مات حمو رابي قرير العين لاحزنا وكمدا بعد ان ترك الاف القوانين التي تنظم حياة الشعوب وبذا يكون اسس اول دستور في التاريخ معتقدا ان من سيخلفه من العراقيين سيطورون تلك القوانين ويضيف ون يعدلون فيها ما يتلائم مع التطورات لكل زمان ولم يكن يدر بخلده ان ابنائه اول من سيخالف تلك القوانين ويعبث بها ؟ ولم يكن يعلم نبوخذ نصر العظيم الذي سبا اليهود واقتادهم الى بابل التاريخ ليعملوا في تنظيف الشوارع وجمع القمامة في اقسى صورالاذلال والتنكيل للشعب اليهودي المتبجح بانه شعب الله المختار وليحفر اسمه خالدا مخلدا الى الابد في ذاكرة التاريخ وذاكرة بني صهيون المتعجرفة فصاروا يعانون عقدة مزمنة اسمها العراق والعراقيين ؟؟.
ثم دارت عجلة الزمن ليجد ابناء جدو حمورابي وجدو نبوخذ نصر انفسهم متسكعون على حدود بلاد الافرنجة باحثين عن وطن أمن وكسرة خبز ياكلونها بكرامة ويحلمون برؤية مسؤول لا يسرق قوتهم وحياتهم وسعادتهم ليملئ كرشه بالسحت الحرام ويستمتع بعذابات الناس وتعاساتهم؟ وفي لحظات تاريخيه مليئة بلحظات الضعف والخنوع اصطف الاف الناس في طوابيرمن شتى المشارب والملل هاربين من بلاد علمت الانسانية كل ماله صلة بالحضارة والمدنية ليتغنى الغرب ويتبجح ان احفاد سومر واكد واشور صاروا لاجئين في بلداننا بعد ان فقدوا كل امل في اوطانهم؟ بل امسوا يلعنون الحظ الذى جعلهم ابناء بلاد الرافدين ! !.
في غابر الازمان علمتنا دروس التاريخ ان بغداد كانت عاصمة العالم فلا كتاب يطبع او يترجم الا ولبغداد يد فيه حتى ان عمنا الخليفة محمد المأمون رغم هفوته التى لاتغتفر بقتل اخيه محمدالامين بعد حصاره لبغداد كان يضع الكتاب في كفة ميزان ليضع مايكافئ وزنه ذهبا في الكفة المقابلة تشجيعا لمؤلفه ثم صرنا اليوم نعجز عن تاليف اوطبع كتاب القراءة الخلدونية للصف الاول الابتدائي ؟؟؟
وما يصعقنا اكثر من تلك الدروس التاريخية الغابرة ان اول حرف واول كلمة واول جملة واول قانون واول زقورة واول ماذنه واول مدن العالم واول حضارة واول جامعة واول كتب الشعر والطب والفن كانت في العراق !! اوان ابرع علماء الكون مثل ابن الهيثم الذى الف اكثر من 200 مؤلف اعتبرت الاولى في الكثير من العلوم المختلفة وان الكندى العالم العراقى المولود بالكوفة اول من نشر نظام الارقام في اوربا والشرق الاوسط واول من فك الشفرات وحللها وهو من ادخل القواعد للموسيقى في العالم العربي وهو من اضاف الوتر الخامس للعود !! ثم محمد الفازارى المولود بالحيرة اول من صنع اسطرلاب فى العالم الاسلامى فى حين كانت بقية اصقاع الارض تغط فى سبات عميق ؟ ثم يحضر اسم اشهر مترجم وطبيب هو حنين ابن اسحق الذي ترجم كتب ابي قراط وجالينوس وغيرهم العشرات الذين اسسوا جذور كل العلوم الانسانيه التى اقامت مختلف حضارات العالم المترامية الاطراف . وهذا مايفسر لنا اهمية العراق فى مختلف حقب التاريخ فلا انتصار يحسب لاحد ان لم يسيطر على بغداد ويتخذها عاصمة له وهولاكو مثالا لذلك وغيره من الطغاة الكثير. وليس من باب التبجح ان كل حضارات الكون التي قامت وكل العلوم التي تقدمت وتطورت تجد للعراقيين فضل فيه وبصماتهم حاضرة بكل وقت . ثم ماذا حصل ؟ لم يعد بامكاننا ان نبني وطنا يليق بذاك الارث الهائل من حضارات بلاد الرافدين ويواكب العالم المتطور وتخلفنا عن العالم بكذا سنة ضوئيه بعد ان كنا في المقدمة !!
ثم لم نكتقي بتاخرنا بل نافسنا اتعس دول العالم تخلفا وتراجعا ؟ فاحتللنا المراكز الاولى بالفساد والرشوة والسرقات المنظمة وغير المنظمة واختفت اموالا من خزائن بلدنا تكفي ان تكون ميزانية دول لعدة سنوات ؟ والادهى والامر ان تلك السرقات والجرائم قيدت ضد مجهول وهو معروف جهارا نهارا ؟؟؟ ثم انهارت منظومة الاخلاق التي طالما تباهى بها العراقيون؟ فصار حرامينا يتفاخر بسرقاته بل وينشر غسيله الوسخ على مرأى ومسمع من الناس ؟ في مشهد غريب غير مألوف بتاتا وبعضهم يتبجح بصوره مع المومسات ضاربا عرض الحائط قيم الشرف كانه يقول لاقرانه لا تتعبوا انفسكم بالجد والتعب والسهر بل تعالوا صيروا مثلي فاقصر طريق لجني الاموال والشهرة هو طريق السحت الحرام والرشوة والفساد؟.
فصارت من الامور المسلم بها ان يأخذ موظفنا رشوة ؟ بل صرنا نحضر الرشوة مسبقا فى ايدينا قبل ان ندخل اى دائرة من دوائر الدوله ! فشاعت ثقافة الانحطاط والفساد في وطننا !!
والطامة الكبرى ان المناصب المهمة لمحاربة الفساد والمفسدين صارت هي الاخرى موضع بيع ومساومة بين عصابات وحيتان المافيا الحكوميه !! فصار من الطبيعى ان تجد موظفا من هيئة النزاهة هو يطلب رشوة ويساومك لاجل ان تمشى امورك وهكذا صارت لكل منصب ثمن لمن يدفع وفي صدفة جمعتنى باحد الاصدقاء النافذين اتصل به احد المسؤولين عارضا عليه منصب لقاء دفعه مبلغا مهولا من المال؟؟؟ وعندما رفض صاحبي عرض المسؤول توقعت انه نزيه وحريص على سمعته, فسالته لم رفضت العرض ؟ فصعقتنى اجابته ! حينما قال لي انه اتفق ان يدفع ثمنا اقل مقابل منصب اهم من هذا المنصب الذي رفضه ؟؟؟ ولنتوقع كرسي الوزارة كم ثمنه ؟ وكرسى الرئاسة كم ثمنه ؟ وكرسي المدير العام وكرسي عضو البرلمان والمجلس وهكذا ؟؟؟ ثم تأتي النتائج الصادمة لنا فبغداد اسوأ مدينة للعيش في العالم والعراق الاول بالفساد عالميا حتى اننا سبقنا الصومال وجيبوتي !! ولا صناعة ولا زراعة ولا حضارة ولا تقدم ولا انتاج فقط استهلاك ورشاوى وفساد وقهر وظلم وكراسي تباع هنا ومناصب تشترى هناك وياخوفي يصل البيع والشراء الى كرسي القاضي وكرسي المعلم وكرسي امام المسجد وحتى كرسي المعوقيين وعاشت بلاد النهرين صاحبة اولى الحضارات والمجد لحمورابي ونبوخذنصر والخلود لبابل واشور واكد والفاتحة على روح العراق طالما بقى مرهون بيد الخونة والفاسدين والحرامية ؟؟؟