نصف امرأة ـــ , لماذا لا فأنا مثلاً اقل من نصف امي, عندما تلد امرأة خمسة اولاد فكل منهم لايزيد عن خمسها, اما اذا رفضن اخواتنا الكريمات هذا الأجراء التعسفي وتظاهرن وطالبن الألتزام بالشريعة السمحاء ورفضن كل اشكال المساواة ويكفي ادميتهن نصف رجل, وبما اني رئيس عادل ديمقراطي وتكنوقراط, اصدر مرسوماً جمهوري اتراجع فيه عن قراري واكرمهن بقطعة ارض تتسع للوقوف في المطبخ واعبد لهن طريقاً آمناً للذهاب والأياب بين المطبخ والسرير لا تفسد فيه سكينة الملل والتخمر عبثية المشاعر والأحاسيس والأحلام واشعة الشمس مع تقديم الأعتذار لسماحتهن. بعد الأضطرابات الأمنية اقوم بأجراء اصلاحات جذرية عبر تغيير حكومي اضع فيه الرجل المناسب في المكان المناسب فاصدر مرسوماً بتعيين شخصيات تكنوقراط نزيهة كفوءة, من الوقف الشيعي وزيراً للمالية والنفط وكالة و ومن الوقف السني وزيراً للداخلية والأمن العامة وكالة ومن الحزب الديمقراطي الكردستاني وزيراً للتصدير والأستيراد و (القچق)

وكالة ومن اجل وحدة الأمة في شراكة حقيقية اصدر مرسوماً آخراً بدمج وزارتي المحسوبية والمنسوبية وشؤون المرأة حصة للتحالف الوطني ووزارتي حقوق الأنسان وشؤون السجناء والمحكومين بالأعدام حصة لكتلة اتحاد القوى, ووزارتي المادة (140) والمتنازع عليها حصة  لكتلة التحالف الكردي. كرئيس لجمهورية احلام اليقضة تلقيت دعوة من الجارة جمهورية العراق الأسلامية لحضور القمة الــ (…. ) لأعادة تأبين الجامعة العربية, كانت الدعوة كيدية وفي احدى مطارات الجارة الشقيقة تم احتجازي واحالتي للأستجواب امام لجنة النزاهة, اعترفت وبكامل الوعي على اوهام جميع الحالمين في يقضتهم من مؤبدي الأغتراب وفتحت ملفات ذكرياتهم وتراثهم وحقهم في الحياة واعلنت برائتي من كل اشكال الفرح والأحلام او سماع الموسيقى والأغنيات ورسمت نجمة كحلية داكنة على جبيني ثم هتفت “الله اكبر” واطلقت رصاصة الرحمة في فمي, هناك من هم خارج الخدمة سيدونوا انجازاتي في مذكراتهم.