نظرة على الانعكاس الواسع لحركة مقاضاة المتورطين في مجزرة السجناء في إيران!
تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة كل سنة في الفترة ما بين سبتمبر وديسمبر جلستها السنوية بحضور رؤساء الدول الأعضاء، وعلى الرغم من الحاجة الماسة للنظام الديني الحاكم في إيران لحضور القمة، لكن إبراهيم رئيسي رئيس الجمهورية المعين من قبل ولي الفقيه الحاكم في إيران أعلن أنه لن يذهب إلى نيويورك في الولايات المتحدة محل انعقاد هذه الجلسة لحضور القمة هذا العام بسبب انتشار كورونا ( !)، ويدفع تصرف النظام الإيراني هذا إلى طرح هذا السؤال لماذا لم يذهب ابراهيم رئيسي الى هذه الجلسة ؟!
انعكاس حركة التقاضي من أجل دماء الشهداء في المجتمع الدولي
بعد إعلان حركة التقاضي للثأر لدماء شهداء الإبادة الجماعية سنة 1988 التي أطلقتها المقاومة الإيرانية، وجدت هذه الحركة طريقها الآن إلى جميع دول العالم ووجهت تركيز أنظار الرأي العام العالمي على دور إبراهيم رئيسي في هذه “الإبادة الجماعية” و “الجريمة ضد الإنسانية”، حيث قتل أكثر من 30 ألف من أعضاء وأنصار هذه المقاومة إثر فتوى أصدرها خميني، والآن منذ أكثر من 30 عامًا ظلت هذه القضية دون حل بسبب سياسة الاسترضاء الغربي، وأحد مرتكبي هذه الجريمة الكبرى إبراهيم رئيسي الذي تم تعيينه رئيسيا لنظام ولاية الفقيه. مهمة هذا المجرم ما هي إلا بقاء النظام واستمرار القتل والإبادة الجماعية.
اليوم، وبفضل إعلان حركة المقاضاة، يركز الرأي العام العالمي على دور إبراهيم رئيسي في “الإبادة الجماعية” و “الجريمة ضد الإنسانية”. هذا هو السبب الرئيسي لإدراج إبراهيم رئيسي في قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية في 4 نوفمبر 2017.
كان لولي الفقيه الحاكم في إيران حاجة ماسة لحضور رئيسي لجلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة كرأس بين زعماء البلاد، لكنه كان يعلم جيدًا أن كأس “مرارته” ستكون أثقل بكثير من كأس “أحلامه الجميلة”. لذلك، أرسل إبراهيم رئيسي إلى طاجيكستان حتى لا يذهب إلى نيويورك. لأن الفرق بين طاجيكستان ونيويورك كبيرا جدا. الحقيقة المهمة هنا والتي يريد خامنئي ورئيسي التستر عليها هي “حقيقة حركة المقاضاة وانعكاسها في المجتمع الدولي!
اعتراف بهزيمة النظام وانتصار المقاومة!
يوجد الآن إجماع في وجهات النظر العالمية بين مجموعة واسعة من الحكومات وقادة الدولة فضلا عن التجمعات العالمية في المجتمع الدولي المبني على الحاجة إلى التحقيق حول الجريمة المرتكبة من قبل النظام، وكانت نفس هذه الأجواء العامة التي شكلت خوف وقلق وعدم قدرة إبراهيم رئيسي على السفر إلى نيويورك وحالت دون حضوره القمة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة على الرغم من حصانته السياسية. ولذلك لا يمكن وصف هذه الحالة سوى هزيمة النظام أمام المقاومة!
وقال احد الخبراء الحكوميون بإسم “بهشتي بور” إنه ” بموجب القانون الدولي لا يمكنهم احتجاز رئيس دولة لأنه على سبيل المثال متهم بارتكاب جريمة حرب أو متواطؤ فيها”.
وأعرب محامي حكومي آخر يدعى نعمت أحمدي عن رأي مماثل أيضا قائلا: “الظروف لإنجاز مهمة هذا السفر غير ملائمة، فعلى سبيل المثال هناك محاكمة جارية لـ حميد نوري بالوقت الحاضر في ستوكهولم بالسويد، وقد ورد اسم رئيسي هناك مرات عديدة … أعتقد أن ما دفع رئيسي ومستشاريه إلى عدم حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة هي التوترات المحتمل إثارتها من قبل الإيرانيين الذين يعيشون في الخارج، والسعي لتجنب وتفادي مثل هذه الحالات … أو ما قد يقوم به الإيرانيون الذين يعيشون هناك أو المؤسسات أو المنظمات من إجراءات ضده(صحيفة جهان صنعت الحكومية18 سبتمبر2021)
وهذا اعتراف بالغ الأهمية بكراهية رئيس الجمهورية للنظام إبراهيم رئيسي ورفض وعزل النظام الحاكم في إيران وفي العالم، اعتراف بانتصار المقاومة التي قامت وتقوم بفضح جرائم هذا النظام منذ أكثر من 4 عقود بشكل صريح دون ريبة أو كلل أو ملل صادحة بصوت الشعب الإيراني في جميع أنحاء العالم وفي المحافل الدولية.
إقتدار سلطة نظام ولاية الفقيه!
قد تُصاب بنوبة عارمة من الضحك غير المتوقف عند سماع إمام صلاة الجمعة وممثل ولي الفقيه في مشهد الملا علم الهدى والد زوجة إبراهيم رئيسي حول سفر صهره (إبراهيم رئيسي المجرم) إلى طاجيكستان يقول: “رحلة خارجية مؤثرة ضد غطرسة الإستكبار وامريكا لمواجهة العقوبات الإقتصادية القائمة وكسرها وهزيمتها مرة واحدة… إيران لم تصبح بعد عضوا في معاهدة شانغهاي … وقد جاء إلينا العالم الشرقي في مواجهة العالم الغربي وخاضعين أمامنا، لقد بلغ إقتدارنا إلى هذا الحد.
رسالة زادت من ذعر رئيسي!
وقبل إقامة الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، خاطب 407 من النخبة الإيرانية من العلماء وأساتذة الجامعات والأكاديميين والأطباء والباحثين والمدراء الصناعيين ورجال الأعمال الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة رئيس الولايات المتحدة في خطاب مفتوح: “ندعو إلى رد قوي وسريع من قبل حكومتكم من خلال تصريحكم بأن رئيسي لا يمثل الشعب الإيراني”.
وأكدوا في رسالتهم على أهم المواقف السياسية والاستراتيجية لمجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية، بما في ذلك الإشارة إلى الخطوط العريضة لبرنامج النقاط العشر الذي تتبناه وصرحت بشأنه السيدة مريم رجوي قائلة: “على الولايات المتحدة أن تدعم مطالب الشعب الإيراني من أجل إقامة جمهورية ديمقراطية غير نووية قائمة على فصل الدين عن السلطة”.
والجدير والمهم بالذكر هنا أن النخب والمختصين الإيرانيين بسبب مكانتهم المهنية المتميزة في المجتمع الأمريكي يتمتعون بمكانة ووضع خاص، خاصة على مستوى الشخصيات النيابية والمنتخبة ووسائل الإعلام و مراكز الفكر والأكاديميين، و الكونغرس وحتى حكومة هذا البلد وغالبًا ما تم تنظيمهم في منظمات المقاومة الموالية لمجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية، فهي ليست فقط حركة سياسية واجتماعية قوية في المجتمع الإيراني الأمريكي، ولكنها تتمتع أيضًا بدعم واسع من الحزبين على أعلى مستويات السياسة الأمريكية. وبالتالي فإن لهم تأثير حاسم.
أثبتت رسالة النخب الإيرانية المقيمة في الولايات المتحدة حقيقة أن شعب إيران وخاصة الجزء الواعي من المجتمع الإيراني يرفضون نظام ولاية الفقيه بكامله، ويرون أنه من العار لهم ولبلادهم وشعبهم وتاريخهم أن يحضر جلاد مجزرة 1988 باسم الشعب الإيراني ويقف متحدثا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.