قدمت الأديان إجابة غير مقنعة من منظور مبدأ العدالة حول سبب تعرض الإنسان الأول البدائي لعذابات العيش عاريا في الكهوف والغابات ، وقساوة البرد والحر ، والبحث عن الطعام ، وخطر الحيوانات المفترسة .. لقد عاش أجدادنا البشر في جحيم حقيقي لمدة آلاف السنين وهذا يتعارض مع عدالة الله ورحمته التي تتحدث عنها الأديان التي تبرر حصول هذه المآسي والمعاناة وترجعها الى خطيئة آدم وأكله التفاحة التي تسببت في غضب الله عليه وإخراجه من الجنة .
على إفتراض ان إسطورة خروج آدم من الجنة صحيحة .. السؤال : ماذنب أبناء وأحفاد آدم وملايين البشر بعدهم يتحملون خطأ جدهم آدم ويدفعوا الثمن ويُعاقبوا على ذنب هم غير مسؤولين عنه ، وكيف تقبل عدالة الله معاقبة الأبرياء البشر الى آخر نهاية الحياة على الأرض بسبب آدم .. واضح ان الأديان عجزت تماما عن تقديم إجابة مقنعة لهذه الأسطورة التي تتعارض مع التفسير الأقرب الى الواقع لنشوء الحياة التي إتصفت بالعشوائية في خلق البشر وتطوره عن مخلوقات أدنى منه حسب نظرية التطور الدارويني ومحلقاتها الحديثة .
قضية أخرى عجزت الأديان عن تبريرها هي : الإبتلاء والإمتحان الرباني الذي ينزل على جميع البشر بواسطة الأوبئة والأمراض الجماعية ، والزلازل والفيضانات والأمطار ، والفقر والمجاعات وغيرها .. الأديان تفسر هذه الكوارث بأنها إختبار من الله لمخلوقاته لمعرفة طاعتها ومحبتها له .. وهذا يتعارض مع مبدأ العدالة الإلهية :
– أولا : ماذنب الأطفال والفاقدين الأهلية العقلية البشر البدائيين من التعرض للإبتلاء والإمتحان وهم بالأصل غير مدركين لطبيعة الله ومايريده منهم من طاعة مطلقة ؟
– ثانيا : الله الموصوف في كتب الأديان بالعدالة والرحمة وعلام الغيوب والعارف بأسرار القلوب .. لايليق به توريط مخلوقاته بهذه العذابات القاسية وهو القادر على معرفة أسرار نفوسهم وحجم الإيمان والطاعة لكل شخص منهم دون تعريضهم لكل هذه الكوارث ، ثم ماحاجة الله الى التأكد من طاعة المخلوقات وهو الغني عن كل شيء.
تبرير الإبتلاء لايصمد وغير منسجم مع مبدأ العدالة .. وهو الآخر لايجد تفسير معقولا لكوارث الطبيعة التي تكشف لنا عن فوضية الوجود وعشوائية حركته وعدم وجود قوى عاقلة تنظمه ، وبالتالي فإن كلام الأديان يكشف لنا انها صناعة بشرية عاجزة عن الإقناع ، وعدم وجود الله الذي تصفه في كتبها .