اليوم كان حفل ختام الاسبوع الثقافي العراقي، صفقت بحرارة بعد سماعي لكلمة وكيل وزير الخارجية السيدة ماريت برغ روسلاند. سألني أحد الاصدقاء
– أعلم أنك تصفق لها بحرارة لأنها جميلة. ضحك و أكمل حديثه أنت لم تصفق للآخرين كما صفقت لها و تلاعبت حواجبه أجبته مبتسما
– نعم هي جميلة ولكن تصفيقي حقيقة لكلماتها الرائعة. تشوق صديقي لمعرفة ما قالته و طالبني شخص ثاني و ثالث بشرح ما قالته. الحقيقة لم أتذكر كل الكلمة و بينما هم يطالبونني بإعادة ما قالته ليفهموا وجهة نظر النرويج المستقبلية بشأن العراق. مرت السيدة ماريت و هي مسؤولة الملف العراقي بجانبي في طريقها خارجة الى لقاء تلفزيوني. استوقفتها عرفتها بنفسي و طلبت منها الكلمة أجابتني بكل سرور و من ثم سألت مستشارها.
– هل أعطيه اوراقي؟ فأومأ اليها موافقا. كم كنت سعيدا و أنا اشكرها و في يدي رؤية الخارجية النرويجية للعراق الجديد.
بعدها اعتلت منصة الخطابة بنت العراق زينب السامرائي ، صاحبة الحضور المميز و الجميل، المرشحة للبرلمان النرويجي. فتاة تحمل هموم الاقليات و تعمل على فتح آفاق جديدة لهم. تحدثت باللغة النرويجية و العربية، و قالت أنا ابنة العراق و النرويج و التي تسعى لخلق مجتمع متناغم يخدم كل الاطراف
. بمجرد أن انتهت من حديثها طالبني عدد ليس بالقليل لأترجم لهم ما مكتوب في الاوراق التي استلمتها من وكيل الوزير، فوعدتهم أنني سأفعل لاحقا لأن مسرحية “الفراغ ” الرائعة للفنان العراقي المبدع شوان وحيد كانت قد بدأت ، مسرحية شدت انتباهنا منذ فتح ستارة المسرح نقلت صوراَ تجريدية أكثر من رائعة عن واقعنا، تحدثت عن حياة التيه السياسي و الاجتماعي باسقاطات ذكية. صفقنا له و للفنانين طويلا لأن رسائلهم التجريدية وصلت قلوبنا و تسلم السيد شوان و على غير المعتاد جائزتين تقديريتين لجهوده في الاخراج.
مع نهاية المسرحية هممت بالخروج من القاعة سمعت صوت صديقي يطالبني بترجمة الكلمة. و آخر يرفع صوته مذكراَ ” وعد الحر دين”.
أجبتهم وعد الحر دين و لي شرف ترجمة هذه الكلمة.
نص الكلمة
عزيزي سفير العراق
عزيزي رئيس المهرجان، الاعزاء في ادارة المهرجان
اعزائي الحضور جميعا
الف شكر على هذه الدعوة التي منحتني فرصة لقائكم و اتاحت لي فرصة القاء كلمة في يوم ختام مهرجان الاسبوع الثقافي العراقي.
هذا الاحتفال هو ايضا فرصة جيدة لنستذكر التقدم في معركتنا المشتركة ضد الدولة الاسلامية و لنركز على الدعم النرويجي للعراق.
دعونا نلقي نظرة الى الماضي، قبل أكثر من ثلاثة سنوات كانت الدولة الاسلامية قد غزت و سيطرت على الموصل و أعلنت تأسيس ما اسمته دولة الخلافة.
احتلت هذه المجموعة الارهابية باستمرار اراضي جديدة، سيطرتهم و تقدمهم الوحشي أذهل العالم بأسره.
هاجمت الدولة الاسلامية في العراق و الشام بلا وازع و لا رادع الابرياء من الرجال و النساء و الاطفال.
كان اعتدائهم على السنة و الشيعة، المسيحيين و الايزيديين ، و العرب و التركمان و الاكراد، و حتى هنا في اوربا شعرنا بالاعمال الارهابية تصيبنا، اعتداءات ارهابية وحشية و جبانة من بينها عملية فرنسا و بلجيكا.
الوضع في هذا اليوم مختلف تماما عما كان عليه حين ذاك، فقط اثنان بالمئة من العراق و تسعة بالمئة من سوريا لا تزال تحت سيطرة الدولة الاسلامية. المناطق التي يتحركون فيها بحريتهم أصبحت قليلة.
في هذا الصيف و بعد حملة عسكرية تطلبت كثيرا من الوقت و الجهود تم تحرير الموصل ، و الآن تحرير تلعفر قد بدأ.
الى حد الآن تم تحرير ما يقارب خمسة ملايين انسان من سيطرة هذه المجموعة الارهابية. اثنين مليون من النازحين العراقيين عادوا الى ديارهم وذلك بالرغم من الخطورة الموجودة الى حد الآن. إلا أن قدرة هذه المجموعة على التخطيط و تنفيذ عمليات معقدة خارج معاقلهم اصبحت محدودة جدا. من ناحية ثانية توقف تدفق المقاتلين الاجانب من اوربا الى الشرق الاوسط. الاجراءات المتخذة لخنق كل مصادر التمويل للدولة الاسلامية قد فعلت فعلها.
بالمختصر: الدولة الاسلامية قد ضُغطت من كل الاتجاهات، و بدون ادنى شك فإن الدولة الاسلامية سوف تخسر هذه المعركة.
معركة تحرير الموصل تطلبت ألكثير و بطريقة غير اعتيادية، منذ الحرب العالمية الثانية لم يشهد العالم حرب مدن معقدة بهذا الشكل. كانت معاناة المدنيين فيها كبيرة للغاية و أخذت الحرب أرواح الكثيرين. بالرغم من ذلك علينا أن نذكر أن الامم المتحدة أمتدحت الجهود العراقية المبذولة للحفاظ على الناس المدنيين في الموصل. أنا من جهتي كذلك أريد أن أقر بجهود السلطات العراقية التي حافظت على ارواح المدنيين. احترام حقوق الانسان المتفق عليها عالميا هي الامر الحاسم لخلق حالة استقرار دائم في العراق بعد زوال الدولة الاسلامية.
اصدقائي الاعزاء
ساهمت النرويج بشكل فعال في التحالف الذي كافح الدولة الاسلامية في العراق و الشام و ذلك منذ تأسيس هذا التحالف في ايلول 2014. كان ذلك عندما طالب العراق بتقديم العون له للدفاع عن البلاد ضد هجوم الدولة الاسلامية، كانت النرويج أول من لبى نداء العراق.
المعركة ضد داعش هي جزء من الحرب العالمية ضد التطرف العنيف. قالت رئيسة الوزارء آرنا سولبرغ و ركزت في اقوالها مرارا و تكرارا: ” علينا واجب و مسؤولية اخلاقية لمكافحة الدولة الاسلامية في العراق و الشام و كذلك مكافحة التطرف”.
تشارك النرويج في كل المحاور التي تتطلب جهود التحالف الدولي. لدينا مشاركة بقوات عسكرية تعمل على تدريب الاجهزة الامنية في محافظة الانبار، و سنكون الطرفالصديق و الصدوق تجاه العراق بعد زوال الدولة الاسلامية.
في هذا العام سنساهم بمبلغ 200 مليون كرونة لأجراءات تصب في تحقيق استقرار الحياة المدنية في العراق. من بين الامور التي سيسخر هذا المبلغ من اجله هو اعادة بناء العراق، الصحة و اتاحة فرص التعليم للناس المدنيين في الموصل و المناطق المحررة الاخرى. النرويج مشارك كبير في الاعمال الانسانية في العراق. نحن ندعم الكثير من الامور من بينها ازالة الاألغام و المتفجرات من المناطق المحررة، لكي تتمكن معظم العوائل من الشعور بالأمان في بيوتهم.
ندعم كذلك الرنامج التمهيدي للشباب و العاطلين عن العمل. بحيث نشارك بمنح الشباب العراقي الامل والادوات اللازمة ليتمكنوا من بناء غد أفضل.
المعركة ضد الدولة الاسلامية لم تنتهي بعد لكننا كسبنا الكثير من الانتصارات. الآن نضع اساسا لمستقبل بلا “الدولة الاسلامية في العراق و الشام” و بلا نوع آخر من أنواع التطرف. نضع اساسا يضم كل العراقيين ولا يعتمد على الاثنية أو العقيدة.
المستقبل العراقي يمكن أن يصنع فقط بأيدي عراقية، لكن العراق لن يكون لوحده. ستبقى النرويج الصديق الجيد للعراق، في حربه ضد الدولة الاسلامية و في عمليات اعادة بنائه للمناطق المحررة و دعمه لوضع برامج تصب في مصلحة خلق مستقبل مشرق للعراقيين.
اقولها ثانية، شكرا على هذه الدعوة و الف شكر لكل الذين يثابرون في العمل لأجل مستقبل العراق.
بعد اسبوع يبدأ الاحتفال بعيد الاضحى. يجب أن يكون الاحتفال القادم بعيد الاضحى في
عراق خالي من الدولة الاسلامية في العراق و الشام.