18 نوفمبر، 2024 12:55 ص
Search
Close this search box.

عدوة الشعوب بجدارة

عدوة الشعوب بجدارة

الجميع يستطيع الجزم بلا عناء ، أن المقصودة هي أمريكا ، هذا ما دأبتُ على سماعه منذ نعومة أظفاري  ، وكنتُ أعتقد  أنه مصطلح غير عادل ، قد استخدمه اليسار المتطرّف ، والشيوعيون ، وحتى القوميون ، رغم ان ذاكرتي مليئة بالصور المُرعبة لجرائم أمريكا بحق الدول المتطلّعة للحرية كفيتنام .
نبدأ  ببريطانيا ، وما أدراك ما بريطانيا ، هي غنية عن التعريف ، هي المسؤولة عن كل مصائب العالم ، بريطانيا صاحبة الأيديولوجية العنصرية والمتعصّبة ، المترسّخة فيها ، وأن كانت تدّعي العكس  حسب قول سياسيّوها ، فكل السياسيين كاذبون من واشنطن الى بغداد  .
بريطانيا المتعالية التي استعبدت العالم ، والتي زرعت (اسرائيل) المادة الدسمة لمتاجرة  دكتاريونا بها ، وتبقيهم على كراسيهم ، والتي ترى نفسها أعلى شأنا من باقي الخلقْ ، ولا تزال ، منذ قرون كانت تنفي مجرميها (الثّقال) ، ممن لا يمكن أصلاحه ، الى أرض جديدة في نهاية العالم ، كان (كولومبس)  قد أكتشفها منذ اربعمائة عام ، ويا ليت لم يكتشفها ، وتحوّلت (كانتونات) المجرمين تلك من النساء والرجال المنحرفين ، الى مجتمعات ، وصارت دولة ، أسمها (أمريكا) .
ومنذ ذلك الحين ، كانت القوة الغاشمة هي سيدة الموقف ، كلّنا يتذكّر أفلام (الكاوبوي) ، وحفلات القتل في الحانات ، وهي قصص حقيقية ، وكيف كانت أمريكا يحكمها قطّاع الطرق ، وقتل البشر فيها اسهل من قتل الكلاب ، وقاموا بأبادة شعب بأكمله من سكان أمريكا الأصليين ، الذين يعيش ما تبقّى منهم في (محميات) متناثرة هنا وهناك ، ولطالما أنبرت وسائل أعلامهم ، وأفلامهم السينمائية على تصويرهم وكأنهم مجرمون بالفطرة ، لا تنفع معهم الا الأبادة !.
حتى الأنكليز في داخلهم ، يعتبرون أنفسهم ارفع شأنا من الأمريكان ، والأمريكان يعتبرون الأنكليز (متعجرفين) ، ولعمري أن كلا الفريقين على حق في وصف صاحبه !.
كان العالم مكتفيا من شر أمريكا كونها كانت منعزلة ، وكانت بريطانيا هي التي تلعب دور (الشرّير) ، حتى مطلع القرن العشرين ، وبالذات عند الحرب العالمية الأولى ، حيث برزت كقوة فاعلة مؤثرة في الميزان العالمي ، وفي الحرب العالمية الثانية ، ارتكبت (أمريكا) ابشع جريمة في التاريخ برميها قنبلتين ذرّيتين على (اليابان) التي انهكتها الحرب أصلا .
وأبان الحرب الباردة في عالم يحكمه قطبان ، كانت أمريكا تصوّر نفسها كراعية لحقوق الأنسان ، والحرية والديمقراطيات في العالم على عكس المعسكر الشيوعي ، في الوقت الذي كانت جرائمها (من العيار الثقيل) ضد البشرية تتوالى ، ففي الحرب الكورية أراد قائدهم الأرعن (دوغلاس ماك ﺁرثر ) ، والذي خدمته الظروف لنيل الشهرة ، كونه كان ممثلا للحكومة الأمريكية في توقيع معاهدة استسلام اليابان ، المتعجرف والمستخف بالانسانية ، أراد القاء قنبلة ذرية أخرى على كوريا الشمالية ، وكأنها لعبة ، الا أن الرئيس الأمريكي وقتها لم يوافق ، ودفع عشرات الالاف من الجنود الأمريكان حياتهم بسبب تهوّره ومغامراته .
وفي فييتنام ، كان الأمريكان بارعون بحق بكل فنون القتل في الأبادة البشرية ، كالهجومات الكيمياوية ، فهذا ( العامل البرتقالي) ، الذي جعل من أراض واسعة من (فييتنام) بورا لا تصلح للزراعة لحد الأن ، ومشاهد جثث الأطفال المحترقة (بالنابالم) ، والقاصفات العملاقة التي تمطر الموت على ذلك البلد المبتلى .
أمريكا هي التي أخترعت واستخدمت السلاح النووي ، والكيمياوي ، والنابالم ، والقنابل العنقودية ، وحرّمتها على غيرها الا على (اسرائيل) ، وتبريرها في هذه المعايير المزدوجة ، ان (اسرائيل) لديها الحكمة التي لا تتوفر عند غيرها في استخدام هذه الأسلحة !.
أمريكا ، المنادية بالحرية والديمقراطية ، هي التي نصّبت ، وساندت الديكتاتوريات في كل دول العالم ، فمن منا لا يتذكّر ، كيف أن أمريكا تأمرت على ثورة (مصدّق) ، وأفشلتها ، أزاء شاه أيران في خمسينيات القرن الماضي ، وتآمرتْ على (سلفادور الليندي) الرئيس التشيلي الذي دخل القصر الرئاسي بالانتخابات ، لتنصّب بدله (بينوشيه) ، الذي مات وهو مطلوب في المحاكم الدولية لجرائمه المريعة ضد الأنسانية ، هي التي ساندت دكتاتور نيكاراغوا (بوكوسا) ، و (باتيستا) في كوبا ، هي التي طالما ساندت (ماركوس) ، في الفيلبين ، وحتى في العالم العربي ، ومنها بلدنا (العراق) ، الذي ادعى سياسييه المقبورين ، انهم أتوا لحكم البلد (بقطار انگلو – أمريكي) ! ، أما دول الخليج ، فحدّث ولا حرج ، ولا تعدو كونها (بقرة حلوب) ، حُرِمَ من حليبها العرب !.
الحرب العراقية –الأيرانية ، استمرت لثمان سنوات ، كان دور أمريكا صب الزيت على النار للطرفين ،وفضيحة (أيران – كونترا) خير مثال ، وأستمرت ، وفقدنا ملايين الأرواح ، وأخيرا قررت امريكا ايقافها ، ربما لأنها أرادت خفض سعر البترول ، أو ربما لتنفيذ نيَة مبيّتة ، فقامت طائرة عراقية مستأجرة من فرنسا نوع (سوبر أتندر) ، بقصف الفرقاطة الأمريكية المرابطة في الخليج لحماية ناقلات النفط الكويتية وأسمها (ستارك) بصاروخ (أكزوسيه) فرنسي ، مات على أثرها حوالي 18 جندي أمريكي ، بررت أمريكا خسارتها تلك أن رادارات الفرقاطة كانت مطفأة ! ، ولا أدري كيف لفرقاطة دولة كبرى ، أن تطفئ راداراتها في ساحة تشهد عمليات عسكرية ؟ ، كان ذلك مبررا لأمريكا للضغط لأيقاف الحرب التي عُدّتْ حربٌ منسية ، وهو ما حدث بعد ذلك بقليل !.
أمريكا هي التي زرعت بذرة الأرهاب ، ومسوخ (بن لادن) ، بدعوى مقاومة النفوذ (السوفييتي) في افغانستان ، هي التي تدير معهم (بزنس) الأرهاب الجهنمي ولا تزال ، والا لماذا لم تنفذ (القاعدة) ولوعملية واحدة ضد (اسرائيل) ، وتوجهت الينا بكل ثقلها تقتيلا وعربدة وتدميرا ؟!.
لقد مزّقت أمريكا بلدنا (العراق) ، بدعوى كاذبة ، ضد نظام لها اليد (المباشرة أو غير المباشرة) في تنصيبه على رقابنا ، لتنصب علينا سياسيين (نص ردن) ، لا يفقهون من السياسة شيئا ، اصحاب تصريحات من قبيل (الأئتلاف الكردي – الشيعي هو الذي اسقط نظام صدام)! ، وكأن الجيشَ العرمرم الذي جيشته (أمريكا) لم يكن !، و (تنصيبنا لحكم البلد ارادة الهية) ! ، وغيره من الهراء المريض الذي لم يوقف عجلة الموت للانسان البريء ، هؤلاء السياسيين المتعددي الجنسيات ، قد يئسنا منهم منذ زمن بعيد ، اليست أمريكا عدوةً للشعوب ، بجدارة ؟. .

أحدث المقالات