قصص كثيرة للنجاح يسجلها المشهد العراقي بالرغم من كل النكبات الامنية والتحركات السياسية المشبوهة التي لطالما انعكست سلبا على حياة المواطن البسيط في البلاد، فقصة هذا الشابة العراقية تدعونا للتأمل في حجم المعاناة التي يعيشها شبابنا اليوم بعد أن سجلت الدراسات البحثية إحصائيات مخيفة في عدد الشباب العاطل عن العمل وإنخفاض نسب الزواج بالاضافة الى التحاق أعداد منهم في صفوف التنظيمات الارهابية وعصابات الجريمة المنظمة.
وئام مثنى حسن شابة عراقية من مواليد بغداد الكرخ عام 1988م تخرجت من كلية العلوم السياسية بجامعة النهرين ببغداد عام 2010م لتحصل على شهادة البكلوريوس في علوم العلاقات الاقتصادية الدولية.
لم تتمكن هذه الشابة من الحصول على وظيفية في مؤسسات الدولة التي تنسجم مع اختصاصها الاكاديمي، وبعد معاناة طويلة مع الروتين الحكومي والفساد الذي طال آليات القبول في بعض الوزارات العراقية، قررت وئام أن تبحث عن فرصة عمل أهلية قد تساعدها في تغطية إحتياجاتها اليومية وتسهم في تقديم ما هو مناسب لأبناء شعبها.
وئام تسكن في منطقة اليرموك والتي كانت تعد ساخنة نوعا ما خلال السنوات السابقة تحدثت لنا عن قصة نجاحها والتي خطت حروفها في مركز اهلي لفحص البصر ببغداد وبالرغم من الالم الذي كان يعتصر قلبها الا إنها كانت تفتخر بنفسها لما حققته من إنجاز على مدى اربع سنوات عملت خلالها في هذا المركز الطبي.
كانت تشعر وكأنها بلا مستقبل خصوصا بعد ان تقطعت بها السبل لكي تستثمر شهادتها العلمية في خدمة بلدها وهنا قررت أن تضع لنفسها خارطة طريق يمكن من خلالها ان تسير بإتجاه إختصاص آخر لربما كان بعيدا كل البعد عن العلاقات الاقتصادية الدولية.
فعملت في مركز طبي لفحص البصر على الرغم من إنها خريجة للفرع الادبي في دراستها الثانوية وهنا بدأت في تحدي النفس اولا والمجتمع ثانيا وتمكنت من تطوير قدراتها في مضمار عملها وصار يقصدها المرضى من مختلف المحافظات العراقية لأنها تتقن ما تقوم به بشكل مهني مكنها من أن تمارس دورها الحقيقي في المجتمع
إحساسها العالي بعائلتها والحفاظ على إسمها دفعها للتعامل بكل إنسانية مع المرضى القاصدين الى هذا المركز الطبي، فهي تشعر بفرحة غامرة عندما تساعد هؤلاء المرضى من نساء و رجال وأطفال كما هي فرحتها عندما تدخل البيت مصطحبة معها هدية لإخوانها الثلاثة المنتظرين لإختهم الكبرى.
انه مشهد يتكرر كثيرا في حاضنة الواقع العراقي المؤلم، لكن صورة هؤلاء الشباب بدت أكثر إيلاما وقسوة وهي تترجم نفسها بلون النجاح لتستعرض قصص كثيرة تختلف في طريقة سردها ولكن مضمونها واحد.