23 ديسمبر، 2024 8:14 ص

عذرا .. سيدي العراق !؟

عذرا .. سيدي العراق !؟

 أراد الغراب .. الطائر الحذر .. أن يقلّد العصفور في مشيته , حين أعجب بقفزاته الرشيقة على الارض ..  فلم يفلح بذلك , ولمّا أراد ان يعود الى مشيته المعتادة لم يفلح ايضا , لانه قد نسيّها , فصار يقفز مرة  , ويمشي مرة , فانطبق على حاله القول باّنه ( تيّه المشيتين ) .. ومن الممكن ان نصف حال الناس في عراق اليوم ( نخب وعامة ) , كحال الغراب صاحب الحكاية ..  فالشعب العراقي قد رزح تحت سطوة  أعتى نظام دوكتاتوري , لعدة عقود , واعتاد اجيال من الناس على ذلك , وجاء الاجنبي الاميركي ومن حالفه , فاسقط نظام التسّلّط والقهر , وجاء بدلا منه ديمقراطية مسّلفّنه , ليسّوّقها في بيئة لم تعتاد عليها , فلم يقبل الناس البضاعة كاملة , فاخذوا الغلاف وتركوا اللباب , فلا أخذنا الديمقراطية كما هي ولا رجعنا الى ما أعتدنا عليه من شرعية القوة والغلبة …  فالديمقراطية قبل ان تكون آلّيّة لتداول السلطة ,  هي بمعناها الواعي , سلوك سياسي واجتماعي وفلسفي , وعقيدة قبل ان تكون اسلوب حكم .. فالمشكلة الاساسية التي نعاني منها في حياتنا لا تتعلق بقضايا دوستورية , وانما بطبائع وقيّم موروثة .. مغروسة في نفوس ما يسمى بــــــ ( النخب ) القافزة الى سدة الشأن العام وفي العامة ايضا … هؤلاء هم ورثة طبائع الاستبداد .. هم يفهمون السياسة بانها : مادخلت السياسة شيئا الاّ افسدته : , وانها رديف لكلمتي الدهاء والمكر , ولقد أفصح عن فهم العرب لها آنئذ , وعرّابهم معاوية  … امام العدالة علي (ع) بقوله ” وما معاوية بأدهى مني , ولكنه يمكر ويفجر , ولولا نهي النبي (ص) عن المكر والخديعة , لكنت أمكر العرب ” … هذا الفهم المنحرف عن السياسة متوارّث , بحيث انها لا تعني عندهم , الاّ التآمر والخداع والمكر لتحقيق مصالح شخصية ضيقة , وصراع على النفوذ والحكم , وان كان بحد السيف .. لهذا لا يستغرب المراقب ان سمع بان النائب الفلاني يقود مجاميع ارهابية للقتل والتفخيخ , او ان الوزير الفلاني قد سرق كذا مليار وهرب الى الخارج , او ان زيدا المسؤول عن جهاز النزاهة متّهم بقضايا فساد , او ان المدير العام الفلاني قد أحيل الى القضاء بتهم الفساد … وعلى الطرف المقابل عامة الناس او رجال الدين او الوجيه كذا , يخرج على شاشات الاعلام ليشتم ويسب افراد او جماعات , بحجة انه يمارس حقه الديمقراطي او يقطع طريقا عامة ويعطّل مصالح الوطن بحجة انه معتصم والدستور قد كفل له هذا الحق … هذا المشهد الفوضوي يبدوا انه سيبقى هو الحاكم فلا هوية نظام الحكم ( ثورية )  ولا هويته  ديمقراطية , انما هي  بين بين والتي لا تعنى سوى التخبّط و الفوضى ! ..  عذرا لك سيدي العراق لانك لاتستحق ذلك من اهلك الاغبياء .. سلام الله عليكم .
ضمير مستتر : ايها المسؤل : لا تجعل ثيابك أغلى شيء فيك , حتى لا تجدنفسك يوما , أرخص مما ترتدي ( جبران ) .