شعب كل ما فيه ينضح غرابة ويدعو للتامل … فمنذ الالفين وثلاثة وهذا الشعب يغط في سبات عميق لا يفسده سوى دعوات الحقد والكراهية التي تبثها هذه الجهة او تلك من الاحزاب الاسلامية( في الطرفين) والتي تتحكم به وبمقدراته . ففي الوقت الذي فشلت فيه هذه الاحزاب الاسلامية الشيعية منها والسنية في كل شيء , ابدعت في بث روح الكراهية بين ابناء الوطن الواحد ضمن مخطط دقيق تنفذها بالنيابة عن اطراف اقليمية ودولية , حولوا البلد من جرائه الى بركة من الدماء غرق الجميع فيه .
ان التحشيد الطائفي المتبادل هو جل ما تعرفه هذه الاحزاب التي تنطلق في اسسها الفكرية من احقاد تاريخية وعقد مزمنة , فالاحزاب السنية تعزف على وتر المد الصفوي الذي يريد ان يبتلع العراق لارعاب المكون السني , والاحزاب الشيعية ارعبت مكونها من الظلم الذي تعرض له على مر التاريخ وتحذر من الرجوع اليه من خلال العمق السني العربي في المنطقة . وهكذا مر العراق بدوامة مشاكل مستمرة منذ سقوط النظام البعثي ولغاية يومنا هذا , فلا يكاد يخرج من مشكلة الا ويقع في مشكلة اخرى ادهى من السابقة وامر .
على هذا استمر الشعب العراقي من المكونين في انتخاب نفس الوجوه الكالحة ونفس الاحزاب الفاشلة في كل انتخابات جرت في البلد , وظل ينتخب نفس الموتورين الاتين من قعر التاريخ لينشروا عقدهم في المجتمع , مع يقيني بان لو اعطي الشعب الخيار الكامل في الانتخابات لم يكن لينتخب احدا من الاحزاب الاسلامية, الا ان هناك نقطتان خففت من التوجهات الرافضه لهم في الشارع وهما :-
الاول …هونجاح هذه الاحزاب في ترويع كل طرف من الطرف الاخر .
الثاني … التصور الموجود عند اغلب الشعب العراقي في ان انتخابه لاحزاب غير اسلاميه هو خطا عقائدي يقترفه . وقد لعبت المرحعيات الدينية دورا اساسيا في تعميق هذا التصور لديه , فكانت المراجع تؤكد دائما على اختيار الاصلح من بين المرشحين في الوقت الذي ينعدم فيها من هو الاصلح , وكان الاجدى بالمراجع نهي الناس عن انتخاب اي من هذه الاحزاب لان صالحها هو طالح .
الدليل على الرفض الحقيقي لهذه الاحزاب هو ما نشهده هذه الايام من تظاهرات تخرج في معظم المدن العراقية … فهذه التظاهرات تعتبر رفضا ضمنيا للاحزاب الاسلامية حتى وان صبغت بمطالب تحسين الخدمات . فخوف الشعب العراقي ( من العقاب الالهي ) يمنعه من رفض هذه الاحزاب جملة وتفصيلا , ليتحول الى رفض جانب من جوانب فشلها…. والا فهل يعقل ان لا يثور الشعب على دماءه التي تسال هنا وهناك منذ الالفين وثلاثة وينتفض من اجل قطرات العرق التي يصبها صيفا؟ وهل يعقل ان ينتفض لعرق الشيوخ والنساء والاطفال ولا ينتفض لقطرات دم الشيوخ والنساء والاطفال , او ضد التدخلات الاقليمية والدولية في شئونه , وخلق روح الكراهية بين شرائح المجتمع الواحد ؟
ان اي شعب لا يثور لهذه الاشياء ويثور من اجل عرقه يكون بحاجة ملحة الى مصحة نفسية يدخلها ليتاهل فيها من جديد الى مواطن يحترم ذاته ومواطنته .
وهنا نوجه كلامنا الى هذا الشعب الذي يأن تحت حكم هذه الاحزاب الاسلامية المتخلفة .
ان كنتم تتصوروا ان بامكان هذه الاحزاب الاسلامية ان تقدم لكم حياة كريمة يوما ما فانتم واهمون , فالاتي من قعر التاريخ وعقده يسحب الشعوب معه الى قعره هذا وليس الى امام . ماذا قدمت هذه الاحزاب للشعب كي يحافظ عليها ؟ ان المنجز الوحيد لهذه الاحزاب ما عدا بث الكراهية بين المكونات هو خلق تنظيمات ومليشيات مسلحة خارجه عن القانون من الطرفين سيطرت على كل مفاصل الحياة وانهت كل ما يمكن ان نسميها بقايا دولة .
ان التاريخ يشهد بان الاحزاب الاسلامية ايا كانت معتقداتها المذهبية لم تقدم شيئا لمجتمعاتها كي تقدم لكم هذه الاحزاب شيئا . ضعوا يدكم على الجرح ولا تعالجوا اعراض المرض , فالسرطان يكون دواءه القطع وليس الترقيع .
مخطيء من يتصور ان ثورته الشاملة على هذه الاحزاب الاسلامية ستعرضه لعقاب الهي .. فالله لا يحب للعبد ان يكون ذليلا , وليست هناك جهة تحتكر الدين لنفسها وتمثله , بل سيحاسبنا الله على خنوعنا وجهلنا وعدم تجرئنا على محاربة هذه العصابات المتخلفة .
ان رجال الدين من الطرفين الشيعي والسني لم يكن لهم مهمة طوال التاريخ الا استغلال الصراعات التاريخية لتخدمهم على البقاء في صدارة المجتمع والتحكم به , ماذا قدموا طوال الف واربعمئة سنة للبشرية سوى القتل والدمار في اي مكان حلوا فيه؟ ان كنتم تتصارعون على ما فعله يزيد بالامام الحسين او ما فعله معاوية بالامام علي فبئس ما تتقاتلون عليه … ارسلوا ملفات قضاياهم الى المحاكم الدولية ليفصلوا بينهم بالحق ودعونا من هذه التراهات التي لن تنفع شيئا لا دينا ولا دنيا . لا تسمعوا لاصحاب اللحى الذين ركبوا المجتمع واستحمروه طوال هذه القرون , فان كانوا من البشر حقا ( عوضا عن كونهم مسلمين) لمنعوا سفك هذه الدماء ولارتووا من انهار الدماء هذه .
ثوروا على دمائكم لا على عرقكم … فان الله لا يحب للعبد ان يكون خانعا ذليلا .