18 ديسمبر، 2024 12:03 م

عدنا إلى أوَّل الخطوات

عدنا إلى أوَّل الخطوات

تماهيتُ في وجعِ الأنبياء

وقلتُ بهم يهتدي الحائرُ

وقلتُ أكونُ أنا جبرئيلَ

أنا جبرَئيلُهمُ الطائرُ

سأوحي لهم بالكلامِ العجيب

ليبهجَهم كَلِمي الباهرُ

وأصبحتُ جبريلَ، صارَ جناحيَ

فعلاً خيالُهُمُ الوافرُ

وطرتُ بهم نحوَ دنيا البهاء

يظلِّلُنا جوُّها الماطرُ

نمرُّ على الصخرِ يغدو نضاراً

فيبهجُنا لونُهُ السافرُ

نمرُّ على البحرِ حوراً يكون

بهنَّ احتفى ماؤُهُ الزاخرُ

نمرُّ على الكائناتِ التي

قديماً مضى عصرُها الغابرُ

فتصبحُ حاضرةً فرطَ ما

يمورُ بها الفرحُ الذاكرُ

نفتِّشُ فيها فلا شيءَ فيها

سوى الخمرِ عتَّقَهُ العاصرُ

فنشربُ كأساً ونملأُ أخرى

فينعشُنا سكرُها الطاهِرُ

يسطِّرُنا أحرفاً من ضياءٍ

عليها ويرتعشُ الساطرُ

سكرنا بهِ وبنا وجدَ السكرَ

أيضاً هو السكرُ والساكرُ

وألهمَنا غيرَ ما قد عرفنا

من القولِ فاحتدمَ الخاطرُ

فعدنا إلى أوَّلِ الخطوات

ليشتمَها حظُّنا العاثرُ

ولم نشأِ الصحوَ من سكرِنا

ولم يصحُ صاحبُنا الزائرُ

إلى الآن نحنُ قومٌ سكارى

يغلِّفُنا العالمُ الآخرُ

إلى الآن أجسادُنا من أثيرٍ

فما حالَ من دونِها ساترُ

إلى الآن يطلبُ منا الرجوعَ

ونرفضُ.. هاجسُنا الفاكرُ

إلى من نعودُ إلى معشرٍ

يقودُهُمُ الحاكمُ الجائرُ؟

يقودُهمو كقطيعِ الشياهِ

ليجزرَهم بوركَ الجازرُ

ولم يأكلوا علفاً كافياً في

الحياةِ فأسمنُهُم ضامرُ

فمسخرةُ الشعبِ منذُ القديم

يصمِّمُها الهازلُ الساخرُ

يصمِّمُها وهمو ينظرون

إليهِ وأكثرُهُم سادرُ

فيمتدحونَ اصطبارَ الذليل

وأبشعُهُم ذلكَ الصابرُ

ويصهرُهُم مثلَ ذوبِ الحديد

ببودقةِ الذلَّةِ الصاهرُ

عليكَ اللعائنُ يا شعبُ لستَ

الأسيرَ ولكنَّكَ الآسِرُ