22 ديسمبر، 2024 5:43 م

للكراسي عبيد ومرتزقة وخونة تتعبد في محاريبها وتؤمن بها ولا ترى الحياة إلا من خلالها , فالحكم هو دينها ومذهبها وكتابها , والنفس الأمّارة بالسوء إلهُها.
وعندما تجد الكراسي عبيدها وخدّامها ومرتزقتها فأن المصائب تحل بالمجتمعات والشعوب والأمم , ويتمكن منها الأعداء ويتسيّدون على وجودها.
ذلك أن عبيد الكراسي لا يعنيها من الأمور أي شيئ سوى أنها تريد البقاء في الحكم والتمسك بالظلم وعدم التراخي في قبضتها السلطوية الشديدة , التي تحسب كل الآخرين أعداءها لأنهم يطمعون بالجلوس على الكرسي العتيد الذي تتوطنه.
ولهذا فأنها تقوم بأعمال لا أخلاقية لا وطنية لا إنسانية , لكي تبعد أشباح الخطر وأوهام الإستحواذ على الكرسي من قبل غيرها , فهي في حالة من الدفاع المستميت عن الكرسي , لأنه يمثل وجودها ومصيرها وكينونتها المدججة بالشرور والقبائح المستورة المبرقعة بالنفاق والخداع والأضاليل , وبأبواق المرتزقة الذين يبررون ويسوّغون ما تقوم به عبيد الكراسي وأساطين الحكم.
أي أن الواقع عبارة عن إستذئاب وإستكلاب , بمعنى أن عبيد الكراسي يُصابون بداء الكلب فتجدهم ينهشون كل بشر يقترب منهم ويردونه طريح الموت والفناء.
والمستكلبون يتكاثرون بسرعة حول الكراسي ويتجمعون ويتحولون إلى مجاميع وعصابات , وطوابير تسعى للدمار والخراب والقتل الفظيع لكل ما يُصادفهم وينال منهم أو يتحسسون فيه الخطر والحذر.
إنها محنة سلوكية تُبتلى بها المجتمعات التي لا يضبطها قانون ولا تعترف بدستور أمين , وإنما تمضي أيامها على إيقاع الفردية والتحزبية والمذهبية , والإمعان بالتدميرية والإرادة التفريقية الساعية إلى الخسران والخراب المشين.
وقد تحققت هذه السلوكيات العدوانية فقضت على جوهر وجود العديد من المجتمعات في دولنا العربية , وصار الواقع ينذر بالإتلاف الحضاري الذي أصاب الأخضر واليابس بمقتل وإحتراب , وأدخل المجتمعات في دوائر مفرغة من التفاعلات الدامية والخرابات العارمة والدمارات المتفاقمة , وهي تمضي في منزلقات الخسران والإندحار في أعماق الهوان.
وسببها الرئيسي عبيد الكراسي الذين يترجمون مراسيم الطاعة والتبعية والخنوع لأسيادهم , الذين يوفرون لهم الحماية بأنواعها وفقا لشروط تحقيق مصالحهم وتنفيذ برامجهم وتأمين أهدافهم , فكل شيئ بثمن , فالعبيد مرتزقة والذين يحيطونهم مرتزقة من الدرجة الثانية وتتواصل درجات الإرتزاق وآليات العبث بالعباد , وهم المدّعون بأنهم أقرب إلى ربهم الذي يتعبدون في محراب ذاته , وما يقصدونه ويؤمنون به أن ربنا الكرسي وإياه نعبد وبأسياده نستعين!!
فهل لديكم برهان على أن الكرسي ليس بمَعبودٍ مَكين , في مجتمعات ذات أنين؟!!