سيدة نساء العالمين، من الأولين والآخرين، بنت خديجة الكبرى، ومحمد المصطفى، وزوج المرتضى، وأم المجتبى، والشهيد بكربلاء، وزينب الحوراء، إنها فاطمة الزهراء (عليهم السلام أجمعين)، أصحاب الكساء والتطهير، والمباهلة والنور والقربى، من أجلهم خلق الكون كله، وعلى رأسهم فاطمة (عليها السلام)، سر الخالق في أرضه، ترى في أبيها وحي الرسالة والنبوة، وفي زوجها روح القرآن، وفي بنيها ريحان الجنة، عاصرت أحداثاً عصيبة مصيرية، وثبتت وصمدت في الإختبار الإلهي، وكانت مثالاً للصبر والإباء، فهي بضعة نبي الأمة، صاحب قافلة المجد، والخلود والحق.
البتول (عليها السلام)، سجلت مواقف ثورية خالدة، ضد أهل النفاق والشقاق، بعد إستشهاد الرسول الكريم، محمد (عليه السلام وعلى آله الأطهار)، فهم مزقوا الأمة، وأصبحوا على شفا حفرة من النار، وأوقدوا الحقد والجاهلية من جديد، لكنها بخطبتها العصماء، أنقذت الإسلام، ووقفت على جراحاتها وراء البابن بمشاهده الأليمة، وقضت مضاجع المنافقين، والمتآمرين على الدين، وأعلنت وكشفت، من هم عبيد الدنيا ودجالوها، ومضت الى ميدان الشهادة، مطمئنة راضية مرضية، فإدخلي جنتي ورحمتي، فإذا بزئير الحق يعلو، و بالعدالة يسمو، وبحب أهل البيت يزهو.
زينب شجرة، طيبة الرائحة، وحسنة المنظر، سماها بهذا الإسم، جدها الأكرم محمد(عليه السلام وعلى آله الأطهار)، وكنيتها (أم المصائب) لما تحملته، من مشاق وأهوال، من مسيرها الى الشام، وهي عقيلة الطالبين، وزعيمة العلويات من أهل البيت، بعد إستشهاد أخيها (الحسين عليه السلام)، في رحلة الأحزان على أرض كربلاء، وقد شهد لها الإمام السجاد (عليه السلام) بالقول: (أنت بحمد الله، عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة) فوقفت مع أخيها أبو الأحرار في خندق واحد، وحطمت البلاط الأموي، والكابوس الفاسد، الذي كان جاثماً، على رقاب المسلمين.
الأمينة عل العيال، والخليفة على الجمع الممتحن، والداعية الى الصبر والثبات، لبست حجاب قضية أمها الزهراء، وإئتزرت بجلباب والدها، المسلوب حق الخلافة، لذا وقفت موقفها أمام يزيد(عليه اللعنة)، حيث قالت :(إسع سعيك، وكد كيدك، وناصب جهدك، فوالله لن تمحوا ذكرنا، ولا تميت وحينا، فهل جمعك الإ بدد، وأيامك الإ عدد)، وقد صاغت حدثاً تاريخياً، عظيماً خالداً، فإنتصرت المرأة السبية في كربلاء، أكثر من مرة. مرة للحق والإسلام، والإصلاح لأمة النبي الهادي ، ومرة أخرى للإنسانية، لأن رسالة الحسين، جهاد واسع غير مجرى الوجود.
عراقية هاشمية علوية، تنحني إكباراً، وإجلالاً وإعتذاراً، الى من قدمتا نفسيهما، من أجل الدين، وهما سفيرتا العفاف والشرف، وخير نساء الدنيا والآخرة، في وقت عمد فيه الناكثون، الى تدمير القيم الإسلامية، ومحو الدين وسنة نبيه الكريم محمد (عليه الصلاة والسلام وعلى آله الأطهار)، فما كان منهما، الإ لحفظ العقيدة، وإقامة الحجة على الأمة، وما قول الحوراء، يوم عاشوراء الإ دليل رضاها، لمشيئة البارئ(عز وجل) قائلة: إلهي تقبل هذا القربان، وإنا نفوس أبية، وأنوف حمية، وإنما خرج أخي، لطلب الإصلاح في أمة جدي.